ليس غريباً أن تلجأ بعض القوى السياسية والحزبية إلى الحديث بمنطق القوة واستعراض العضلات عند التعبير عن مواقفها السياسية أو الرد على خصومها السياسيين، كونها اعتادت على هذا الأسلوب لا سيما عندما تدرك أن مواقفها غير مرحب بها من هذا التيار السياسي أو ذاك.. هذا الأسلوب أصبح صفة أو ميزة تمتاز بها القوى المتطرفة التي تريد فرض السيطرة والهيمنة على ما حولها، ولا يهمها هنا إن كانت مواقف الآخرين صائبة بقدر ما يهمها أن تكون الأقوى والمتحكمة أو المسيّرة لدفة الأمور.. منطق القوة لدى هذه الأحزاب يكشف للآخر المختلف مدى القبح الذي وصل إليه العمل السياسي بالنسبة لأصحاب هذا المنطق والذي قد يدفعهم من أجل إجبار الآخر المختلف على القبول بإرادتهم وتوجهاتهم إلى استخدام وممارسة كل الأساليب المدانة.. المهم أنا ومن بعدي الطوفان.. أصحاب هذا المنطق لا يؤمنون بالحوار وإن أظهروا إيمانهم به إلا أنهم سرعان ما يكشفون عن وجوههم الأخرى والتي ترى من خلالها أن القوة هي السبيل الوحيد لأخذ ما تريد والضامن للوصول إلى ما تريد.. قاعدتهم الغاية تبرر الوسيلة..، وأي حزب يتخذ من هذه القاعدة أساساً لعمله سرعان ما يجد نفسه محاطاً بمعارضة قوية وانتقادات شديدة لا تجد وسيلة لمواجهتها سوى التهديد والوعيد والتلويح بالقوة كون غايته في الأساس فرض الهيمنة والسيطرة والاستحواذ على كل شيء!.. هذا المنطق لا يستقيم مع هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا، ولم يعد هذا الأسلوب هو النافع في عصرنا الراهن كون زمن الاستغفال والاستبداد أصبح شيئاً من الماضي، وأصبح الشعب أكثر وعياً بقضاياه، وعلى دراية كاملة بمن يعمل من أجل اليمن واليمنيين ومن يعمل من أجل مصالحه وتحقيق مشاريعه الحزبية الضيقة.. هذا المنطق الذي وجدت فيه بعض الأحزاب المتطرفة ضالتها لا يسهم في بناء الدولة ولا يدفع إلى تحقيق أي نجاح يصب في مصلحة الوطن وأبناء الشعب بقدر ما يسهم في إضعاف الدولة ويقود إلى بروز الكثير من الإشكالات..، كما أنه وهو الأهم يكون سبباً مباشراً في خلق المزيد من الصراعات التي تنعكس بطريقة مباشرة وغير مباشرة على الحياة المعيشية للمواطنين وعلى الاقتصاد الوطني، وعلى أمن واستقرار البلاد.. نحن أمام مرحلة خطيرة وحرجة تمر بها بلادنا..، وهذه المرحلة تتطلب استدعاء الحكمة بدلاً من القوة، ومن كل أساليب وممارسات الاستحواذ والهيمنة والتسلط.. مرحلة تتطلب احترام العقل وجعله وسيلة للتفاهم والتقارب وإصلاح كل الأخطاء، والابتعاد عن كل أشكال التأزيم.. مرحلة ليست بحاجة إلى استعراض العضلات بقدر ما تحتاج إلى توجه صادق ومسؤول لمعالجة مختلف القضايا الوطنية بروح جماعية تتعزز معها الشراكة والمشاركة الوطنية الفاعلة التي تستهدف إنهاء كل اشكال الصراعات وإغلاق ملفات الماضي وبدء صفحة جديدة عنوانها الوحيد والأوحد بناء اليمن والانتصار لآمال وتطلعات الشعب في التغيير.. وإلى من يحاولون استدعاء القوة لمواجهة الاختلاف القائم عليهم الاقتناع بأن ممارساتهم ستبوء بالفشل، كون العنف لا يولد إلا العنف.. وبدلاً من استدعاء منطق القوة ينبغي استدعاء قوة المنطق وإقناع الآخرين بصوابيته وبدون ذلك لا أمل في أي تصحيح أو تغيير.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك