الشعب اليمني كله- والأشقاء في منطقة الجزيرة والخليج وأصدقائه في المجتمع الدولي- يتطلع بنظرة متفائلة إلى ممثليه في مؤتمر الحوار الوطني- بكل توجهاتهم وتياراتهم وانتماءاتهم الاجتماعية، السياسية والحزبية، وكذا من منظمات المجتمع المدني- بأنهم سيكونون في مستوى المسؤولية الوطنية التاريخية الملقاة على عواتقهم، والمتمثلة في إخراج اليمن من أوضاعه وأزماته وظروفه الصعبة والمعقدة والعمل بصدق وأمانة وبروح الوفاق الوطني لاجتياز الفترة الحرجة والدقيقة بكل إشكالياتها وتحدياتها ومخاطرها المحدقة..في هذا السياق جاءت الزيارة التي قام بها الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية يوم أمس إلى مؤتمر الحوار، مجدداً التأكيد في حديثه لفرق عمله ان المهمة جسيمة وتحتاج إلى استشعار واحساس عالٍ ووعي بما عليهم انجازه، باستيعابهم انهم يقومون بصياغة يمن جديد ومستقبل مشرق لجيل الحاضر وأجياله القادمة، مما يستدعي منهم- على تعدد مكوناتهم- أن يتخلوا عن ممارسة السياسة بعقلية حسابات المصالح الأنانية الضيقة.. كما أن المصلحة الحقيقية والعليا للوطن والشعب توجب عليهم أن يغادروا منطق المناكفات والمكايدات وكل أشكال اجترار سلبيات الماضي التي تراكماتها لم تفض بنا إلاّ إلى صرعات وحروب عبثية كانت محصلتها بؤس وآلام ومعاناة..فقروجهل وبطالة واهدارلمقدرات وامكانيات وطاقات هذاالشعب العظيم،الشعب اليمني وكرامته،وهذا كله أفرز سلطة إما شمولية وإما عصبوية تتوزعها مراكز قوى ونفوذ مجسدة بتحالف قبلي عسكري ومناطقي متخلف يعود تفكيره في إدارة البلد إلى ما قبل الدولة الوطنية. وإليهم يعود عجز اليمنيين في بنائها رغم نضالاتهم وتضحياتهم التي آن لها ان تثمر ما حلموا به وتطلعوا إليه طوال العقود الماضية التي قضت بتحقيق تغيير حقيقي ما دامت الفرصة قد واتتهم في تسوية سياسية تاريخية عبرت عنها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتي وصلت إلى المفصل المحوري المتمثل في مؤتمر الحوار الوطني الذي ينبغي أن يتعامل المشاركون فيه بجدية وصدق ووضوح وشفافية مع كل القضايا التي حددت بتسع قضايا أساسية ورئيسية متلازمة ومترابطة تتصدرها القضية الجنوبية وقضية صعدة باعتبارهما مفتاح الحلول لكل القضايا التي تستوجب إدراكاً وفهماً لحقائق الواقع الموضوعي السياسية والاقتصادية والأمنية التي تقتضي منهم النقاش لهذه القضايا بروح حريصة على اليمن وأمنه واستقراره وبناء دولته المدنية الديمقراطية الحديثة القوية القادرة والعادلة، الضامنة لمواطنيها المساواة في الحقوق والواجبات. وأن لا يكون هناك أي شكل من أشكال الظلم والإقصاء والتهميش.. والوصول إلى هذه الغاية يتطلب استعداداً لتقديم التنازلات بما يؤدي إلى وصول المتحاورين إلى الغايات الوطنية النبيلة والعظيمة لمؤتمر الحوار والذي نجاحه سوف يضمن للمشاركين في هذا الحوار الدخول إلى مراتب التاريخ من أوسع أبوابه، وستدون اسماؤهم في الذاكرة الوطنية بأحرف من نور.