بعض أسرار وحقائق تكشف لأول مرة عن الحوادث الداخلية في المناطق الوسطى.. بعد بحث مضنٍ وأسئلة وأجوبة مع 300 شخص من أبناء المناطق الوسطى سأكشف في هذه المادة- الحلقة 21- بعض الأسرار والحقائق المغيبة والبقية سأوضحها في “الحلقات القادمة” من موضوع البحث. المخربون.. وصف ظالم قبل إيضاح بعض الحقائق الغائبة أو المغيبة التي تخص جزءاً بسيطاً لكنه مهم في معمعة أحداث المناطق الوسطى خلال عامي 1972م- 1973م وهو جزء بسيط من حروب المناطق الوسطى الذي استمر من أول حملة عسكرية وقبلية موجهة ضد المناطق الوسطى أوائل عام 1970م إلى آخر حملة عسكرية ضمت عدة ألوية عسكرية عامي 81- 82م قبل ذلك أود الإشارة إلى نقطتين رئيسيتين كانتا مغيبتين من قبل سلطة صنعاء وهي كالتالي: النقطة الأولى: الإساءة السياسية بعبارة “المخربين” لتاريخ المنطقة الوسطى وقتل معنوي لسلميتها وأهدافها السياسية المنادية بالعدالة والمساواة وتصحيح مسار الثورة السبتمبرية وأهدافها الستة التي تم إفراغها من محتواها الوطني العادل وتحويله إلى مصالح شخصية ضيقة لمراكز القوى القبلية والعسكرية في سلطة 5نوفمبر الرجعي. وبداية المعارضة تمثلت في تأسيس منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين عام 1969 وكان معظم عناصرها من أبناء المناطق الوسطى من المقصيين العسكريين والمدنيين من وظائفهم بعد أحداث 21أغسطس عام 1968م وكانت حينذاك معارضة سلمية لكن السلطة قمعتها ونكلت أو اعتقلت بعض أعضائها فتحولت إلى معارضة سياسية مسلحة في عدة مناطق يمنية وثقلها المنطقة الوسطى وبدلاً من أن تعالج سلطة صنعاء الرجعية الأمور بالتي هي أحسن عالجتها بالقمع والحملات العسكرية والقبلية على المناطق الوسطى واستمرت الحروب الظالمة خلال فترات متقطعة من بداية عام 1970م إلى نهاية عام 1982م – أي فترة 13عاماً- وهو أطول نزاع مسلح في بلادنا. وقد أطلقت السلطة الرجعية في صنعاء تسمية “المخربين” على أبناء المناطق الوسطى ظلماً وبهتاناً.. والحقيقة أن أبناء المناطق الوسطى أناس مسالمون وطيبون. وقد دافعوا عن أنفسهم خلال توجه عشر حملات عسكرية وقبلية إلى مناطقهم خلال 13عاماً. وما المخربون الحقيقيون إلا السلطات الرجعية المتعاقبة والتي كانت قراراتها السياسية مرهونة بيد المملكة السعودية حيث قامت تلك السلطات بشن العديد من الحروب العبثية ضد المناطق الوسطى ونكلت وشردت أهلها وخربت بيوتهم. السبب الرئيسي لمقتل بعض مشايخ المنطقة الوسطى النقطة الثانية: من المسائل المغيبة في أحداث المناطق الوسطى هو عدم معرفة السبب الرئيسي لمقتل بعض مشايخها وهو ببساطة إلزام الدولة لبعض مشايخ المنطقة بان يقوموا بدورها الذي لم تستطع القيام به والمتمثل في: القبض على أعضاء منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين وقياداتهم أو طردهم من المنطقة أو قتلهم رغم إدراكها بالحجم الكبير الذي وصلوا إليه. والذي كان يعتذر عن القيام بهذه المهمة يقولون عليه”غير وطني” وكأن الوطن أو الوطنية من أملاكهم الشخصية.. يمنحون صكوك الوطنية لمن يشاؤون ويحرمون من يشاؤون. ولذلك وقع معظم مشايخ المنطقة الوسطى بين خيارين أحلاهما مر: - أما الرفض المصحوب باعتذار رقيق ويواجه تهمة التخوين من السلطة. - أما القبول ويواجه مصيراً مجهولاً. • الذين رفضوا جلسوا في بيوتهم تلاحقهم توبيخات مسؤولي السلطة واتهاماتهم لهم بالخيانة. • والذين قبلوا بتنفيذ مهمة هي اكبر بكثير من قدراتهم كانت النتيجة أما مقتولاً أو معتقلاً أو هارب في صنعاء أو تعز يواجه التأنيب والتحقير والتقريع واتهامه بالجبن من قبل قيادات السلطة أي أن الأحياء من مشايخ المنطقة الوسطى لا أنهم ارضوا السلطة ولا أنهم حافظوا على علاقة ودية مع معارضي السلطة من أبناء منطقتهم. • ما ذكرت أعلاه من الحقائق التي كانت مغيبة من قبل السلطة وبعض المشايخ. حكاية الانتحار بطلقتين من مسدس اكتشفت بالصدفة حالة قتل ارتكبت أوائل شهر يناير 1973م كيف حصل ذلك؟ كنت استمع بانتباه إلى احد شهود العيان الذين سألتهم بالإدلاء عما شاهدوه في الأحداث الداخلية للمناطق الوسطى خلال عامي 1972-1973م قال: سمعت أن فلان قتل فلان والشاهد فلان لكنه انتحر اليوم الثاني بطلقتين من مسدس في رأسه.. لفتت انتباهي هذه العبارة.. قاطعته كم طلقات؟ قال طلقتان قلت له: هل شاهدته وهو يطلق طلقتين على رأسه؟ قال لا وصلت بعد دقائق وشاهدته وهو مرمى على الأرض وشاهدت اثر وعلامة الطلقتين دخولها وخروجها في رأسه قلت له: من الذي شاهده وهو يطلق عيارين على رأسه؟ أجاب: شاهده أخي فلان وابن عمي فلان. ثم صارحته بهمس أن الذي حصل هي حالة قتل وليست انتحار.. فالذي ينتحر بطلقة نارية من مسدس برأسه لا يستطيع إطلاق الأخرى.. بقية الحكاية سأكتبها في الكتاب المزمع.. حكاية الجرمل الذي قتل واحد وأعفى الآخر قال احد شهود العيان: يا فندم” تقاعر” فلان وفلان- يقصد اشتبكوا بالأيدي- وجاء فلان ومعه بندقية الجرمل “وشبر” على ظهر فلان- يقصد سدد- وتوشه- يقصد رماه- بطلقة في ظهره.. عرفت ان كلام الشاهد غير صحيح لأنني شاهدت الشخص غير المستهدف والذي اشتبك مع الشخص المستهدف الذي قصده الشاهد بعد كم شهر.. فلو تمت رماية الطلقة من البندق الجرمل على ظهر احدهم لكانت قتلت الشخصين “المتقاعرين” معاً فالمعروف ان رصاصة البندق الجرمل تخترق جسد شخصين حتى لو صادفت الطلقة عظماً وهذه الحالة من الحالات الغامضة والتي لم تكشف بعد.. ومن الحقائق التي كانت مغيبة في تلك الأحداث المذكورة قال شهود عيان طلبوا عدم ذكر أسمائهم أنهم شاهدوا حالات قتل بين الأطراف المتقاتلة.. او ما يمكن تسميته ب”القتل والقتل الآخر”. يتبع عدد الاربعاء القادم