كاد المسلمون ان يتفردوا بالتناحر فيما بينهم اما ما يتصدرونه ويتميز بلا منافس فهو التحريض على بعضهم بعضا -تكفيراً وذماً وسباً واستباحة..الخ. اما الشواهد على ذلك فنستهلها بأربعين قناة تلفزيونية فضائية كرست للتحريض ويعلم الله كم من الاذاعات والصحف التي تعمل جميعها على التحريض الديني المذهبي الذي يبدأ بالكذب والتسفيه وينتهي بالافتراء والتكفير.. وعلينا ان نتخيل فقط أثر أربعين قناة فضائية ذات طابع ديني تحريضي وما يمكن ان تتركه وتخلقه من أثار سلبية ملطخة بالاحقاد والضغائن والتفرقة. ومن الوسائل الاعلامية التحريضية الى الاستخدام السيء لمنابر المساجد والمحاضرات والندوات والمنشورات ذات الدافع والهدف التحريضي المذهبي وما يمكن ان تزرعه في نفوس صغار السن ومحدودي التعليم والثقافة والوعي. وهذا ما صارت شواهد الواقع المعاش تتحدث عنه ليس في العالم العربي وحده بل وفي العالم الاسلامي من خلال الدماء والاشلاء والجثث المحترقة ودمار المباني والمنشآت الى آخر ما في سجل العنف النابع من بؤرة التحريض والكراهية وتوظيف الدين للسياسة. من الشواهد ايضاً ما لا نستمده من البلدان الاكثر سخونة وتعرضاً لدمار التحريض والتكفير المذهبي كالعراق او سورية وما تقوله احصائياتها.. ولكن سنقف سريعاً امام بلدان عربية كانت مثالاً للتعايش والتسامح الديني والمذهبي كمصر واليمن.. فهذه مصر التي عهدناها كنانة التسامح والمحبة دينياً ومذهبياً تشهد الاغتيالات بدوافع واسلحة التكفير بعد ان استهلت هذه الاعمال بالقتل والسحل في الشوارع بدافع مذهبي -قبل نهاية حكم الرئيس مرسي بأيام- من كان يتصور ذلك وفي مصر تحديداً كما يصعب على المرء ان يقبل بما يحدث في اليمن البلد الذي لم يشهد في تاريخه حرباً مذهبيةً اوفتاوى تكفيرية او صراع طائفي. فما الذي حدث حتى تقرع طبول الحرب بشعارات مذهبية وتحريض تكفيري؟ وما الذي حدث حتى تستباح حياة منتسب الى الجيش والامن او عالم او مواطن من عامة الناس جراء فتوى تكفيرية تستخدم المذهبية لتحقيق اهداف واطماع سياسية نفعية. إنها سياسة التحريض واشعال الفتن النائمة التي نأمل من دستورنا الاتحادي ان يضع الحد الفاصل بيننا وبينها وان يضع المواد القادرة على تحقيق ذلك المٌجرِّمة لكل ما يبعث فتنة ويثير نعرة ويدعو لعصبية جاهلية ويستخدم الدين والخطاب السياسي عموماً لايذاء المجتمع اليمني بما هو تحريضي تدميري.. بقي ان نشير الى نقطة في غاية الاهمية هي ان كل اعترافات او احاديث من يتم القبض عليهم في اعمال العنف واسالة الدماء تأتي ضمن اعترافاتهم ان دافعه الى تلك الاعمال هو ما تعرض له من تحريض مذهبي تكفيري استغل جهله او محدودية معارفه..نقول هذا لا تحريضاً ضد هذا ولا استعداءً ضد ذاك، ولكن للانتباه لما يهدد دولتنا ووحدتنا الوطنية وسلامنا الاجتماعي ولفت النظر الى ما تم تخطيطه للعالم الاسلامي عموماً والعربي خصوصاً وكيف تم الاستسلام لذلك.