بعيداً عن الحزبية والتعصّبات السياسية وبعيداً عن المناكفات وأي اعتبارات أخرى خصوصاً وأننا عانينا الكثير في هذا الوطن جرّاء مفاوضات تشكيل الحكومة لذلك يجب علينا جميعاً أن نتفاءل بهذه الحكومة كيفما كانت وأن تُتاح لكل أعضائها فرصة العمل، فإن عملت خيراً لهذا الوطن فهي تستحق كل الاحترام وكل الشكر والامتنان وإن لم تفعل فمصيرها كمصير سابقتها. أن تضم حكومة وجوهاً جديدة وشابة لم يسبق لها أن تلوّثت أيديهم بالفساد فهذا بحد ذاته انتصار للشعب، وأن تكون حكومة كما يُقال عنها أنه اختيرت عبر استفتاء طرحه رئيس الحكومة خالد بحاح عبر صفحته الفيسبوكية فهذا بحد ذاته أيضاً انتصار للشعب وإشراكه في اختيار سلطته التنفيذية، وأن تكون حكومة وبهذا الوقت العصيب وتمثّل المرأة فيها والشباب الغالبية فإنها انتصار للشباب والمرأة والشعب الذي ينشد التجديد ومنح المرأة والشباب فرصة القيادة والعمل من أجل الوطن. في رأيي الشخصي أطلق على هذه الحكومة مسمّى «حكومة التفاؤل» لكونها جاءت بعد مخاض عسير تجرّع الشعب خلاله الويلات الكثيرة نتيجة ما صاحبها من أزمة غذّتها التفرّقات السياسية والعنصرية والمناطقية، بل وصل الأمر حد إراقة الدماء التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء دون وجه حق فخرجت هذه الحكومة لنتفاءل حتى وإن لم تعجب البعض. من حق أيّ مكوّن سياسي أو حزبي أو اجتماعي أن يعترض على الحكومة كما جرت العادة في تشكيل الحكومات السابقة ولكن من واجبات تلك المكونات أو الأحزاب أن تسجّل اعتراضها وتتيح في نفس الوقت للحكومة الجديدة الفرصة للعمل وترك الوزراء الجدد يؤدون مهامهم وسيتبين لنا في القريب العاجل أيهما أصدق تلك الاعتراضات أو أداء الحكومة؟. الشعب لم يعد قادراً على التحمّل أكثر فهو بحاجة لحكومة تعمل بصدق من أجل أمن واستقرار البلاد وتوفير المعيشة الرغيدة لأبناء الشعب وكذا المضي قدماً في مواصلة بناء الدولة المدنية الحديثة. على الجميع التفاؤل والعمل على تذليل الصعاب أمام الحكومة الجديدة ومن حق الوزراء الجدد أن يتم منحهم فرصة لإثبات كفاءتهم وقدرتهم في خدمة الوطن والمواطن اليمني. على الجميع توحيد الصف والعمل من أجل إخراج اليمن من دوامة الأزمات والخلافات إلى بر الأمان وهو ما ينشده الجميع من قيادة الدولة وسلطتها بمختلف تكويناتها، وكذا الأحزاب والمكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشعب وهذا لن يتأتى إلا بالدعم الكامل واللا محدود للحكومة الجديدة والتي حددت في اجتماعها الأخير بأن الدور الرئيس للحكومة هو إخراج الوطن من الأزمات المركبة التي يعاني منها في كافة الجوانب وتحديدها وتنفيذ المعالجات المطلوبة لحلها، والتخفيف من حدة مترتباتها ومراعاة التنظيم الدقيق في التعامل مع تلك الأزمات وفق أولويات محددة مبنية على إزالة الآثار المباشرة لها على المواطن لتحقيق الاستقرار والسكينة العامة باستخدام كافة الموارد المتاحة على نحو مدروس ومنهجي. كما حددت الحكومة الأهداف العامة للعمل خلال المرحلة القادمة والتي تصب في مصلحة الوطن والمواطن وكذا الالتزام الكامل في تنفيذ ما يخصها في اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على البداية الصحيحة في المضي قدماً نحو العمل الجاد بل زد على ذلك دليلاً ما ذكرته الأستاذة نادية السقاف وزيرة الإعلام في مقالها الأخير في صحيفة "الجمهورية" بالنصائح التي وجهها الأستاذ خالد بحاح، رئيس الوزراء لكافة الوزراء بترتيب الأولويات ونصائح أخرى أهمها أخذ فترة شهر لدراسة الوضع واتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة. أخيراً : حكومة التفاؤل تقف أمام اختبار صعب ودقيق خصوصاً في المرحلة التي يمر فيها الوطن وهي موضوعة تحت مجهر المراقبة والتقييم من قبل الشعب أولاً فأولاً، فعليهم أن يحققوا لنا هذا التفاؤل الذي ننشده منهم في إخراج اليمن من أزماته وتثبيت الأوضاع الأمنية والاستقرار المعيشي والمجتمعي والسياسي. بعيداً عن الحزبية والسياسة والمماحكات متفائل شخصياً بحكومة ضمّت أسماءً جديدة حتى وإن شكّك البعض بها فإني كواحد من هذا الشعب انتظر بفارغ الصبر ما ستفعله هذه الحكومة من أجل الوطن والمواطن.. و إنّ غداً لناظره قريبُ. [email protected]