توجه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الليلة الماضية إلى العاصمة الصينية بكين في زيارة رسمية لهذا البلد الصديق الذي تجمعنا به علاقات صداقة قديمة وتاريخية، عميقة في النفوس اشتهرت بمساعيها الخيرة في إرساء قواعد الإرث الحضاري وعوامل التفاهم التي أسهمت ايجابياً في تعزيز الحوار بين الحضارتين العربية الإسلامية والصينية وتنمية مسارات التعايش السلمي والمنافع المشتركة والاستقرار الإقليمي، ومما يحسب للعلاقات الصينية - اليمنية أنها التي تميزت وخلال خمسين عاماً بالثبات والرسوخ والاحترام المتبادل والتواصل المستمر، الأمر الذي دفع بها نحو المزيد من التطور وخاصة في العقدين الأخيرين اللذين شهدت فيهما العلاقات تقدماً ملحوظاً في مجالات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري لما من شأنه خدمة المصالح المشتركة بين الشعبين الصديقين. الزيارة بداية لجولة تشمل جمهورية باكستان الاسلامية إلى جانب الصين وتأتي في الإطار الآسيوي للعلاقات السياسية لبلادنا بدول قارتنا الواسعة والشاملة الأبعاد والروابط الجغرافية والتاريخية. وعلى هذا المدى والامتداد الجغرافي والتاريخي ارتسمت وشخصت الشواهد والمعالم المادية والإنسانية للتواصل والتلاقح الحضاري بين المكونات السياسية والاجتماعية للقارة الآسيوية من خلال قوافل التجارة وجموع الهجرات وانتقال الثقافات من الأفكار والفنون والانتشار الروحي للمعتقدات الدينية في حركة تبادلية سارت مجرياتها على طريق الحرير. ودائماً ما كانت اليمن وما تزال البوابة الغربية لآسيا والتي أطلت وعبرت من خلالها مع القارتين الأوروبية والافريقية وتواصلت معهما بمعالمها الاقتصادية وملامحها الثقافية وجوهرها الحضاري ومن البوابة اليمنية أشرق شمس الإسلام على القارة وغطاها بنوره الذي حملت مشاعله قوافل الهجرات اليمنية ونجحت في نشر قيمه السمحة عن طريق التعايش وإقامة الصلاة التي تسارعت في تبلورها لتصل إلى درجات الرحم والقربى. ولقد ذهب اليمنيون إلى شرق القارة حاملين معاول العمل لاسيوف الغزو يسعون إلى العيش الكريم فالتقاهم الواقع الاجتماعي الآسيوي المفتوح على مفردات التعايش ما مكنهم من التجسيد المعاش لحقيقة الخلق الإلهي للبشر شعوباً وقبائل ليتعارفوا. ومع أحوال العصر وحضارته القائمة على الإبداع التكنولوجي والعلمي المذهل وبالرغم من الموطن الغربي الأمريكي والأوروبي لمولده وتكونه يظل ما تحققه أي من دول قارتنا الآسيوية الأقرب إلى القلب والأدعى للإعجاب والأكثر والأقوى إلهاماً للأفكار وشحذاً لهمم التوجه والعمل من أجل المواكبة وإثبات الحضور الحضاري الإيجابي في عالم اليوم. وفي قارتنا تتفاعل وتتشكل في ضوء ما تشهده من التطورات العصرية الفائقة والمتفوقة علمياً واقتصادياً أهم عناصر ومقومات الدفع السياسي بالوضع الدولي نحو استعادة عوامل اتزانه وتوازنه اللازم لاستتباب أسباب التعايش ومقتضيات الوئام الإنساني ومن ثم ضمانات السلام العالمي. وصارت القارة الآسيوية أكثر من مؤهلة للتدخل والإسهام الفاعل في إصلاح النظام الدولي المطروحة مشاريعه وتتركز حول توسيع عضوية مجلس الأمن وصلاحياتها في اتخاذ القرار العالمي وتعميم الديمقراطية كمنظومة شاملة للعلاقات والحياة الدولية. وباتت هذه القارة بما تحوز عليه من موارد وإمكانيات مادية اقتصادية وبشرية علمية أكثر قدرة على تعزيز وجودها وتأكيد مكانتها المؤثرة على مجريات الأحداث الكونية بشيء من التعاون والتكامل التنموي البيني على المستويين الثنائي والجماعي. وفي هذا الإطار العام أو الهدف الإنمائي الشامل تمضي الخطوات اليمنية نحو تعزيز علاقاتها الآسيوية.