الرهان على الوقت لخلط الاوراق قد فشل، والمناورات لإفشال العملية السياسية للتسوية التي جاءت بها المبادرة الخليجية يجب ان تنتهي، والمطلوب من كل الاطراف العمل باتجاه الوصول بالتسوية الى غاياتها التي تعيد لليمن أمنه واستقراره على قاعدة راسخة من القواسم المشتركة -وهي كثيرة- وحل كل الخلافات والاختلافات -وهي قليلة- انطلاقاً من وعي حقيقي باستحقاقات ومتطلبات المرحلة التي يمر بها الوطن، وبما يدفع الى العمل معاً لمواجهة التحديات الحقيقية التي يجابهها في هذه الفترة الفارقة الدقيقة والحساسة من تاريخ اليمن المعاصر. في هذا المنحى ينبغي الاشارة الى ان الاستعدادات الاجرائية للولوج الى مؤتمر الحوار الوطني الشامل شبه مكتملة من الناحية الفنية، لكن لاينبغي اغفال الواقع بمايحمله من صعوبات جدية وفي مقدمتها اعادة توحيد المؤسسة الدفاعية والأمنية وبمايمكن من تعزيز الأمن والاستقرار الذي مازال -رغم التحسن- هشاً بسبب تعدد مراكز النفوذ والهيمنة على هاتين المؤسستين الهامتين، ليس فقط من أجل تهيئة الأجواء والمناخات للحوار، ولكن ايضاً من أجل استعادة هيبة الدولة وانهاء حالة الإنفلات الأمني الذي شجع ضعاف النفوس على اقلاق السكينة العامة بما يمارسونه من اعمال التخريب والارهاب ويعيثون بحياة المواطنين، ونحن هنا لانقصد الارهابيين من تنظيم القاعدة فقط ولكن ايضاً المحسوبين على الأطراف التي قامت بتوزيع السلاح على من هبَّ ودب من الانصار والمحاربين بهدف ارباك المسار السياسي والأمني عبر الفوضى التي يجب ايقافها.. أما الارهاب وأية جماعة مسلحة اخرى خارج الدولة فهذه هي المعركة الحقيقية التي خاضها وسيواصل خوضها شعبنا اليمني وقواته المسلحة والأمن حتى تتحقق الدولة اليمنية الديمقراطية الموحدة الحديثة التي يتساوى أمامها كافة المواطنين اليمنيين في الحقوق والواجبات، ويكون القوي ضعيفاً أمامها حتى تأخذ الحق منه، ويكون الضعيف قوياً حتى اعادة الحق له.. دولة تسودها العدالة ويحكمها النظام والقانون، وهذا يعني انه لامكانة لمراكز القوى والهيمنة والنفوذ، وبهذا وحده سنتمكن فعلاً من بناء اليمن الجديد.. من خلال الاستعداد لتقديم التنازلات من أجل المصلحة العليا للوطن في حاضره ومستقبل اجياله. في هذا السياق نقول ان للمجتمع الدولي مصلحة حقيقية في الوقوف الداعم والمساند لهذا التوجه، وهذا يتحقق من خلال رعاية جدية للحوار، ومن خلال اتخاذ مواقف جدية تجاه كل من يحاول اعاقة مسارات التسوية السياسية ووضع العصي في دواليب مساراتها، واليمنيون ينظرون الى الموقف الاقليمي والدولي بأنه حتى الآن دون المستوى المأمول منه عند التوقيع على المبادرة الخليجية، والمطلوب رسالة واضحة للقوى السياسية التي مازالت تراهن على الفوضى أو ترى في نفسها قوة ينبغي ان تحصل استحقاقات مساوية لها على حساب اليمن ووحدته وأمنه واستقراره. لذلك نقول لكل هؤلاء ان اليمن ليس أشخاصاً او جماعات او احزاباً.. كذلك ايضاً ليس اليمن قبيلة او منطقة او مذهباً او طائفة.. يجب ان يتأكد للجميع ان اليمن وطن لكل أبنائه وهو ما يوجب علی كافة اليمنيين ان يعملوا جميعاً من أجل امنه واستقراره ونهوضه وتقدمه وازدهاره.