في ظل الحرب والحصار والعدوان ومحدودية الموارد و الأزمة المالية التي تعصف بالوطن والمواطن كان يتوجب على الحكومة السعي الجاد والحثيث لتفعيل الموارد الذاتية وتحفيزها من أجل خلق عوائد اقتصادية لمواجهة التحديات الماثلة أمامها.. وتغطية العجز في الميزانية.. ولعل من أهم الخطوات الجادة في هذا الجانب هي إعادة تشغيل الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية “يدكو” الشركة اليمنية الرائدة في المجال الطبي والتي كانت تغطي جزءاً كبيراً من الاحتياج المحلي من الأدوية.. بعد توقف دام سنوات. “26سبتمبر” التقت الدكتور عبدالله عباس الحمزي رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية “يدكو” وناقشت معه عددا من القضايا التي تخص الشركة... والتحديات الماثلة أمامها.. وخرجت بالحصيلة التالية: حوار: محمد النظاري بداية كيف ترون واقع حال الشركة بعد كل هذا التوقف؟ كما تعلمون تم استئناف العمل بالشركة منذ مطلع العام 2017م .. وكانت أول خطوة قمنا بها هي عمل صيانة لجميع خطوط الإنتاج التي توجد في الثلاثة مصانع التابعة للشركة.. وهي عبارة عن سبعة خطوط إنتاج تابعة للمصنع العام موزعة كالتالي: خطا إنتاج للشراب.. وخطان للأقراص وخط للكبسول, وخط للمراهم بالإضافة إلى خط إنتاج محلول الإرواء. وبالنسبة لمصنع المضادات فيوجد فيه خطا إنتاج واحد للشراب الجاف والآخر للكبسول أما مصنع المحاليل فيوجد فيه خط واحد للمحاليل الوريدية.. ولازالت عملية الصيانة جارية في بعض الخطوط ورغم ذلك تم إنتاج بعض الوجبات الدوائية.. والخط الوحيد الذي تأخر العمل به هو خط المحاليل الوريدية بسبب أن الآلة الرئيسية تعطلت في العام 2011م وأهملت و هذا الإهمال عرضها للتلف أكبر وقد تدخل في إصلاحها بعض المهندسين من غير ذوي الخبرة مما زاد الطين بلة فالحقوا بالآلة إضراراً بالغة.. و خلال العام الماضي تم التواصل مع الشركة المنتجة في ألمانيا وتم شراء بعض قطع الغيار من ألمانيا بناء على تشخيصهم الأولي ركبت قطع الغيار لكن الآلة لم تعمل فتم الاستعانة بمهندسين من خارج الشركة أيضاً لم تنجح محاولاتهم ولازالت المحاولات مستمرة..و هناك وعد خلال أنه الأشهر القادمة سيتم تشغيل خط المحاليل الحالي بالإضافة للوعد المقدم من منظمة الهجرة الدولية بتوفير خط محاليل وريدية للشركة حيث أنه لا يوجد في اليمن خط إنتاج واحد للمحاليل الوريدية وهو الخط الموجود في”يدكو” وهو خط حيوي جدا خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع الذي تعيش فيه بلادنا اليوم من الحرب الظالمة والعدوان الغاشم الذي لم يستثن أحداً .. أضف إلى ذلك تفشي بعض الأوبئة كالكوليرا و الدفتيريا التي اجتاحت البلد خلال السنوات الماضية ولازال خطرها مخيماً.. فنأمل بذل كل الجهود من اجل تشغيل هذا الخط في أسرع وقت وتوسيعه كي نتمكن من تغطية الاحتياج المحلي.. وهذا يحقق جزءاً من الأمن الدوائي. تعاون كيف تنظرون إلى تعاون الجهات المعنية في إنجاح مشروع إعادة التشغيل في الشركة؟ هناك تعاون كبير والحكومة بقيادة وزاره الصناعة الحالية فقد واجهتنا بعض الصعوبات بالتعاون مع القيادة السابقة.. لكن القيادة الحالية تحاول تقديم كل ما تستطيع من أجل المساهمة في تذليل العقبات الماثلة أمام الشركة وهناك محاولات جادة من الأخ ونائب رئيس الوزراء للشؤون والاقتصادية وزير المالية الدكتور حسين مقبولي.. ولا أنسى الجهود المبذولة من رئيس الهيئة العليا للأدوية الدكتور محمد المداني في مساعيه لإنجاح العمل في الشركة بالإضافة لدور معالي وزير الصحة الحالي الذي أبدى تعاوناً كبيراً معنا وإن شاء الله تتبلور هذه الوعود إلى واقع ملموس يفرز نتائج ايجابية يلمسها المواطن في كل المراكز والمؤسسات الصحية العاملة في بلادنا.. لاتزال لدينا الكثير من الآمال والطموحات لتطوير العمل في الشركة.. إلا أنه ونتيجة للظروف المالية التي تمر بها الحكومة و البلاد بشكل عام.. تظل الإمكانات محدودة. مقاطعة بعد التوقف لفترة طويلة ما مصير وكالات الأدوية التي كانت متعاقدة مع الشركة؟ بالطبع أغلب هذه الوكالات ذهبت إدراج الرياح لأنه تم للأسف الشديد خلال الفترات الماضية التصرف بممتلكات الشركة بشكل جنوني وبيعها للقطاع الخاص كالوكالات.. كما تم بيع البقية لاحقا لتصل عدد الوكالات التي تم بيعها 26وكالة عالمية قام القطاع الخاص بشرائها.. وهناك من يسعى لشراء ما تبقى وللأسف بمساعدة متنفذين من الجانب الحكومي.. لكن بعد إعادة تشغيل الشركة قمنا بالتواصل مع بعض الشركات الدولية التي كانت الشركة تمتلك حق التوكيل لمنتجاتها الدوائية ونجح الأمر مع شركتين كبيرتين من الشركات المتبقية.. و إن شاء الله مع الوقت سوف نستعيد ثقة السوق بالشركة و نعمل للحصول على تعاقدات جديدة مع الحفاظ على ما في أيدينا. نشاطات ماذا عن أبرز نشاطات الشركة حالياً؟ كان أبرز نشاطاتنا أننا قمنا باستعادة دور الشركة الرائد في توفير أدوية التخدير للسوق المحلي.. وقد كانت الشركة قبل التوقف تحقق ما يقارب السبعة ملايين ريال في السنة كعوائد من أدوية التخدير و بعد أن بدأنا العمل في العام الماضي استطعنا تحقيق مبلغ 12مليون ريال و في العام الحالي نتوقع حسب المعطيات التي لدينا أن نصل إلى 50مليون ريال هذا في قطاع واحد فقط .. فتصور الأمر إذا ما تم العمل في كل خطوط الانتهاج ستكون النتائج مذهلة. تحديات ما أبرز التحديات والمعوقات الماثلة أمام الشركة؟ ابرز التحديات الماثلة أمام الشركة.. الجانب المالي فالشركة عندما عاودنا العمل كان لا يوجد في حساباتها سوى مليون وتسعمائة ألف ريال.. وبهذا المبلغ لا يمكن أن تستطيع العمل به خاصة في شركة تصنيع لكن وبعون الله قمنا بطلب الدعم من جهات وأفراد وأصدقاء جمعنا مبلغا معقولا وبدأنا بالعمل وبعد فترة وجيزة سددنا هذه المبالغ ومع نهاية العام الماضي وصل رصيد الشركة بعد تسديد الديون إلى مائتي ألف دولار .. إلا أن هذا المبلغ لا يرقى بعد للرقم الذي نأمل الوصول إليه وهو لا يمثل شيئا بالنسبة لتغطية نشاط الشركة بشكل عام كنشاط صناعي طبعا. تحديات رقابة كيف تنظرون إلى دور الرقابة على سوق الدواء والمستلزمات الطبية؟ إن غياب الرقابة على سوق الدواء أو ضعفها يغري المهربين وتجار السوق السوداء بالإضافة لتسرب الدواء لأيدي الموطنين ما يعرض حياتهم للخطر لذا فيجب تفعيل الدور الرقابي للهيئة وعدم السماح لمن هب ودب في الدخول في بيع وتصنيع الأدوية.. كما انه يجب تشديد الرقابة على بعض الأدوية كأدوية التخدير.. لأن تسرب هذا النوع من الأدوية إلى يد المواطن قد يهدد الحياة بسبب الاستخدام العشوائي وهذا الأمر يخلق اختلالاً في الأمن الدوائي.. وبالطبع تتم الرقابة على سوق الدواء بالتعاون مع الهيئة العليا للأدوية.. و إدارة مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية.. وان شاء الله تكون النتائج مثمرة. بالنسبة للمنظمات الدولية التي تدعم الجانب الصحي في اليمن.. هل يوجد بينكم اي نوع من التعاون؟ نحن حاولنا أكثر من مرة التواصل مع المنظمات الدولية العاملة في اليمن من اجل توريد طلباتها من الأدوية والمستلزمات الطبية لكنها كانت ترفض في كل مرة متحججة بأنها ملتزمة بعقود مع جهات خارجية ومن الصعب فسخها ..حتى القطاع الخاص اليمني لم يستطع الدخول في الأمر.. لأن المنظمات تورد متطلباتها من الأدوية والمستلزمات الطبية من خارج اليمن.. مع أن هذا الأمر لو تم سيساهم في تحسين الأمن الدوائي في اليمن وسيعمل على رفد الخزينة العامة للدولة بالعملة الصعبة.. وكأن هناك عملاً منظماً لحرمان الشركات المحلية من الاستفادة من المنح التي تقدمها المنظمات الدولية في اليمن على سبيل الدعم أو التعاقد التجاري.. وللعلم نحن لا نريد قروضاً فوضع الشركة لا يسمح نحن نبحث عن دعم تجاري لشراء منتجاتنا وهذا كاف بالنسبة لنا توصلنا مع بعض المنظمات لشراء احتياجاتها من الشركة إلا أن الأمر رفض رفضا قاطعا وتم التحجج كما أسلفنا بشروط وسياسات المانح و التعاقدات مبرمة مسبقا. استراتيجيات ما هي خطط والمشاريع المستقبلية للشركة؟ هنالك مشاريع كثيرة نتطلع للوصول إليها لتغطية جزء من الاحتياج المحلي والسعي حثيث لتشغيل كل خطوط الإنتاج في الشركة إلا انه ونظرا للإمكانات المحدودة الخطوات لازالت بطيئة ونحن نسعى بثبات للوصول لمستويات اعلي.. بالاعتماد على خطط وبرامج جدية.. فهناك على سبيل المثال دراسة أولية مدعومة بالأرقام المتوقعة قدمها المستشار الفني للشركة لإنتاج أدوية الغسيل الكلوي وهي دراسة مهمة نظراً للمعاناة التي يواجهها مرضى الغسيل الكلوي في الحصول على احتياجاتهم الدوائية بسبب الحرب والحصار وسنرفعها بإذن الله للجهات المعنية الخاصة والحكومية للحصول على الدعم الكافي لتطبيقها عملياً وقد كنت مؤخراً في اجتماع مع الأخ وزير الخدمة المدنية والذي أفاد بأنه يمكن استثمار جزء من أموال المؤسسة والهيئة العامة للتأمينات. تنويه رسالة أخيرة؟ المأمول من كل الجهات المهنية بما فيهم الحكومة والقطاع والخاص ورجال الأعمال دعم الشركة لما فيه الصالح العام وتحقيق الأمن الدوائي ورفد خزينة الدولة فالشركة تمتلك بنية تحتية جيدة تستحق الدعم والاهتمام فهي من المواد الاقتصادية للوطن والمواطن و هي قادرة على تحقيق عوائد مالية ضخمة إذا ما تم استغلالها الاستغلال الأمثل.. كما نتمنى من الجهات المعنية إلزام هذه المنظمات الدولية بتوجيه دعمها نحو الشركات اليمنية المحلية. وعدم استيراد الأدوية التي يمكن إنتاجها محليا من اجل المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.. وقد تم وضع هذه الإشكالية على طاولة الأخ وزير الصحة وان شاء يتم البت فيها سريعا لأن هذا الأمر سيساهم في استمرار هذه المؤسسة الحيوية بالعمل ويحد من الاحتكار وسيعالج آثار الحصار الاقتصادي المفروض علينا وسيحد من استهلاكنا للقروض.