كان يداعب كرة القدم مع اقرانه على شاطئ أبين الجميل, يسجل هدفا مقصي وينظر الى البحر, لا أعلم ماذا تعني تلك النظرات التي تذهب به الى عالم بعيد, ربما اوروبا ونجومها يسيطرون على افكاره, بلاتيني الانيق او ربما ماتيوس القائد من اخذوا افكاره وتلابيب عقله, عاد مرة آخرى الى اصدقائه ليواصل اللعب بطريقته الانيقة التي تعلمها من ذلك الملعب الشاطئي حتى وصل الى النجومية !لطالما كان ملعب الحبيشي في عدن ملتقى العشاق ومأوى الجماهير صاحبة الذوق الجميل, في طفولتي كنت اتابع مباريات الديربي العدني عبر قناة عدن, استمتع كثيرا لسماع سالم بن شعيب يغرد على مجريات المباريات, لحظتها كنت احلم بزيارة هذا الملعب العتيق, لكن لم يحالفني الحظ بزيارته إلا بعد ان غادرت النجوم واصبح ملعب الحبيشي مهجورا كعرين أسد مات منذُ سنوات !في بداية تسعينيات القرن الماضي كان محمد سعيد سالم يصيح بأعلى صوته, الكرة مع وجدان ...وجدان يراوغ. وجدان يرتقي.وجدان يسدد كنت معجبا جدا بهذا اللاعب الانيق الذي كان يراوغ عشب الملعب, الغزال الذي لم يترك للحيوانات المفترسة فرصة للامساك به, كانت الفنيله التي يرتديها تتزين به, ورغم نحالة جسمه إلا ان عرازته كانت سد منيعا امام المدافعين كان يستخدم ذكاءه في تجاوز التحصينات الدفاعية, يمزج بين اللعب الانيق والممتع وبين اللعب الجاد والرجولي, كان في تلك الفترة ملهم ابناء بيارق الفيحاء (عيال الهاشمي)، وجدان حقيقي وقلب نابض للكتيبة الخضراء لقد تعلم ذلك من خلال مسيرته الطويلة بدأت في حوافي عدن و ازقة الشيخ عثمان, رغم بُعد المسافة من منزله الى ملعب الحبيشي وعدم مقدرته على دفع رسوم المواصلات, إلا أن وجدان الصغير يصر على الذهاب لمشاهده مباريات معشوقته ونجومها الافذاذ متعلقا ( تعبيره) على احدى سيارات النقل, لا يدخل الملعب إلا بعد أن تمر ربع ساعة من المباراة وخصوصا عندما تفتح بوابات الملعب, يظل واقفا بجانب سور الملعب وكأنه واقف على نار مشتعلة, يدخل الى الملعب يبدأ بالسؤال عن النتيجة ومن سجل وكيف كانت اول ربع ساعة؟, ينظر الى الاحمدي ويحلم بأن يكون بجانيه, يشاهد الهرار ويفكر متى يتجاوزه, تمر الايام سريعا ويقف بجانب الاحمدي في منتصف الملعب, شعور لا يوصف لم يحس به إلا وجدان شاذلي بعد رحيل نجوم القلعة الخضراء ظل وحيدا وسط مجموعة من الشباب, وضع الشارة البيضاء فوق القميص الأخضر على زنده وتحمل العبء الذي حملته جماهير الوحدة, هكذا ظل سنوات يكافح في ملاعب الوطن من أجل الشعار الذي حلم به منذُ طفولته, وعندما ارتدى قميص المنتخب كان يحرث الملاعب فداء للعلم وعشقا للوطن, في تصفيات مونديال 94 كان واحدا من ابرز اللاعبين في المنتخب اليمني, ظل وجدان كما عرفه الجمهور محاربا جسورا حتى اخر يوم في مسيرته الكرويه, غادر استاد الحبيشي وغادر اليمن للبحث عن لقمة العيش في بلاد المهجر, هاجر هاربا من جحيم الوطن الذي لم يترك لإبنائه العيش كباقي شعوب العالم.. وجدان شاذلي تحياتنا لك يا غزال اليمن الانيق ونعدك اننا لن ننساك ابدا !