يتطلّع كل اليمنيين بالكثير من التفاؤل للوصول إلى مستقبل أفضل يتشارك الجميع في تحقيقه ورسم معالمه وفق رؤى واضحة تلبّي كل الطموحات والغايات، مستقبل لا مكان فيه للصراعات أياً كان شكلها أو نوعها، ولا مكان فيه للمشاريع الصغيرة التي تختزل أحلام اليمنيين في بوتقة المصالح الضيقة الخاضعة لحسابات الربح والخسارة. فالمستقبل هو الأمل الذي من أجله يتحمّل اليمنيون اليوم كل معاناتهم وأوجاعهم وشعارهم «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» فبالأمل وحده يتغلّب اليمنيون على واقعهم المرير، وبالأمل أيضاً يتجهون نحو مستقبلهم المنشود. إلا أن هذا الأمل وتحقيقه يبقى مرتبطاً بمخرجات الحاضر ومعطياته، كما لم ولن يتأتى ما لم تصدق نوايا كل القوى السياسية وتتحمّل مسؤولياتها بكل الصدق لتجاوز إرهاصات المرحلة وما حملته من صراعات واختلافات وتباينات. إن التأسيس للمستقبل يتطلّب إجراءات فعلية وحقيقية من أجهزة الدولة المختلفة وفي مقدمتها رئاسة الدولة باعتبارها الراعي الأساس لكل ما يعتمل حالياً، إضافة إلى الحكومة الانتقالية وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية. هذه الإجراءات الفعلية والحقيقية تستهدف الإسهام الفاعل في وضع المداميك القوية والراسخة لمشروع نهضوي مجتمعي جديد أساسه التغيير؛ وقوامه الشراكة الوطنية الفاعلة بعيداً عن اجترار الماضي، وبعيداً أيضاً عن كل صور الاستفزاز واستدعاء المناكفات والمكايدات التي تقود إلى هدم كل شيء، والتأسيس للمستقبل يتطلّب وبدرجة أساسية خطاباً عقلانياً يوحّد ولا يفرّق، يجمع ولا يشتّت، ويؤمن إيماناً مطلقاً أن المستقبل هو لكل اليمنيين وليس لفئة أو حزب أو جماعة من الناس، وهو الغاية الحقيقية من كل الجهود المعتملة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وإلى جانب الخطاب السياسي العقلاني؛ تستدعي الضرورة أن تسهم الحكومة الانتقالية في تعزيز كل الإجراءات المتجهة إلى المستقبل بعوامل النجاح؛ وذلك من خلال الإيفاء بالتزاماتها ومعالجة كل الإشكالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي أثّرت على حياة المواطنين في مختلف المجالات. التأسيس للمستقبل بحاجة إلى عمل مسؤول ومُخلص من كل التيارات السياسية في الساحة الوطنية، بحاجة إلى استشعار المسؤولية الوطنية وتجاوز كل أشكال التأزيم التي نرى البعض للأسف الشديد يجترّها خلفه، ويعمل على تغذيتها بالممارسات التي تحرّض على الفوضى وإثارة القلاقل واتهام أطراف أخرى بالوقوف خلفها، لابد أن تدرك كل القوى السياسية المصطفة اليوم للتأسيس للمستقبل وصناعة التغيير أن الخطابات المتشنّجة والممارسات المضرّة بروح الوفاق والتسوية السياسية لن تؤدّي إلى الخروج بنتائج طيبة تصب في مصلحة الوطن وأبناء الشعب؛ بل ستقود إلى خلق مزيد من الفوضى التي ستنعكس تلقائياً على المصلحة الوطنية ومصالح أبناء الشعب، وتخطئ ألف مرة إن توقعت أية قوى سياسية عكس ذلك، فأعظم النار من مستصغر الشرر..!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك