بعيداً عن المزايدات والكذب وعن كل الكلمات التي نسمعها من هذا وذاك وتؤكد أن اليمن واليمنيين يمضون في اتجاه صنع التغيير وبناء اليمن الجديد، وبعيداً أيضاً عن الأماني التي لا تتجاوز مسامع من يطلقها أو يفرغها في كل وقت وحين وفي كل صغيرة وكبيرة وتذهب صوب التبشير بالغد الأجمل الذي ينتظر اليمن واليمنيين، بعيداً عن كل ذلك ينبغي علينا الإيمان والاعتراف المسبق أن الإشكالات والمعوقات كثيرة، وأنه من الصعوبة بمكان الانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة التي يطمح ويتوق إليها اليمنيون في ظل تسيُّد العصبية والمذهبية والطائفية والشللية، وفي ظل ضعف الدولة وهيبتها، وفي ظل وجود قيادات حزبية تملأها الغطرسة والنرجسية والتعالي وتسكنها الأحقاد والكراهية تجاه الآخر المختلف، وتسعى جاهدة وبكل ما أوتيت من خزي صوب ممارسة الإقصاء والتهميش بحثاً عن الهيمنة والتسلط والاستحواذ!. وإن كان البعض سيقول إن مؤتمر الحوار الوطني سيضع الحلول والمعالجات لمجمل الإشكالات الماثلة والمتسيّدة؛ فسأرد عليه بدوري وأقول انظر إلى وجوه المتحاورين ومن ثم اطلق أحكامك وابحث عن اليمن الجديد الذي تتوق إليه. لا ينبغي الاستمرار في الكذب على بعضنا واعتماد المزايدة لغة للتعامل فيما بيننا، كون كل المؤشرات تؤكد أن مؤتمر الحوار وإن نجح في صياغة معالم الدولة الجديدة التي نريدها؛ إلا أنه لن يستطيع تغيير نوايا البعض المتجهة نحو الهيمنة والاستحواذ على كل شيء، كما لم ولن يستطيع إنهاء الكراهية والأحقاد المسكونة في النفوس، وتعزيز قيم الإخاء والتسامح والمحبة بين أبناء الشعب. إن كانت هناك حقاً نوايا صادقة وإيمان مطلق بالتوجه صوب إغلاق ملفات الماضي والنظر إلى اليمن ومستقبله بكل الصدق والمسؤولية لما عُقد ما يسمّى «المؤتمر الوطني للشباب» في الوقت الذي كانت فيه توجهات لعقد مؤتمر عام للشباب يشارك فيه كل شباب اليمن ومن مختلف المكوّنات وليس من مكوّن أو فصيل حزبي معين. إن كانت هناك توجهات حقيقية من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية لرسم معالم الدولة اليمنية الجديدة وتعزيز مبادئ وقيم الشراكة والمشاركة الحقيقية في بناء الوطن لتم وقف كل الممارسات الإقصائية والاستحواذ التي يمارسها البعض ضد الآخرين المختلفين معه؛ إن كانت هناك نوايا حقيقية للاتجاه صوب بناء دولة المؤسسات لتم وقف كل صور وأشكال الفساد والتلاعب المالي والذي أضرّ كثيراً بالاقتصاد الوطني وبحياة ومعيشة المواطنين. إن ما يحدث في مؤتمر الحوار الوطني الشامل شيء، وما يُمارس على الواقع الوطني شيء آخر، وكلاهما متنافران ولا يلتقيان أبداً. ما يحدث على الواقع الوطني يعزّز الانقسام الشعبي، ويعكس مستقبلاً مليئاً بالسواد ينتظر اليمن واليمنيين، وما يحدث في قاعة مؤتمر الحوار الوطني لا يعدو عن كونه إسقاط أفكار ومسميات جديدة لدولة ستظل في اعتقادي في علم الغيب، ولن ترى النور في ظل توجُّهات الهيمنة والتسلط، وفي ظل وجود مشاريع أحادية يصرُّ أصحابها عليها دون الآخرين. نحن أمام حقائق ينبغي التوقف أمامها بعين المسؤولية لا بعين التوجُّهات الحزبية التي تبحث بعض الأحزاب من ورائها عن مصالحها دون النظر إلى مصالح الشعب وما ينفع الناس ويمكث في الأرض. ولذلك لن يتم تغليب مصلحة الوطن العليا ورسم معالم المستقبل دون التخلُّص من كل الرتوش العالقة التي تشوّه خطوات وتوجهات التغيير، ودون وضع الحلول والمعالجات الحقيقية التي تعزّز من قيم البناء والشراكة والمشاركة وتنهي كل صور الاستحواذ والهيمنة التي يمارسها البعض، والهادفة إلى تقويض كل المساعي المعتملة لبناء دولة مدنية حقيقية تلبّي طموحات وآمال الشعب. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك