توالت ردود الأفعال حول مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي وعدد من معاونيه في غارة جوية بالقرب من بعقوبة شمال بغداد. ففي العراق هنأ رئيس لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية عبد العزيز الحكيم الشعب العراقي بمقتل زعيم القاعدة، متهما إياه بأنه كرس حياته الأخيرة في شن حرب "الإبادة الطائفية" ضد الشيعة. أما الحكومة الأردنية التي أعلن المتحدث باسمها مساعدة مخابراتها للقوات المتعددة الجنسيات في عملية قتل الزرقاوي, فقد هنأت الشعب العراقي والحكومة العراقية بهذا الحدث. كما اعتبر الأمين العام للأم المتحدة كوفي أنان أن مقتل الزرقاوي يبعث على "الإرتياح", محذرا من أن هذا الحدث لا يعنى نهاية العنف في العراق. وفي النمسا اعتبر المستشار فولفغانغ شوسل الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي أنه ينبغي مواصلة مكافحة ما يسمى الإرهاب إثر الإعلان عن مقتل الزرقاوي, كما اعتبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد خافيير سولانا الحدث "ضربة قوية" للقاعدة.وفي برلين وصفت المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل مقتل الزرقاوي ب"النبأ السار", مؤكدة أن زعيم القاعدة كان واحدا من أكثر الرجال خطورة في التنظيم. وأعربت الخارجية الفرنسية عن أملها في تراجع أعمال العنف في العراق وعودة الاستقرار والأمن إلى هذا البلد في إطار استعادته للسيادة كاملة. وفي اليابان أعلنت وزارة الخارجية أملها في أن يؤدي مقتل الزرقاوي إلى تحسين الوضع الأمني والقضاء على "المجموعات الإرهابية". كما وصفت الحكومة الإسرائيلية على لسان المتحدث باسمهما مقتل الزرقاوي بأنه "نصر عظيم للديمقراطيات الغربية والأنظمة العربية المعتدلة في الشرق الأوسط"، معتبرة أن تنظيم القاعدة هو "الأكثر إجراما". وفي كابل رحب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بمقتل زعيم القاعدة في العراق ووصف مقتله بأنه "ضربة قاسية إلى الإرهاب". كما وصفته الخارجية الباكستانية بأنه "تطور مهم". كما اعتبر وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد أن مقتل زعيم القاعدة في العراق "انتصار مهم" في الحرب على ما يسمى الإرهاب, لكنه عاد وقال إنه "بالنظر إلى طبيعة الشبكات الإرهابية فإن مقتل الزرقاوي لا يضع رغم أهميته نهاية لكل أعمال العنف في ذلك البلد". وفي وقت سابق وصف الرئيس الأميركي جورج بوش مقتل الزرقاوي بأنه ضربة قوية لتنظيم القاعدة و"صفعة للإرهابيين", معتبرا أنه واجه المصير الذي يستحقه بعد "العمليات الإرهابية" التي نفذها في العراق. كما وصف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الحدث بأنه "سار جدا وضربة لتنظيم القاعدة في كل مكان، وخطوة مهمة في المعركة الأوسع ضد الإرهاب". أما رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الذي كان أول من أعلن مقتل الزرقاوي، فقال إن مقتله يمثل "رسالة لكل الإرهابيين في العراق", متعهدا بملاحقتهم بكل شجاعة ودون خوف أو كلل أو ملل. إلى ذلك أكد المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان هيثم مناع أن نشر القوات الأميركية في العراق لصورة جثة زعيم تنظيم القاعدة في العراق في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي مخالفة لاتفاقية جنيف الثالثة لحقوق الإنسان. وأوضح مناع أن الاتفاقية تمنع توظيف أي صورة لأسرى الحرب وهم مصابون أو قتلى أو وهم يرفعون أيديهم معلنين الاستسلام، وحتى لو كان ذلك لغايات حربية ضرورية مثل رفع المعنويات. وردا على ذريعة نشر هذه الصور من باب تأكيد صدقية وقوع الحدث، وهي الذريعة التي لجأ إليها فرانك باسكول من القيادة الوسطى الأميركية في تصريحاته للجزيرة، قال مناع إن خبراء القانون الإنساني الدولي اقتصروا على أن يكون العرض لخبراء ومختصين وبعيدا عن الإعلام. وأشار مناع في حديثه مع الجزيرة نت إلى أن القوات الأميركية ارتكبت الكثير من الانتهاكات المشابهة في العراق، حيث أقدمت على نشر صور الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بعد القبض عليه، وبينما كان أحد جنود المارينز يفحص أسنانه ويفتش في شعره، وكذلك نشر صور جثتي ابنيه عدي وقصي. ونوه مناع إلى أن الأميركيين انتهكوا أيضا القانون الذي وضعوه وهو "اتفاق حول أوضاع الأشخاص في حالة الحرب"، وعبر عن استهجانه من قيام الإدارة الأميركية بالاحتجاج لدى المنظمات العربية الحقوقية عندما قام النظام العراقي السابق بنشر صور الجنود الأميركيين الذين وقعوا بالأسر. لكن مناع أوضح أن الإدارة الأميركية حمت قواتها ومواطنيها من المحاكمات الجنائية الدولية بمجموعة من التوصيات والقوانين التي أصدرها البنتاغون والتف فيها على اتفاقيات جنيف وعلى البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف. وقد منحت الولاياتالمتحدة نفسها ثلاثة أشكال من الحماية، أولها أنها حددت خضوع جميع عسكرييها منذ الحرب على أفغانستان عام 2001 للقواعد المحددة من قبل وزارة الدفاع الأميركية البنتاغو، التي تستقي 80% فقط من موادها من اتفاقيات جنيبف. والحماية الثانية من خلال إعلان الحاكم الأميركي السابق في العراق بول بريمر بأن كل ما هو مشمول في القوات المتعددة الجنسيات بمن فيهم الطباخون والفنيون لا يحاسبون أمام القضاء العراقي. وأما الحماية الثالثة فجاءت من خلال فرض واشنطن على 62 دولة تمنحها مساعدات بالتوقيع على اتفاق ثناني يحول دون محاكمة أي أميركي متهم بجرائم حرب على أراضي هذه الدول أو تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية. وأشار مناع إلى أن الولاياتالمتحدة لم تكتف بذلك بل استعملت القانون الدولي خارج المواد الأساسية فيه، وهي الحقوق التي يمنع مسها في حالة الحرب أو السلم، وهي تعذيب الأسرى أو التمييز فيما بينهم على أساس العرق أو اللون أو المعتقد أو اتخاذ الرهائن. ووصف مناع الواقع الحقوقي الحالي في ظل الممارسات الأميركية بأنه أشبه بشريعة الغاب، بحيث لم يعد هناك أي ضوابط أخلاقية أو قانونية للتعامل مع الأشخاص والدول، مؤكدا أنه لا توجد أي جهة دولية تستطيع الاقتصاص من الأميركيين مهما بلغت الانتهاكات التي يرتكبونها. المصدر : الجزيرة + وكالات