الملف الأهم، ملف الملفات كلها الذي سيوضع ابتداء من صباح هذا اليوم على طاولة مؤتمر الحوار الوطني هو تجسيد هدف التغيير الذي رفعت شعاره الثورة الشعبية السلمية، وفي بنده الأول بناء دولة القانون والعدالة والمساواة التي نادت بها وناضلت من أجلها الحركة الوطنية اليمنة من خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن، وما زالت طموحا يتطلع اليمنيون إلى تحقيقه في هذه الفعالية الوطنية الكبرى التي لا تتكرر كثيراً، وفي التاريخ اليمني كانت مؤتمرات حوار جزئية تحتاج إلى عقد أو عقدين ، أما حوار وطني بهذا الحجم والاتساع فلم يسبق له مثيل ، وحتى حوارات اليمنيين عشية تحقيق الوحدة اليمنية على أهميتها والإنجاز التاريخي الذي أسفر عنها ، فقد كانت مع ذلك حوارات فوقية بين النظامين الشطريين ، وغطى نبل الهدف وشعبيته على ضيق النخب المتحاورة وسلطويتها واحتكارها لمهمة رسم مستقبل اليمن آنذاك ، وهي السلطوية والاحتكار اللتان أدته لاحقا لتداعيات الأزمة ، وحرب 1994م التي لا نزال نجتر آثارها حتى اللحظة الراهنة. " التغيير في إطار وحدة اليمن وأمنه واستقراره " جملة الإطار الحاكم والناظم لمؤتمر الحوار الوطني ، وعلى كل مشارك في هذه الفعالية الوطنية الاستثنائية الكبرى أن يضع خطين بلون أحمر تحت هذه الجملة ، مستلهماً آمال وتطلعات ?? مليون يمني هدفهم الأسمى هو الدخول إلى مرحلة جديدة يجدون فيها العدل ، والمساواة أمام القانون بين الصغير والكبير ، الغني والفقير ، القبيلي والشيخ ، الغفير والوزير. تدشين مؤتمر الحوار الوطني اليوم بمشاركة ??? عضواً لا يعني أن مسؤولية الحوار مناطة فقط بهؤلاء ، فالجميع مسؤولون ومعنيون بإنجاح هذه الفعالية الوطنية الكبرى ، وتعزيز مؤتمر الحوار الوطني بالمقترحات والنقاش العام البناء حول القضايا المطروحة في جدول أعماله ، ولعل من هم خارج مؤتمر الحوار الوطني من المتخصصين وفقهاء القانون والمحامين والقضاة والكتاب والصحفيين والمثقفين ونشطاء المجتمع المدني وأصحاب الرأي من كافة المشارب والتوجهات هم الأقدر على بلورة الرؤى والمقترحات لأنهم متخففون من الضغوط النفسية ، ومتحررون من الاستقطابات والعضوية الرسمية ، وفي نهاية المطاف فالشعب اليمني كله هو من يقبل أو يرفض مخرجات الحوار ، فلا نفاذ لأي مقترحات أو تصورات أو مخرجات إلاَّ بالاستفتاء الشعبي العام على الدستور الجديد المتوقع إنجازه عقب مؤتمر الحوار الوطني ، استنادا لتوصياته وتوافقاته. أما وقد بدأ مؤتمر الحوار الوطني الآن فالمهمة الأبرز للجميع هي أن يُقِبلوا على الحوار بروح التعاون والإخاء والبحث عن القواسم المشتركة التي تحقق مصالح المجموع ، وتعزز ممكنات الاندماج والتلاحم الوطني وسيادة القانون والعدالة والإنصاف والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اليمنيين. الزمن قصير أيها المتحاورون ، وفبراير ????م ليس ببعيد ، والبديل عن نجاح مؤتمر الحوار الوطني هو العودة إلى نقطة الصفر ، وهذا هو المستحيل بعينه ، لأن إرادة ?? مليون يمني يتطلعون للحياة والكرامة والعدل والمساواة والأمن والاستقرار ، هذه الإرادة الشعبية لن تسمح لمؤتمر الحوار الوطني أن يفشل ، ومن يراهن على إرادة الشعب ومصلحته العامة وأولوياته لن يخسر أبدا ، لأن إرادة الشعوب من إرادة الله.