الأزمة اليمنية الخانقة التي امتد عمرها إلى أكثر من أحد عشر شهراً ولم تنته بعد، تسببت بتأثيرات بالغة على الاقتصاد الوطني أولاً وعلى الأمن والاستقرار المجتمعي ثانياً.. هذه الأزمة التي لم نمر بمثلها من قبل كادت تتسبب بكارثة عظمى على الوطن لولا لطف الله العلي القدير باليمن واليمنيين وحكمة القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي تعامل معها بحكمة وعقلانية جنبت اليمن الانزلاق نحو أتون حرب أهلية يعم نارها كل مكان في الوطن.. نعم.. هدأت الأمور إلى حد ما ولكن الوضع العام لم يزل محفوفاً بالمخاطر نتيجة إصرار البعض على التخندق خلف الأنا التي لم تنفع معها مبادرات التسوية المعتملة، ونراها تسير في اتجاه مضر وغير نافع، ولا ندري متى ترعوي عن أفعالها وتدرك أن الوطن في مرحلته الراهنة يحتاج إلى تكاتف كل الجهود لإخراجه من عنق الزجاجة التي وضع فيها.. نحن أمام مرحلة وطنية في غاية الأهمية تتطلب من كل شركاء الوفاق الوطني التعامل بجدية ومسؤولية لتجاوز مترتبات الأزمة وإعادة الحياة إلى طبيعتها، ولا شك بأن تحقيق الأمن والاستقرار يأتي في مقدمة الأولويات التي ينبغي إيلاؤها كل الاهتمام والمسؤولية.. إن تحقيق الأمن المجتمعي والوطني يشكل البوابة الرئيسية للمضي نحو إنجاز الفعل الوطني القادم المتجه نحو بناء الدولة المدنية الحديثة وفق أسس ومبادئ واضحة تعمل على حماية وصيانة حرية وكرامة وحقوق الإنسان اليمني من الاعتداءات وترسي قيم البناء وفق شراكة وطنية حقيقية، بعيداً عن كل ممارسات الإقصاء والإلغاء والاجتثاث، وبعيداً أيضاً عن كل الرؤى القاصرة التي تنظر للحاضر دون المستقبل أو لليوم دون الغد.. تحقيق الأمن المجتمعي والوطني يمثل المطلب الرئيسي اليوم لغالبية أبناء الشعب إن استثنينا تجار الأزمات والحروب الذين يجدون مصلحتهم في إبقاء الوضع القائم حالياً متأزماً دون أن يشهد أي إصلاح يساير ويلبي تطلعات الشعب والوفاق الوطني.. الأمن قبل الإيمان.. هذه هي القاعدة المعروفة والواسعة لدى الناس، وبدون الأمن لا يمكن الحديث عن البناء وعن التنمية، وعن الدولة المدنية الحديثة التي نصبو إليها جميعاً.. الأمن قبل الإيمان قاعدة لا تقبل النقاش ولا يمكن إخضاعها لأنصاف الحلول..، فالأمن أساس كل شيء..، وهو نقطة البداية لتجاوز كل الإشكالات التي يعاني منها أي مجتمع من المجتمعات وأي شعب من الشعوب.. إن أبناء شعبنا اليوم يترقبون الغد بعيون مليئة بالأمل والتفاؤل، بعد أن نجح العالم بتعاون أبناء الوطن الشرفاء في حلحلة الأزمة ووضع النقاط على الحروف للسير قدماً في اتجاه تحقيق الوفاق والتوافق الوطني وإزاحة شبح الحرب الأهلية الذي كان يلوح في أفق الوطن، والمضي في اتجاه إخراج اليمن واليمنيين من أزمتهم التي كلفتهم الكثير والكثير لا سيما في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني.. إن أبناء الشعب يتمنون من كل أطراف العمل السياسي والوفاق الوطني التعاون المطلق مع اللجنة العسكرية التي تمضي في أداء مهامها ومسؤولياتها الوطنية لإزالة وإخلاء المظاهر المسلحة من كل شوارع المدن اليمنية.. وهي المهام والجهود التي ستقود إلى تحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة اليمن واليمنيين إلى الحياة الطبيعية التي لا يسود فيها غير الحب والسلام والأمن والطمأنينة.. الأمن وتحقيقه هو القاعدة الأساسية للتفرغ لبناء الوطن وإزالة كل مخلفات الأزمة والنظر إلى المستقبل بكل الصدق والمسؤولية.. فالوطن في الأول والأخير هو مسؤولية جميع أبنائه وليس مسؤولية شخص أو حزب أو جماعة من الناس.. [email protected]