يعتبر أداء الزكاة في ديننا الإسلامي الحنيف عبادة متعلقة بالمال لأنها الركن الثالث, وتمثل نظاما إلهيا دقيقا وشاملا لإدارة الدولة بشكل عام, ولا خلاف في أدائها في جميع المذاهب فقد قال عز وجل (وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) وقال (وآتوا الزكاة). فقد فرضت في مكة في السنة الثانية للهجرة وبنت احكامها في المدينة وتجب الزكاة في البدن او المال على الأغنياء بقدر معلوم.. فمن اراد البناء والنماء والطهارة والصلاح بمعناها الحقيقي فعليه المبادرة بدفع ما عليه من واجبات زكوية، حتى ان المتأمل في الأديان الأخرى يجد ان الزكاة فرضت في الديانة الإبراهيمية بالاتفاق على مشروعيتها ببذل جزء من المال الى ذوي الحاجة مع اختلاف حول تفاصيلها.. فما يعزز من نهوض نظام وجعله متماسكا بعيدا عن الاختلالات المالية والإدارية والحد من ظاهرة الفقر هو الاهتمام بهذا الجانب الرئيسي في بناء الدول. وما كان إصدار القيادة السياسية المتمثلة بالمجلس السياسي الاعلى توجيهات بإنشاء الهيئة العامة للزكاة العام الماضي بالأمر السهل فهي سابقة في الاتجاه الصحيح وسيسجل لها في انصع صفحات انجازاتها وهو فريد من نوعه لأنه في ظرف خاص وعصيب تمر به بلادنا وبالأخص في استمرار هذا العدوان الغاشم.. ولا تنم إلا عن إدارة جادة تسعى لبناء دولة النظام والقانون حلم اليمنيين كافة. فما دفعني لكتابة هذه الأسطر هو انني أثناء متابعتي المعتادة للأخبار في عدد من القنوات والمواقع الإخبارية قرأت عنوان خبر مفاده توزيع مبالغ من أموال الزكاة على- وضعوا خطين على ذلك ل(43000) فرد من فقراء مديريات محافظة الحديدة. لم اهتم بتفاصيل الخبر كما لم أكلف نفسي عناء البحث عن مصدر تلك الأموال أو الجهة التي قامت بتوزيعها.. لم تمر سوى أيام قليلة إلا وأطالع خبرين أحدهما الإفراج عن 53 سجينا معسراً والآخر إقامة عرس جماعي لعدد 1100 عريس وعروس من أبناء الشهداء الأشد فقراً برعاية ومساهمة وتمويل الهيئة العامة للزكاة. قادني اهتمامي للبحث عن تعريف تلك الهيئة ومعرفة دورها وما هي أهدافها ومهامها فإذا بي أتفاجأ بحجم المشاريع المختلفة والفعاليات العديدة والبرامج المتنوعة التي قامت وتقوم بتنفيذها الهيئة العامة للزكاة مقارنة بعمر تأسيسها القصير الذي لم يتجاوز عدة أشهر كوعاء حقيقي للزكاة لوضعها في مكانها الصحيح وصرفها في مصارفها الشرعية الثمانية التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم وبما يضمن للمكلفين من إيصال زكاة أموالهم عن طريق الهيئة إلى مستحقيها بكل أمانة وشفافية. أكدت لي تلك الإنجازات خاصة في هذه المرحلة وخلال الفترة القصيرة بمالا يدع مجالا للشك على توجه الهيئة الجاد والصادق في إقامة وتعظيم هذه الفريضة الدينية والرفع من شأنها وصرفها في مصارفها الشرعية المستحقة وفق دراسات شرعية واقعية وإحصائيات واضحة ومعايير دقيقة تستمد بياناتها من الميدان عبر لجان مجتمعية مشكلة من كافة شرائح المجتمع دربت على أيدي كوادر مؤهلة لتقوم بعملها بكل صدق وتحرٍ وأمانة بعيدا عن المجاملات والمحسوبية والوساطة وغيرها من الممارسات السيئة التي نشأت في مجتمعنا اليمني خلال السنوات الماضية. فنشد على أيديهم بالمواصلة في هذا الاتجاه المبارك لتنهض بمشاريع عملاقة في المستقبل يشهد لها العدو والمزايدون قبل الصديق.