“المقاتل الجيد، بحاجة الى أغنية جيدة” مقولة تغني عن مقالات قالها في القرن الماضي مفكر جيد بل متميز، وبما ان الاغنية ثلاثي اوله الكلمة، امكنني القول ان المقاتل الجيد بحاجة الى كلمة جيدة.. الكلمة التي تزيد من اشتعال حماسه، وتضاعف لديه اندفاع غيرة الذود عن وطنه وانسانه وسيادته على ارضه واستقلال قراره.. الكلمة التي تؤصل وتعمق فيه ثقافة رفض التبعية والخنوع والتسلط.. الكلمة التي تجعل من امساك المقاتل بسلاحه ذوداً عن وطنه ودفاعاً عن سيادةٍ وحريةٍ، وردعاً لطامع وخؤون، عقيدة موازية لعقيدته الايمانية، ولها نفس القداسة، الكلمة التي توجه بندقية المقاتل المعتدى عليه وعلى وطنه وشعبه، التوجيه الصائب بشجاعة لا تهون وعزيمة لا تفل واصرار يستهين بالموت، وبما لخصه الثائر العظيم “جيفارا” عندما قال في العام 1968م “الوطن او الموت” هذا مما دار في خاطري وانا استمع الى كلمة الرئيس مهدي المشاط في لقائه مع كوكبة من المثقفين وحملة الاقلام يوم السبت 8/12/2018م وجعلني استحضر شيئاً مما قرأت وسمعت عن علاقة السياسي بالثقافي، او ما يتم تناوله تحت عنوان “الثقافي والسياسي”.. وان السياسي- اي ما هو سياسي- اذا ما اراد نجاحاً وبقاءً مثمراً، فعليه بالثقافي، كما تقول التجارب، بل تؤكد على ان ما هو سياسي اذا لم يتلقفه الثقافي كحاضنة ورافعة تحول الى ممارسة “عابرة” او ظاهرة صوتية، وصار على موعد مع التلاشي والنسيان.. بدليل تلكم الحركات والاحزاب التي ابتعدت عن الحاضنة الثقافية فغربت مع غروب اصحابها وركيزتها السياسية ولا حاجة لسرد امثلة كنت استحضر ذلك وانا استمع حديث الرئيس مهدي المشاط عن الثقافة والمثقفين ونحن نمر بهذه المرحلة ونتصدى لهذا العدوان.. وعندما سمعته يقول: ان السياسي اذا ما ابتعد عن الثقافي ضاع.. قلت لنفسي هاقد اختصر الرئيس الأمر واوجز، اذا ما ابتعد السياسي عن الثقافي ضاع.. وفي هذه خلاصة الخلاصة كما يقال: جميل ان يكون لدينا هذا الاهتمام والادراك من السياسي بالثقافي خاصة ونحن نمر بهذه المرحلة ونخوض معركة الخلاص من الهيمنة والتبعية وقد عقدنا العزم على امتلاك القرار وبناء يمن ينعم ابناؤه بخيراته ويحتل مكانه الطبيعي بين اقرانه. وجميل ايضاً ان يلتقي السياسي مع الثقافي لتحقيق ما نحصره بالقول: “يمن مستقل وشعب حر” يمن مستقل النهج والقرار والتوجه، وشعب حر بما يسوده من عدل وديمقراطية وحقوق.. اعود الى قول الرئيس مهدي المشاط “اذا ما ابتعد السياسي عن الثقافي ضاع السياسي” واكرر اعجابي بهذا الاختصار او الاختزال، الذي استدعى من مخزونات ذاكرتي- منذ الصغر- مقولة لصديق والدي الاستاذ احمد محمد نعمان رحمهما الله عندما قال: “ان ثورة شعبية بدون ثقافة شعبية ما هي الا فوضى او مهزلة او مقدمة لكارثة” وهذا ما تجسد صدقه- من وجهة نظري- فيما اسموها بثورات الربيع العربي التي لم تمتلك الفكر والثقافة المؤطرة لما المراد منها، فتحولت الى فوضى ومهازل وكوارث.. وختام القول: بدون الثقافي قد لا يضيع السياسي وحده، فقد تضيع شعوب ايضاً..