تبحث مملكة آل سعود عن نصر وهمي في اليمن لتستعيد ولو جزءاً من كرامتها المهدورة في نجران وجيزان وخميس مشيط. وفي ظل الحصار الذي يفرضه عليها الفشل والمساحة الزمنية الضيقة ونفاد الخيارات تضاعفت الهستيريا وحالة التوهان في مواقفها وأنشطتها، سواء على المستوى السياسي أو في أنشطة عدوانها الخارجي ودعمها لجماعات ضعيفة مشتتة في الداخل اليمني. مملكة آل سعود تشعر اليوم- بشكل أكبر من ذي قبل- بحجم الورطة التي أوقعت نفسها فيها، لكنها فقدت بوصلة العودة وتبحث عمن يهديها طريقاً لا يعرفها، حتى لا يسخر مما اقترفته في حق الشعب اليمني، طريقاً لا تستنزف ما تبقى من كرامتها. لقد تغيرت الموازين بالفعل، بعد أكثر من شهرين ونصف على العدوان، خاصة في الشهر الأخير من الحرب، حيث بدأ الذل يتسلل إلى الموقف والكيان والمركز السعودي في ظل تنامي العزة والكرامة عند الجيش والمواطن اليمني. مملكة آل سعود تعرف أن القوى العالمية أصبحت تسخر منها، حتى تلك القوى التي أعلنت تأييدها للعدوان، بما فيها الدول التي دانت ضرب السعودية بصاروخ اسكود، بل إن تلك الإدانة تمثل صفعة قوية لحكام السعودية، وأعتقد أن الرياض قد فهمتها كما يجب. اليوم تقف المملكة أمام خيارين: إما البحث عن انتصار وهمي مهما بلغ الثمن، بعد أن أدركت فشلها الذريع في تحقيق انتصار حقيقي أو تحقيق ولو الحد الأدنى من الأهداف المعلنة, أو إعلان الهزيمة بأي صيغة تراها مناسبة- وهذا مستبعد- لأن إعلان الهزيمة من خلال إيقاف العدوان من طرف واحد أو التوصل إلى اتفاق مع القوى اليمنية في الداخل بعيداً عن ضيوفها سيمثل انتكاسة كبيرة للنظام وإعلان ميلاد المشاكل الداخلية الحقيقية التي من شأنها تقويض أركان النظام السعودي. لذا يجب على الأممالمتحدة والقوى اليمنية الفاعلة التعاون مع نظام آل سعود لإخراجه من ورطته بأقل الخسائر. لعل مؤتمر جنيف سيفعل ذلك، لأنه يعد الفرصة الأخيرة للجميع، أما إذا واصل مراهقو الخارج في غيهم وعجز أربابهم في الرياض عن قرعهم بعصا العقل فقد يقودون نظام آل سعود إلى ما لا يُحمد عقباه.