{ الأحداث الداخلية في المناطق الوسطى وكشف بعض حقائق كانت مغيبة : ذكرتُ في الحلقة الماضية خمسة أحداث وبالذات الكبيرة التي نجم عنها حالات قتل أو أحدثت إصابات بليغة إحدى تلك الوقائع على لسان من اكتوى بنارها- راجع العدد الماضي- وقبل تدوينها كنت قد سألت أشخاصاً من المعروفين في المناطق الوسطى 34 شخصاً من المشايخ والموالين لهم بالإضافة الى 33 شخصاً من منظمة المقاومين السابقين والمؤيدين لهم و33 شخصاً من المحايدين والمواطنين.. سألت الجميع عن حيثيات وأسباب الحوادث الخمس المذكورة وأسئلة أخرى كان غرضي منها مقارنة الحقيقة. وقد جاءت الإجابات بالنسبة لطرفي النزاع كلاً حسب وجهة نظره على غرار صراع الأضداد وبعضها متضاربة. اما المحايدون وبعض المواطنين فقد كانت إجاباتهم أفضل من المتخربين رغم تضارب بعض المعلومات وطبقاً لمثل هذه المواضيع ينبغي أن تكون الإجابات عنها صحيحة ولا يجوز فيها التهوين او التخمين.. وفي كل الحالات استنتجت من إجابات ال100 شخص الحقائق المغيبة التالية: - أن جريمة تفجير دار الشيخ علي احمد الحصيني كان جريمة مكتملة الأركان وقد تم عن قصد ارتكاب تلك الجريمة مع سبق الإصرار والترصد خاصةً والشيخ علي لا يوجد بينه وبين أي فلاح أو ما نسميه “رعوي” أي فارق باستثناء مستوى وعيه وقدرته على إصلاح ذات البين الذين يقصدون من الرعية البسطاء ولو كان هو شخصياً مستهدفاً لكانوا نفذوا اغتياله بشكل منفرد وابقوا على حياة الأطفال الأبرياء. - أن الهجمات بالقذائف على دار الشيخ طاهر الشامي ليس لها ما مبرر خاصة والشيخ طاهر الشامي لم يعاد منظمة المقاومين أو غيرها. - أن بقية المشايخ في المناطق الوسطى كانوا ضحية السلطة أكثر من غيرها فقد كلفتهم بالقيام بدورها رغم إدراكها بالحجم الكبير الذي وصلت إليه أعداد الجماعات السياسية المعارضة للسلطة وأبرزها منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين، ففي الوقت الذي عجزت السلطة فيه عن قمع تلك المعارضة فقد أوعزت لبعض المشايخ لقمعها بقصد خبيث وهو ضرب أبناء المناطق الوسطى ببعضهم البعض.. وللأسف الشديد قد حدثت الفتنة بين الطرفين وأدى ذلك إلى مقتل عدد من بعض المشايخ وبعض اعضاء منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين وبعض المواطنين الأبرياء. ملاحظة: اكتفي بهذا التحليل أو الاستنتاج الأولي الذي استقيته من أجوبة المائة شخص كدفعة اولى. وقد دفعتني إجاباتهم رغم شحة كشفها للحقائق المغيبة إلى توجيه نفس الأسئلة إلى دفعة ثانية عدد أشخاصها 100 شخص من نفس المنطقة الوسطى معظمهم من الشباب ضمن نفس هذه الحلقة ودفعة ثالثة عدد أشخاصها 100 من سن 60 عاماً فما فوق ضمن مادة الحلقة القادمة التي تنشر في العدد القادم بإذن الله. وسأوضح بعض الحقائق المغيبة الواردة في إجابات الثلاث مائة شخص في الحلقات القادمة إن شاء الله. عودة إلى الموضوع: وصفت السلطة الرجعية في صنعاء أبناء المناطق الوسطى ب”المخربين” وهو توصيف ظالم.. وكانت السلطة توهم المشايخ بأنهم ممثلو السلطة وهم “الاسياد” وبقية الرعية هم العبيد.. وقد صدق بعض المشايخ السذج وهم السلطة وتعاملوا مع أبناء منطقتهم من منصة الشيخ المتعالي الآمر الناهي بمبدأ العبارة غير المأثورة “إذا عيالك يضربوا عيالي بيننا اقرب مركز شرطة وإذا عيالي ضربوا عيالك سهل هم جهال عيسدوا”. لكن بصراحة مشايخ عن مشايخ يختلفون فلو نقارن شيخاً مثل عقيل الحدي أو شيخاً مثل ناجي محسن الحدي الله يرحمه بمشايخ من حاشد أو بكيل سنجد أن الفارق شاسعاً لصالح معدن الحدي من حيث الذكاء والإدراك وحسن التصرف الخ.. لكن بشكل عام اعتقد كيساري أن النظام المشايخي والقبيلي لا يصلح لدولة النظام والقانون وما جنينا وجنت البلاد من النظام المشايخي إلا المصائب والفساد مع تمسكي برأيي ان مشايخ المناطق الوسطى معظمهم متنورون وفاهمون نسبياً أما مشايخ حاشد وبكيل فالحق يقال أن معظمهم عندهم “مناعة ضد الفهم” وجزء مما نعانيه اليوم كان بسببهم وإجمالاً اسر المشايخ الذين قتلوا في أحداث المناطق الوسطى 72-73م لم ينسوا ما حصل لذويهم لكنهم نسوا أو تناسوا ما سببوه لخصومهم من قتل أو اعتقال أو تشريد وفي كل الحالات وطالما وقد مر على ذلك ما بين 46 أو 47 عاماً فإنها تعتبر جزءاً من التاريخ، لكن حتى تاريخها مغيب حتى الآن، كما سألت 100 شخص من أبناء المنطقة الوسطى سؤالاً بسيطاً وهو: متى جرت أحداث المناطق الوسطى؟ ومن المائة شخص الذين سألتهم شفهياً او هاتفياً وأعمارهم 50 عاماً أو اقل أي أنهم لم يعايشوا أحداث تلك الفترة وطلبت منهم ذكر التاريخ والشهر والعام أو على الأقل عام حدوثها؟؟ وذكر تلك الأحداث؟ وكانت إجابات المائة شخص على النحو التالي: 2% ذكروا تاريخ وشهر وعام لحدثين وبقية الأحداث ذكروا العام فقط. 6% ذكروا أعوام الأحداث فقط. 9% قالوا أوائل سبعينات القرن الماضي وهي إجابات نصف صحيحة. 53% قالوا بأنهم لا يعرفون شيئاً عن تاريخ الأحداث. 30% قالوا سمعنا لكن لا نعرف شيئاً عن ذلك. تنويه: جاء في السطر الأول من الحلقة السابعة في عدد الاربعاء الماضي: العداء الشديد والكراهية المتبادلة بين بني جعفر وبين بني محن وليس بني محسن.. وبذلك لزم التنويه..