لم يدر بخلد ولي عهد مملكة آل سعود محمد بن سلمان ورجال دولته من صقور النظام السعودي المغامر المتحمسين لمغامرة حربهم العدوانية على اليمن أن مملكتهم الباغية الفاجرة ستتورط كل هذه الورطة الكبيرة في حرب اليمن وتخسر الكثير من امكانيتها وقدراتها المادية المتنوعة المهولة والأهم والأخطر فقدانها مكانتها التي تصدعت وتزلزلت في العالم الإسلام كمهبط للوحي وثرى لأقدس المقدسات الإسلامية وسمعتها الإقليمية والدولية التي تأثرا سلبا جراء تلطخها بدماء الأبرياء من أبناء اليمن رجالا ونساءا وأطفالا ضحايا صواريخ وقذائف طائراتها الحربية الذين قتلتهم وحصدت أرواحهم على مدى أربع سنوات مستمرة من العدوان على اليمن إلى جانب ارتفاع معدلات تجاوزاتها الأخرى ورصيدها سيئ الذكر في سجل انتهاكات حقوق الإنسان بكافة اشكالها وأنواعها المختلفة المجرمة والمدانة دوليا والتي كان آخرها فضيحة وجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي بتركيا قبل اشهر في سابقة خطيرة لاقت ادانة واستنكار دولي واسع النطاق وذلك بالنظر إلى بشاعة هذه الجريمة والطريقة المقززة والهمجية التي لجأت إليها لتنفيذها . وهو ماضاعف ورفع الأصوات المطالبة لنظام مملكة آل سعود القمعية عاليا في الغرب وفي مقدمتهم حلفائها التاريخيين الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها بضرورة احترام حقوق الإنسان وحث الرياض على التقيد بالقوانين والأعراف والقيم الدينية والإنسانية ذات الصلة بل وادانة السعودية صراحة بشكل غير مألوف ولا مسبوق من قبل واتهامها من قبل منظمات حقوقية دولية عديدة بإرتكاب جرائم تستهدف الإنسان وحقوقه داخل المملكة وخارجها ومنها الإستمرار في حرب اليمن والتحدث عن تجاوزات وانتهاكات حقوقية مارستها الرياض وارتكبتها جرائما مشهودة في هذا البلد طيلة الأربع السنوات المنصرمة وحتى اليوم من حربها العدوانية على اليمن . وإلى جانب الأصوات المرتفعة في الغرب لاسيما في الأونة الأخيرة والتي تندد بحرب السعودية وحلفائها على اليمن والدعوات بضرورة وقفها وايجاد تسوية سلمية للأزمة اليمنية يتناوب عدد من الوزراء والمسؤولين في الحكومات الغربية ومنها واشنطن ولندن على اطلاق تصريحات تؤكد مواقف دولهم الداعية لوقف حرب اليمن وايجاد مخرج سريع للصراع الدامي في بلد انهكته الحروب والصراعات وتسببت في مضاعفة معاناة أبنائه وتحث حليفتها الرياض على اتاحة المجال للجهود السلمية سواء عبر الأممالمتحدة أ غيرها لإنهاء الحرب على اليمن وابداء الحرص الصوري والشكلي على صيانة وحفظ حياة وحقوق أبنائه. ولعل الأرجح والأقرب إلى المنطق والصواب يتمثل في يقيننا هنا ان تلك المواقف الغربية المزايدة المغلفة بشعاراتها الإنسانية البراقة لاتجدي نفعا ولا تعبر في الأساس والواقع عن المواقف الحقيقية الجادة لتلك الدول ولا تعفيها من مسؤوليتها التاريخية كشريك اساسي في العدوان والحرب على اليمن وما مواقفها السياسية المرنة المعلنة والداعية لوقف الحرب والمنددة في الظاهر بإستمرارها وتجاوزات الرياض اللا مقبولة بها وفيها إلا محاولة مفضوحة من تلك الدول لذر الرماد في العيون ومخادعة الرأي العام الواسع في مجتمعاتها الذي يقف موقف الرافض والمدين والمندد بإستمرار العدوان على اليمن ومحاسبة الضالعين فيه. ولو كانت أمريكا ودول الغرب الأخرى جادة وصادقة فيما تزعم وتقوله كذبا لكانت ضغطت على حليفتها الرياض منذ بدء الحرب لإنهائها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : كيف تنهي واشنطن وشركاء السعودية الآخرين ومن ضمنهم إسرائيل في العدوان على اليمن حربا تشارك فيها وتعد ضمن قائمة حلفاء الرياض فيها ?!. وبالنظر والرجوع إلى حسابات الربح والخسارة بالنسبة لمملكة آل سعود ونظامها المتهور الطائش فيما يتعلق بورطة حرب اليمن والعدوان عليه بحجج أوهى من نسيج وخيوط العنكبوت وبيوتها فسنجد ان السعودية بدأت هذه الحرب وتحمست لها قبل اربع سنوات ولها حساباتها وأهدافها الظاهرة والخفية وخاضت غمارها منتشية ومزهوة ومعتدة بقدراتها وامكانياتها العسكرية والمادية الهائلة وتفوقها الكبير على اليمن في كل جانب. وأعتقدت السعودية خطئا وهي تشرع في حربها المجنونة على اليمن ان هذه الحرب ستكون مجرد نرهة قصيرة تستمر عدة أيام أو حتى بضع أسابيع وتعود بعدها ظافرة غانمة فرحة بما حققته من مكاسب عسكرية وسياسية أرادت تحقيقها. وقد خان الرياض اعتقادها الخاطئ هذا ووجدت نفسها تتورط ورطتها الكبرى والأكثر حرجا وخسارة لها منذ انشائها حتى اليوم في حرب خاسرة مكلفة وباهضة الأثمان خاصة وقد أدركت بعد فوات الأوان أنها خسرت الكثير في تلك الحرب ولا رالت تخسر وستخسر المزيد ولن تنحصر خسائرها الفادحة في حرب اليمن هذه في مليارات الدولارات التي بددتها وانفقتها على هذه الحرب والتي لازالت فاتورتها مرشحة للإرتفاع ومضاعفتها بل إن خسارة السعودية الحقيقية والأهم تكمن في خسرانها لما كانت تمثله في السابق ولو حتى كان هذا التمثيل شكلي ورمزي في الجانب الديني والأخلاقي والعقدي وفي منظومة القيم والمبادئ التي داستها بالأقدام في حرب ظالمة عبثية. كما أن السعودية التي تبدوا خاسرة في كل الأحوال في حرب اليمن التي تخوضها حاليا ظلما وبغيا وعدوانا عليه ستخسر مالم يكن لها في الحسبان خسارته ومن ذلك حب الشعوب المسلمة وتعاطفها معها كحاضنة للحرمين الشريفين وخسارتها لرمزيتها الإسلامية والإعتدال وقيم التسامح الديني الذي كانت تدعيه إلى جانب ان حربها العدوانية على اليمن لاشك أنها ضاعفت وستضاعف على المدى القريب والبعيد مشاعر الحقد والكراهية والبغضاء ضدها لدى اجيال يمنية متعاقبة لاسيما وقد اسهمت بالفعل في تنامي وترسيخ مفهوم ووعي جمعي في اليمن يصب في هذا الجانب والمنحى ولعبت سياستها العدائية ونزعة الأنا والتكبر ونظرتها الدونية برمقات انتقاص لليمن واليمنيين لعقود ومراحل كثيرة من تاريخ علاقتها بجارها اليمني في تعزيز ذلك بعد خلقه وتبنيه ورعايته وعدم البخل عليه بأموال نفطها المدنسة التي انفقتها لغاية ذلك بسخاء وسفه لايعقل ولا يطاق !. على أن السعودية بشتى الظروف والأحوال ستبقى بما تتخذه من مواقف مغامرة وتتنهجه من سياسات حمقاء يشوبها التخبط والغموض وينقصها التوفيق والحكمة الأكثر إثارة للجدل والإختلاف بين المهتمين بشأنها في تفسير وتعليل ظاهرة فوضوية وكيان ديني ومذهبي و سياسي عبثي كثير الإستعداء للآخرين لاسيما الخصوم منهم وغير الدائرين في فلكه والمسبحين بحمده .وعند الإستشهاد بحرب السعودية الحالية على اليمن وأخذها كمثل يمكن القياس عليه لما تقدم ولما تأخر من توضيح لهذا الأمر بأبعاده وتفاصيله الكثيرة فسنجد ان مغامرة مملكة آل سعود المتمثلة بحرب اليمن ليست الأولى ولن تكون كذلك الأخيرة في مسلسل مغامراتها الطويل فلها مغامرات سابقة وسوابق مماثلة وخطيرة في مواقف وأماكن أخرى افقدتها جزء كبير من مكانتها ورمزيتها الدينية في عالمها ومحيطها العربي والإسلامي الذي تنتمي إليه كراعية للحرمين الشريفين وقائمة بأمر خدمة المصالح الإسلامية لهما . فمن قبل كان للسعودية بأموال نفطها ونفط الخليج تواجدا وحضورا مشبوها في أفغانستان حيث نمت ظاهرة طالبان وحركتها المتطرفة وتواجدت كذلك حاضرة في مأساة الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي وقبلها كانت حاضرة في صراع اليمنيين الدامي في ستينيات القرن الماضي وما تلا ذلك من تدخلات لها في الشأن اليمني ولاحقا حضرت السعودية في ثورات الربيع العربي كمثبطة لهذه وداعمة لتلك ومتآمرة على أخرى منها ولعل تدخلها المفرط في سوريا والقائها بكل ثقلها واصرارها على تفتيت كيان الدولة السورية وتمزيق هذا البلد وانفاقها واسهامها الكبير في استجلاب وتجنيد الاف من ارهابيي العالم لقتل الشعب السوري هو الأبرز وبدت السعودية بتورطها في سوريا الأكثر انغماسا وبدا دورها في تأجيج الصراع السوري وحجم الخراب والدمار الواسع لهذا البلد العربي المقاوم محوريا ورئيسيا . وفي اليمن تكرر السعودية ماسبق ان فعلته في أماكن اخرى مع اختلاف في بعض التفاصيل وترفع اعداد مبغضيها وتصر على ان تكون عدو مجرم لشعب اليمن من خلال هذه الحرب التي تشنها عليه بلا هوادة منذ اربع سنوات وتلح على الإستمرار في ورطة لن تخرج منها سليمة معافاة . ..... يتبع ......