أصبح أغنى كنز غارق في العالم، وهو عبارة عن سفينة حربية بريطانية، كانت قد غرقت في البحر الابيض المتوسط قبل اكثر من 3 قرون، وعليها حمولة من العملات تصل قيمتها الآن الى 4 مليارات دولار، محل نزاع دبلوماسي مرير وضع اسبانيا ضد بريطانيا والولايات المتحدة وشركة اميركية تريد انتشال حطام السفينة. ويعتمد الخلاف على جوانب قديمة ومثيرة للجدل في القانون الدولي، الذي يحكم المناطق البحرية الواقعة تحت سيادة الدول وحق اصحاب حطام السفن واولئك الذين يعثرون عليها. فاسبانيا تزعم ملكية المنطقة البحرية، الواقعة امام سواحل جبل طارق. كما تدعي بريطانيا ملكيتها للسفينة المسماة «ذي ساسكس»، وتقول ان هيكل السفينة موجود خارج المياه الاقليمية، وتوصلت الى عقد مع الشركة الاميركية «اوديسي مارين اكسبلوراشين»، مقرها تامبا بولاية فلوريدا، لاقتسام عائدات انتشال الكنز المدفون في قاع البحر. وفي الشهر الماضي أنزلت سفينة تابعة للشركة، تصل حمولتها الى 250 طنا، جهاز روبوت وزنه 7 اطنان مجهزا بإضاءة وكاميرات واذرع مرنة لبداية عملية مسح لقاع البحر، وهو الخطوة الاولى في انتشال حطام السفينة الواقعة على عمق 800 متر تقريبا. والهدف هو تحديد الحطام والبحث عن العملات المفقودة، التي ترجح الشركة ان تكون من الذهب ويصل وزنها الى تسعة اطنان. وقد تراجعت اسبانيا، التي وافقت على المشروع في يوليو (تموز) من العام الماضي، عن قرارها الآن. وقال مسؤولو الشركة ان ذلك تسبب في نزاع دبلوماسي، وفي خلق ظروف خطرة في البحر، فبعدما قللت اسبانيا من قيمة المشروع، بدأت مجموعة من السفن الصغيرة الاقتراب من مكان البحث احتجاجا. وقال غريغ ستيم الشريك المؤسس ل«اوديسي»: «لقد شعرنا بالاحباط من السلوك الخطر وغير المهني من بعض السفن المحلية. واننا نطلب تصحيح الوضع القانوني لمنع مثل هذه التصرفات في المستقبل». واضاف ستيم انه في الاسبوعين الماضيين «تحولنا الي مادة صحافية في الصفحات الاولى من الصحف في جميع انحاء اسبانيا». وقد رفضت السفارة الاسبانية في واشنطن التعليق، واشارت الى بيان صادر عن وزارة الخارجية الاسبانية على موقعها في الانترنت. ويقول هذا البيان انه يجب على «اوديسي» وقف نشاطاتها على الفور، لانها فشلت في تنفيذ الشروط التي طلبتها اسبانيا. وافادت الشركة بأن اسبانيا طلبت، عبر القنوات الدبلوماسية، من الشركة وقف عملياتها، الى أن يعين اقليم الاندلس المجاور لجبل طارق والمتمتع بحكم ذاتي والمطالب بملكية حطام السفينة، خبيرا لمراقبة عمليات الانتشال. وقالت اسبانيا ان اقليم الاندلس لم يعين من قبل خبيرا لانه كان يعتقد بان «اوديسي» تعمل بدون تصريح مناسب. اما شركة «اوديسي» ووزارة الخارجية الاميركية فتقولان، ان اسبانيا تتجاهل تاريخا من الاتفاقيات والتفاهم مع الشركة الاميركية. وقد بدأت القصة في عام 1694، عندما كانت السفينة الحربية الانجليزية «ذي ساسكس» تقود اسطولا كبيرا من السفن الانجليزية والحليفة في طريقها للبحر المتوسط للمشاركة في حرب ضد التوسع الفرنسي. وكانت سفينة القيادة، وهي سفينة بريطانية جديدة مجهزة ب80 مدفعا وتحمل 500 رجل، تحمل ثروة صغيرة لشراء ولاء دوق سافوي، الا ان الاسطول الصغير تعرض لعاصفة بالقرب من مضيق جبل طارق، وغرقت«ذي ساسكس» بحمولتها، ولم ينج سوى بحارين اثنين. وفي الفترة ما بين عامي 1998 و2001 اجرت شركة «اوديسي» اربع حملات امام سواحل جبل طارق، وعثرت على ما تعتقد السلطات البريطانية، انها السفينة «ساسكس». وقد جرت العمليات الاستكشافية بموافقة من السلطات البريطانية، واعلنت النتائج الاولية في فبراير (شباط) 2002. وفي اواخر تلك السنة وقعت شركة «اوديسي» اتفاقية مع الحكومة البريطانية لانتشال الكنز. وينص الاتفاق على عدم الاضرار بحطام السفينة والاهتمام باستعادة العملات، وايضاً اجهزة السفينة والمدافع بهدف عرضها. وقالت «اوديسي» انها عملت مع وزارة الخارجية الاميركية للحصول على موافقة الحكومة الاسبانية على المشروع، الى ان تمكنت من الحصول على ذلك في يوليو (تموز) 2005. وبدأت السفينة في استخدام سفينة أكبر في 12 ديسمبر (كانون الاول) الماضي. في البداية سارت عمليات الاستطلاع على ما يرام، حسبما افاد به ستيم. لكن بحلول شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، اصبح المسؤولون المحليون والاقليميون في الاندلس اقل تعاوناً، اضافة الى زيادة الاهتمام بالموضوع من قبل وسائل الاعلام الاسبانية، والاشارة الى وجود حوادث في البحر. وقال ستيم، انه في يوم 11 يناير الحالي اقترب قارب تابع للحرس المدني الاندلسي من سفينة «اوديسي»، في استعراض تهديدي لكن «لم يتضح ما اذا كانوا مسلحين». وقالت الشركة في بيان اصدرته اول من امس: «بالاضافة الى ذلك حصلت الشركة على ضمانات عبر القنوات الدبلوماسية كانت آخرها في 13 يناير 2006، بانه لن يحدث أي تدخل بالنسبة لعملية انتشال محتويات السفينة ساسكس». الا ان اسبانيا طلبت يوم الخميس الماضي من السفينة التوقف، وهو ما فعلته، عندما ابعدت السفينة عن الموقع. وقالت شركة «اوديسي»، انها تنتظر توجيهات من وزارة الخارجية الاميركية والسلطات البريطانية قبل ان تقرر خطوتها المقبلة. نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط