المسار الذي يمضي فيه الحوار الوطني، والرؤى المتكاملة التي انبثقت عن مكوناته في كل ما يخص القضايا الرئيسية والاساسية، واقرار الجميع ان القضية الجنوبية هي المرتكز المحوري التي سيشكل حلها بوابة لحل كافة القضايا المطروحة امام مؤتمر الحوار الوطني، كونه الرابط المؤدي الى تكامل مسارات الحوار، وذلك ما اتضح جلياً في كل اعتمالات مجريات تعاطي المتحاورين مع متطلبات واستحقاقات النجاح منذ انطلاق فعاليات جلساته في ال18 من مارس الماضي وحتى اليوم، حيث تم خلال هذه الفترة إزالة وتجاوز الكثير من الحواجز وتبيان الحقائق كما هي لتصحح العديد من التصورات الخاطئة ليسهم ذلك بالدفع نحو استعادة الثقة ليس فقط بين المتحاورين فحسب، بل ايضاً لدى كافة اليمنيين بصفة عامة، وفي الجنوب بصفة خاصة، لاسيما بعد التوجهات الجريئة التي عبرت عنهاقرارات الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية بتشكيل لجنةاعادة المبعدين والمسرحين والمقاعدين قسراً الى أعمالهم ومعالجة وترتيب أوضاعهم، ولجنة الأراضي المنهوبة التي تم الاستيلاء والبسط عليها بطرق غير مشروعة من قبل فاسدين ونافذين الحقوا افدح الضرر ليس لأبناء المحافظات الجنوبية وإنما باليمن كله ونسيجه الاجتماعي ووحدة ابنائه الوطنية، وهذا ما يجعل المسؤولية كبيرة الملقاة على عاتق اللجنتين اللتين منحتا الصلاحيات الكاملة لحل قضايا المضررين حلاً جذرياً عادلاً ومنصفاً يجسد مصداقية أن التسوية السياسية تسير في سياقها الصحيح، وما توصلت اليه اللجنتان حتى الآن يمثل خطوات هامة على طريق رفع المظالم وجبر الضرر وبما يطمئن القوى والنفوس بأن التغيير المنشود نحو بناء اليمن الجديد يمضي الى الامام رغم ثقل وصعوبة وتعقيدات تراكمات موروث الماضي ومعضلاته التي شملت كل مظاهر ومناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وما تحقق حتى الآن يعتبر ثمرة لجهود كل الحريصين من ابناء اليمن على وطنهم وحاضر ومستقبل اجياله. وهنا لا يجب ان نغفل دعم ومساندة ووقوف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والأصدقاء في المجتمع الدولي الى جانب شعبنا ليتمكن خلال الفترة الماضية من بلورة وترجمة التسوية السياسية للمبادرة الخليجية الى وقائع تصب في اتجاه اخراج اليمن من ظروفه وأوضاعه العصيبة والمعبر عنها في السير المنتظم لمؤتمر الحوار الوطني، رغم اعتراف الجميع بما واجه ويواجه من تحديات وأخطار، وأن تجاوزها والانتصار عليها لا يكون إلاّ عبر طرح الرؤى والتصورات الواقعية والموضوعية، والتي نلمس من خلالها الاستعداد لتقديم التنازلات في سبيل الوصول الى صيغة لعقد اجتماعي جديد يؤدي الى بناء دولة مدنية تقوم على أسس تجسيد الوحدة الوطنية في وحدة العدل والوئام والمواطنة المتساوية، لا أحد فيها فوق القانون حتى تكون تجلياً لنهج الحكم الرشيد الذي يمضي بنا صوب غدٍ آمن ومستقر ومزدهر في ظله لا إمكانية لنجاح أي مسعى أو محاولة تعيدنا الى الوراء. وهكذا يكون شعبنا الحضاري العريق والعظيم بكل قواه الوطنية الديمقراطية المدنية الخيرة قد صنع من خلال الحوار يمناً جديداً، ووحدة يدافع عنها الشعب لا المدفع والدبابة.. يمن لا مكانة فيه للظلم والفساد والاقصاء والتهميش والدمار والعنف وفتاوى التطرف والتكفير والارهاب بكل اشكاله السياسية وألوانه الفكرية.. وأمزجته النفسية وانفعالاته العصبية.. يمن ترتفع فيه هامات ابنائه علواً وشموخاً وفخراً بالانتماء اليه.. يمن يرتقي الى مستوى تطلعات أبنائه المنشودة التي ناضل وضحى من اجلها في مختلف مراحل تاريخه المعاصر.