جابرنا عمر بن براقة الهمداني قال في مطلع السنة الحادية عشرة من القرن الحادي والعشرين الميلادي وبينما كنت مع أولادي عرض مشهد في التلفاز غير عادي اهتز له كياني وفؤادي وتداعت له أركاني وأوتادي.. فيا هول ما رأيت شمعة مغمسة بالزيت.. عز عليها لطمها فودعت أباها وأمها.. تؤثر الشارع على البيت وقد أشعلت النار في جسدها كما اشعلت حرب الخليج النار في آبار نفط الكويت ليمتد شرارها ويتطاير أوارها من شمعة الى شمعة ومن جمعة الى جمعة. دمعة دمعة.. جامع.. جامع.. شارع.. شارع.. دار.. دار.. زنقة زنقة من الخليج العربي الى المحيط الهادي مما أدى الى عودة ابني البكر الذي كان يدرس في جامعة المعادي بمصر. هذا الحادث غير العادي أحدث ردة فعل في بلادي وأدخل البلاد والعباد في أمر مريج من المحيط الى الخليج ثورة من الياسمين والأريج تغص بالشباب وتهيج ليتدافعوا الى الشوارع تدافع الحجيج على أضواء الشموع وبريق الدموع ينشدون التغيير. ويناشدون الضمير بالهتاف في هدير شعارهم على الدوام الشعب يريد اسقاط النظام. وإثر الحادث الجلل خرجت من داري على عجل متسللاً من بابه الخلفي وعلى غير لياقتي ولطفي طرقت باب جارنا قنديل المطفي ففتحت لي طفلته الصغيرة منيرة فوجدته جالساً على الحصيرة تنتابه الحيرة وتأخذ بمجامعه قناة الجزيرة بمشاهدها الفظيعة والمثيرة.. وكان على حد وصفي يلف لفي ويصغي الى حديث وجد وقفي معلقة على الخبر في انتظار ما وراء الخبر الذي حال دونه انفجار له اهتزاز أشبه ما يكون بانفجار دبة غاز انقطعت على إثره الكهرباء وحرمتنا من متابعة الاخبار والانباء فخرجنا الاثنين ندب الى الشارع وإذا بحريق هائل بجانب الجامع كان والعهدة على جارنا جميل عبد الواسع بفعل فاعل، عاقل غير جاهل اسمه ملاعب الفيش الفشفشي الذي يظل من الصباح حتى العشي يغير في الفازات النحاسية والفيوزات ذات الحساسية من بعد ان أقصي عن عمله من قبل برنامج طفيِّ لصِّي الذي يشغله.. ومن شدة قهري وقلة صبري اضطررت ولي عذري الى حمل الفانوس وخرجت افتش عن أي كهربائي بالفلوس فلم أجد إلا العاطل عيدروس الذي بسرعة اعتلى كنبة من خشب الابنوس.. فوقها اكثر من عشرة آلاف واط.. مثل شجرة ذات انواط عليها اسلاك متشابكة مثل خيوط العنكبوت قد تكالبت عليها كل البيوت ولولا لطف الله بالناس في الطريق لنشب في كل ثانية حريق ولنا لقاء في مجابرة قادمة. وعشتم في سلامة دائمة..