رغم أن العدوان السعودي الأمريكي قتل وأصاب عشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين الأبرياء بغارات طيرانه, ودمر البنية التحتية لليمن وشرد الملايين من مساكنهم خلال السنوات الثلاث الماضية وتسبب في موت مئات الآلاف جراء الحصار الذي يفرضه على اليمن برا وبحرا وجوا, الا أن تحالف العدوان يدفع هو الآخر ضريبة بشرية ومالية باهظة, فصحيفة “ الفايننشال تايمز ” البريطانية نقلت قبل فترة عن مَسؤولٍ سعودي قوله أن تَكلفة الحرب التي تشنها بلاده على اليمن خلال السنوات الثلاث الماضية زادت عن 120 مليار دوﻻر في حين تذهب بعض التقديرات الى أن الرقم الحقيقي يقترِب من 200 مليار دوﻻر، وصارت غارات طَيران العدوان كابوسا يطارد المَسؤولين السعوديين في كل مكان يزورونه ومثال ذلك ما حدث لمحمد بن سلمان خلال زيارته الأخيرة الى لندن عندما استقبل بمظاهرات تطالب بطرده من بريطانيا وكان أكثر من مكان في العاصمة البريطانية لندن شهد المظاهرات المنددة بزيارته، واحتشد مطالبون لحكومة بلادهم بطرده واصفين إياه ب"مجرم الحرب "، رافعين صورا لجثث أطفال للتعبير عن الضحايا الذين خلفتهم حربه على اليمن, وقبل ذلك, ما حدث لأحمد عسيري خلال زيارته الى لندن في شهر مارس من العام 2017 عندما استقبله محتجون معارضون لعدوان بلاده على اليمن ورموه بالبيض. غير أن مجلة ( فورين بوليسي ) الأمريكية, في تقرير لها كشفت أن السعودية بعد ستة أشهر فقط من حربها على اليمن أنفقت 725 مليار دولار. ونشرت المجلة في تقريرها بعض التفاصيل الدقيقة، إذ تحدث التقرير مثلا عن تكاليف بارجتين حربيتين تتبعهما ست فرقاطات مرافقة, موضحا أن إيجار البارجة 150 مليون دولار يومياً، أي «300» مليون دولار يومياً للبارجتين وتوابعهما، والبارجة تحمل على متنها 6000 جندي بعدتهم وعتادهم، و«450» طائرة بطياريها، وعليها أيضاً مدافع وصواريخ بعيدة المدى، أي أن إجمالي تكاليف البارجتين مع توابعهما بلغ 54 مليار دولار خلال 6 شهور. أما تكاليف نفقات قمرين صناعيين للأغراض العسكرية فقد بلغت تكلفة الساعة الواحدة «مليون دولار»، وبعملية حسابية بسيطة وفق المجلة نجد أن تكلفة القمرين في اليوم الواحد «48» مليون دولار، أي مليار و440 مليون دولار خلال الشهر الواحد، وفي حال ضربها بستة شهور يكون الناتج «8 مليارات و640 مليون دولار», وتصل كلفة تحليل وعرض واستخراج المعلومات من الصور والبيانات التابعة للأقمار الصناعية العسكرية 5 ملايين دولار يومياً للقمر الواحد، أي 10 ملايين دولار يومياً، أي 300 مليون دولار شهرياً، ليصل المبلغ إلى مليار و800 مليون دولار خلال ستة أشهر. وتضيف المجلة : وتكلفة طائرة الأواكس 250 ألف دولار في الساعة، أي 6 ملايين دولار يومياً، ما يعادل 180 مليون دولار شهرياً، أي «مليار و80 مليون دولار» خلال ستة أشهر. وتابع التقرير : نفذ طيران العدوان السعودي على اليمن حتى الآن أي خلال الخمسة الأشهر الأولى من العدوان ما يقرب من 35 ألف غارة شنتها أكثر من 150 طائرة ،ألقت خلالها «140 ألف صاروخ» على أهداف معظمها مدنية وآهلة بالسكان «بأشكالها وأنواعها ومنها المحرم دولياً»، 40 ألف صاروخ «حجم صغير» تبلغ تكلفة الواحد منها 150 ألف دولار، بإجمالي بلغ 6 مليارات دولار، و50 ألف صاروخ حجم متوسط، تبلغ تكلفة الواحد منها 300 ألف دولار، بإجمالي 15 مليار دولار، و50 ألف صاروخ حجم كبير تبلغ تكلفة الواحد منها 500 ألف دولار بإجمالي 25مليار دولار. وبين التقرير أن التموين الجوي ووقود الطائرات، وتكلفة الصيانة وقطع الغيار والكيروسين لكل طائرة في الغارة الواحدة 150 ألف دولار، وفي حال ضربها بعدد إجمالي الغارات، يكون الناتج 5 مليارات دولار. وتطرق التقرير الى صفقات الأسلحة, موضحا أن نظام آل سعود قام بشراء أسلحة أمريكية الصنع بقيمة 150 مليار دولار، مضافة إليها مصاريف تدريب وصيانة وقطع غيار لمدة خمس سنوات، وشراء طائرات من فرنسا بقيمة «36 ملياراً» «طائرات رافال»، كما تكفل السعوديون بدفع مبلغ 26 مليار دولار لشراء طائرات «رافال الفرنسية » المقدمة كهدية لمصر, وخسرت السعودية «300» دبابة ومدرعة من أحدث الأنواع على الحدود خلال الخمسة الأشهر الأولى من بداية عدوانها على اليمن. أما الرشاوى التي دفعها نظام آل سعود لشراء مواقف الدول لمنحها «شرعية» العدوان على اليمن, فقد بين التقرير أن السعودية تمنح لأمريكا والاتحاد الأوروبي النفط بأسعار مخفضة ولمدة «3 أشهر». وبما أن أمريكا تستورد من الدول الخليجية ما يقرب من 10 ملايين برميل يومياً، فإن الفارق 150 مليون دولار يومياً، وإجمالي المبلغ يصل إلى 13 مليار دولار «الحسم الخليجي للأمريكان على النفط خلال 3 أشهر، أغلبه سعودي»، أما الاتحاد الأوروبي فقد بلغ حجم الحسم ما يقرب من 4 مليارات دولار, ودفعت ملياري دولار للسودان و1,5 مليار دولار للمغرب وملياري دولار لباكستان. ويختم تقرير المجلة الأمريكية بالقول " إن الإجمالي التقريبي لما أنفقته السعودية منذ بداية حربها على اليمن وصل إلى 725 مليار دولار، ناهيك عن عدم التطرق لمصاريف وأموال طائلة مهدورة. وفي شهر أغسطس من عام 2017 أي بعد عامين وخمسة أشهر على العدوان نشرت وكالة بلومبورغ” الأميركية تقريرها السنوي تحت عنوان " دليل المتشائم " كاشفة فيه أن تكلفة الحرب السعودية على اليمن تجاوزت 1500 مليار دولار ( 1,5 تريليون دولار ). وتطرق التقرير الى حجم فزع المراقبين السعوديين الكبير ورسمهم صورة اقتصادية كارثية قاتمة للسعودية جراء استمرار حربها العدوانية على اليمن, مشددين أنها ستكبدها فاتورة باهظة التكاليف وتقود الرياض الى مربع أزمات اقتصادية خانقة، وفرار المستثمرين والأمراء من المملكة.. وسط تعاظم كبير لمظاهر السخط الشعبي لدى المواطنين السعوديين جراء تدهور مستويات المعيشة في بلد الذهب الأسود وحتى خصخصة مؤسسات قطاع النفط، ومنها شركة “أرامكو” ورفع الضرائب وتخفيض قيمة العملة الوطنية؛ لن تمكنها من مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الحادة بسبب تكاليف الحرب على اليمن الباهظة. خبراء اقتصاديون وعسكريون غربيون يرون في الارتفاع الكبير لتكلفة الحرب السعودية على اليمن والفشل الميداني من أهم عوامل زعزعة الحالة النفسية لحكام الرياض والاستقرار في مملكة الرمال ويشيرون إلى أن تكلفة العدوان على اليمن خلال عامين تجاوزت التريليون و500 مليار دولار دون أن يحقق سلمان ونجله و«التحالف العسكري» الذي يقودانه أي إنجازات عسكرية حقيقيّة ما سيجعلها تقف على حافة الإفلاس الحقيقي في القريب العاجل. كما تحتفظ السعودية بالمركَز الثالث عالمياً في حجم الإنفاق العسكري بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، بعد الولاياتالمتحدة الأَمريكية والصين. حيث أوضح المعهد أن السعوديّة ضاعفت من شراء أنظمة الأسلحة الرئيسية في العام 2015، أربعة أضعاف ما كانت تشتريه مقارنةً مع السنوات الخمس السابقة, فيما قالت شركة «آي إتش إس» للأبحاث والتحليلات الاقْتصَادية، إن مشتريات السعوديّة من السلاح قفزت بمعدل كبير لتصبح المستورد الأول للسلاح على وجه الأرض في 2015، بقيمة 65 مليار دولار. وبالنسبة لصفقات السعوديّة في العام 2016، أعلنت الحكومة الكندية، توقيع صفقة بقيمة 15 مليار دولار، تتضمن بيعها ل500 مدرعة تعد الأقوى في العالم، قبل أن تقول ألمانيا إنها سلمت السعودية الدفعة الأولى «15 زورقاً» من زوارق دورية يبلغ إجمالي عددها 48 زورقاً، في صفقة بلغت قيمتها 1.60 مليار يورو. كما ذكرت وزارة الدفاع الأَمريكية «البنتاغون» عن بيع 153 دبابة ومئات من المدافع الرشاشة وعربات مصفحة ومعدّات عسكرية أخرى إلى السعوديّة، في صفقة بلغت قيمتها 1,15 مليار دولار، بالإضافة إلى توقيع شراء 5 فرقاطات إسبانية بقيمة ملياري يورو. وفي العام ذاته، أعلن «البنتاغون»، توريد أسلحة للسعودية، قيمتها 3.51 مليار دولار، تضم الصفقة مروحياتٍ للشحن من طراز «سي إتش إف شينوك»، والمعدات المرتبطة بها. وفي 2017، كشفت وكالة «شينخوا» الصينية عن توقيع الصين أكبر صفقة بيع طائرات من دون طيار، في تاريخها، مع السعودية، وبلغت قيمة الصفقة 600 مليون دولار، فضلا عن توقيع اتفاقية مع أمريكا قيمتها 300 مليون دولار، تشمل «تكنولوجيا صواريخ موجهة فائقة الدقة». وأعلنت «بوينغ» الأَمريكية عن توقيعها صفقة مع السعودية بقيمة 3.3 مليار دولار تشمل بيع مروحيات أباتشي معاد تصنيعها ومروحيات جديدة التصنيع. وفي 20 مايو من العام الماضي 2017م وقع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس الأميركي دونالد ترمب عددا من اتفاقيات التعاون في الرياض بقيمة 460 مليار دولار، وقال وزير التجارة السعودي ماجد القصبي حينها إن بلاده منحت تراخيص للاستثمار بالسعودية ل23 من كبرى الشركات الأميركية منها 110 مليارات دولار قيمة صفقات عسكرية سابقة، ستسلم بموجبها واشنطن أسلحة على الفور للجانب السعودي، بالإضافة إلى صفقات تعاون دفاعي بقيمة 350 مليار دولار على مدى عشر سنوات. وفي يوم الأربعاء 7يونيو 2017 أعلن عن موافقة أمريكا على صفقة بقيمة 750 مليون دولار لتأهيل الجيش السعودي عبر عدد من شركات المقاولة بالباطن الأمريكية، من أصل صفقتين تزيد قيمتهما عن 1,4 مليار دولار أبرمتهما مع السعودية خلال زيارة ترامب الى الرياض. وكانت وزارة الخارجية الأميركية وافقت على ان تشتري البحرية السعودية من شركة “كراتوس ديفنس اند سيكيوريتي سولوشونز″ ومقرها سان دييغو حصص تدريب بقيمة 250 مليون دولار. وفي تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام تصدرت الولاياتالمتحدة ما بين عامي 2013 و2017 قائمة مصدري الأسلحة والمعدات العسكرية للسعودية والإمارات، بحصة بلغت 61% و58% على التوالي. وفي 5 أكتوبر 2017م أعلنت السعودية أنها وقعت اتفاقا مع روسيا لشراء أقسام من منظومات "إس-400" الصاروخية للدفاع الجوي وعدد من الأنواع الأخرى من الأسلحة الروسية. وأعلنت وكالة التعاون الدفاعي الأميركية أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت الجمعة 23 مارس الجاري 2018م على بيع صواريخ "تاو" للسعودية بقيمة 670 مليون دولار. وفي يوم الجمعة 6 ابريل 2018م أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت على صفقة بقيمة 1.31 مليار دولار لبيع أنظمة مدفعية هاوتزر ذاتية الدفع ومعدات أخرى للسعودية, وكل ما ذكر آنفا هو غيض من فيض وليس كل ما أنفقه النظام السعودي في عدوانه على اليمن أو قيمة كل صفقات الأسلحة التي اشتراها خلال السنوات الثلاث الماضية وفي مقابل ذلك, فإن حكومات أعلنت ايقاف بيع أسلحتها للسعودية وبادرت منظمات الى اعلان معارضتها بيع أسلحة لها, حيث أمهلت جماعتان حقوقيتان الحكومة الفرنسية شهرين لوقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات أو مواجهة إجراءات قانونية. ونشرت منظمة العفو الدولية ومنظمة (إيه.سي.إيه.تي) الحقوقية الفرنسية تقريرا قانونيا حذرتا فيه من أن فرنسا وموردي الأسلحة بها يواجهون مخاطر قانونية محتملة بشأن تعاملاتهم مع السعودية والإمارات. وكان البرلمان الأوروبي أصدر قرارا بحظر بيع الأسلحة للنظام السعودي بسبب انتهاكاته الجسيمة والواسعة في اليمن, في حين أعلنت الحكومة الألمانية عن قرارها وقف صادرات الأسلحة إلى الدول المشاركة في حرب اليمن، ومنها السعودية والإمارات, كما أعلنت وزارة الخارجية النرويجية وقف جميع صادرات الأسلحة والذخيرة إلى الإمارات لضلوعها في الحرب على اليمن. وأكدت منظمة العفو الدولية في بيان لها الجمعة 23 مارس 2018م أن تدفق الأسلحة لتحالف العدوان السعودي ألحق أضرارا هائلة بالمدنيين في اليمن, واتهمت قوات التحالف الذي تقوده السعودية بارتكاب جرائم حرب خلال عدوانها المستمر على اليمن منذ ثلاث سنوات.