اعتراف وتقدير عالمي جديد بالدور البارز الذي يلعبه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية على صعيد تعزيز التفاهم والتعايش بين الثقافات والحضارات، هو ما أفصحت عنه وحملته الرسالة الموجهة من مستشار النمسا الفريد قوزنباور إلى رئيس الجمهورية والتي تضمنت دعوة فخامته للمشاركة في القمة العالمية الأولى لحوار الحضارات في سبتمبر القادم باعتباره حائزاً على جائزة الحوار بين الثقافات والحضارات. وهذا التقدير الدولي لليمن وقائده الفذ لم يأت من فراغ أو بدافع المجاملة بل انه استحقاق لنهج رصين وحكيم تمثل قيم السلام والحوار في كل توجهاته. وبالفعل لم يدع الأخ الرئيس مناسبة أو فعالية أو جولة من جولاته الخارجية تمر دون أن يؤكد على الحوار كسبيل لتصحيح المفاهيم التي تتسبب في تغذية نوازع الخصومة والعداء بين المكونات البشرية والإنسانية. ويحسب لهذا التوجه اليمني أنه عمل على المزاوجة بين البعد الحضاري للحوار والمضمون الاقتصادي الذي يعزز من مبدأ الشراكة في العلاقات الدولية بما يصون هذه العلاقات ويحميها من التعرض لأي اهتزاز عارض أو محتمل. ويتبلور هذا المشروع في إطار الإدراك الواقعي العميق لما للعولمة الاقتصادية من انعكاسات طاغية على الثقافة والهوية الوطنية مما يثير المخاوف ويدفع إلى التمترس خلف سواتر تتخذ الطابع الدفاعي ولا تخفي حالة الخصومة. ولقد كان للعامل الاقتصادي في ما سبق وفجوة التنمية الكبيرة والتي تزداد اتساعاً في ظل النظام العالمي الخالي من العدالة دوره المثير لمشاعر الحيف والظلم ومباعدة مسافة التفاهم والود بين الدول الكبرى ومجتمعات الدول الفقيرة والمتخلفة. ولذلك كان التركيز اليمني على المجال الاقتصادي، بما له من انعكاسات تحوز على قدرة التدخل وقوة التأثير على غيرها من مجالات الحياة ووجود حاجة فعلية للانتقال بها إلى الحالة الايجابية. وتتوارد في ضوء الانحياز الشامل للحوار والقناعة الكاملة بإيجابية الإسهامات اليمنية في تجاوز المشكلات والأزمات السياسية وبشكليها الثنائي والإقليمي عن طريق التفاوض والحوار. وحققت قيادتنا السياسية بزعامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح لبلادنا رصيداً وافراً من الاعتبار العالمي وضعها في عداد الدول التي يعول عليها في تعزيز الاستقرار والسلم الإقليمي. ولقد قدمت قيادتنا أحدث الشواهد عليه من خلال الاتصالات التي جرت أمس الأول مع قيادتي جيبوتي واريتريا وكان التأكيد الواضح على منح الأولوية بل التعويل الكلي على الخيار الحواري كسبيل أمثل لتجاوز الأزمة التي طرأت بين البلدين الجارين. وقناعة اليمن الدائمة بالحوار كوسيلة لإحلال البدائل السلمية مستخلصة من التقييم التاريخي والموضوعي لتجارب ماضي الصراعات وما تنطوي عليه من دروس وعبر. ولعل أهم ما يستدل عليه في ذلك الجزء القائم من التاريخ السياسي للصراع الإقليمي بل والعالمي كله أن الضرر هو الناتج الوحيد والفادح لأحداثه ولا أحد بمنأى عنه أو ناج منه. ولم يكن تدمير انجازات الحاضر فقط هو محصلته بل انه يلقي بامتداداته الكئيبة على مستقبل الأجيال والشعوب بما يذكيه من مشاعر العداء ودوافع الثأر والانتقام. ولا عبرة لمن يعترض على الحوار ويرفضه ولن يكون له تأثيره الذي يقلل من شأنه ويقصيه من مجال الخيارات المطلوبة وأكثر ما يكشف عنه الموقف المخاصم للحوار هو مكنونات من يتخذونه والخالية من قيم الود والتعايش مع الآخرين بما يعنيه من تجرد عن أهم المعالم والمكونات الإنسانية للجنس البشري. ويظل الحوار المخرج والحل على الدوام شاء من شاء وأبى من أبى.