كلية الطب والعلوم الصحية معظمنا يعلم أن النفاق والغش والتدليس صار جزءا أصيلا من حياتنا نمارسه بكل إخلاص وجرأة وعند السؤال ننفيه عن أنفسنا ونتهم به جميع من تتعارض معه أفكارنا وأهواؤنا ومصالحنا! نمارسه وقد غفلنا أو تغافلنا عن كونه خطيئة نهايتها عند الله أليمة فمن منا لا يكذب لأسباب مختلفة ويعتبر ذلك إنقاذا لبعض المواقف أو تسييرا للأعمال وذكاء وتلاعباً بمن حوله ليصل لمصالحه ويحقق أغراضه دون أن يدرك أن الكذب من أكبر الكبائر, فالمؤمن الحق بالله في كل الأديان لا يملك في قلبه ذرة خوف من البشر يدفعه للكذب خشية منهم لأن قضاء الله وأقداره هي السارية دائما لذا فهو لن يحقق شيئا أو يكسب إلا بما قدره الله له. فلماذا نكذب حتى على أقرب المقربين وأصبح بعضنا يخشى من البشر ويظن - وإن بعض الظن إثم- أن أقداره وأرزاقه في أيديهم بحكم مناصبهم أو مراكزهم أو ثرواتهم أو نفوذهم, كل هذا الأشياء التي لا يملك صاحبها لنفسه أي شيء إلا بما شاء الله. نميل جميعا للثناء على أنفسنا في أي مناسبة لنظهر أمام الناس في أجمل صورة وأرقي صفات لكن الأهم من الاهتمام بشكلنا أمام الغير هو رؤيتنا لذاتنا الحقيقية وهل هي جديرة بالاحترام والمحبة أم مجرد كيان هش أخلاقيا وقيمياً من الداخل؟ ومن علامات تلك الهشاشة أن نكون ضعفاء وغير قادرين علي الوفاء بالوعود والعهود التي صار من السهل إطلاقها لكن من الصعب الالتزام بها لاسيما إذ لم يكن هناك ضمانات قانونية تجبر معظمنا على تنفيذها, فشرف الإنسان في التزامه بوعوده وعهوده وكلمته وليس التدليس والتحايل للهروب منها بعد انقضاء مصلحته. هذا التدليس الذي استشرى حتى صرنا نقول لبعضنا البعض في الكثير من المواقف «كلامك بله واشربه.. تعبيرا عن عدم احترام معظمنا لكلامه ووعوده, فالغالبية لم يعد يعنيها إلا الابتزاز والاستغلال للغير. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» الوعد أمانة والعدل أمانة والرحمة والحرية والإخلاص والمحبة وحسن الخلق واتقاء الله وغيرها من القيم الإنسانية أمانات ائتمننا الله عليها فهل حافظنا عليها؟ هل حافظنا على أبنائنا ونحن نربيهم من أن يردوا على النار؟ هل اتقينا الله فيمن ولانا عليهم سواء من أهل أو أقارب أو زملاء أو أصدقاء أو إخوة جعلنا الله سببا في تسيير وتيسير أعمالهم وطلباتهم كل في مجاله؟ «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» فعلينا أن نتوقف عن الصراخ والعويل والشكوى الدائمة والأهم أن نكون علي يقين أن مصائرنا وأرزاقنا في يد الله وحده دون غيره, ثم التفكير فيما وصل إليه حالنا وندرك انه حصاد ما نزرعه, فهو الحصاد المر لسلوكياتنا غير الأخلاقية وفسادنا, لذا علينا جميعا ودون استثناء أن نلزم أنفسنا ونواجهها بكل شفافية بأخطائنا بل خطايانا منذ عقود طويلة في حقها وحق جميع المحيطين بنا, فالاستفاقة أمر حتمي لنخرج من مستنقع الفساد والإفساد الذي ألقينا به أنفسنا – إلا من رحم ربي- ولا أمل إلا أن يساعد كل منا نفسه للخروج منه.