بعد احتلال منطقة حمض الكويتية من قبل الوهابيين واصل الوهابيون زحفهم المبرمج في الأراضي الكويتية لفرض مذهبهم المتشدد على سكانها ولم يتم التصدي لهم الا بعد وصولهم الى قرية الجهراء القريبة من مدينة الكويت وهذا من إفرازات الغموض في الموقف البريطاني الذي لم يتصد لتقدم قوات الإخوان من الجنوب إلا بعد ان دخلت الأراضي الكويتية الواقعة داخل الدائرة الحمراء كما أسموها البريطانيين. وبهذا الشأن قال الأستاذ عبدالله بشارة: تسيد التوتر العلاقات الكويتية البريطانية خلال حكم الشيخ سالم الصباح لأسباب منها عدم وضوح الموقف البريطاني في الالتزام بحماية الحدود الكويتيةالجنوبية كما حددت في الدائرة الخضراء.. فتشير اللقاءات بين الشيخ سالم والمعتمد البريطاني في الكويت إلى اقتناع الشيخ سالم بأن المعتمد أكد له التزام بريطانيا بالدفاع عن تلك المنطقة لكن الانطباع العام لمن يقرأ الموقف البريطاني الشامل والصادر من دوائر لندن يتوصل إلى حصيلة مختلفة فالدائرة الحمراء تؤكد التزامها بحمايتها اما الدائرة الخضراء وهي الساحة الجنوبية فهي متروكة للحقائق على الأرض وهي بدورها التي ترسم مصير المنطقة. “1” ملاحظة: الحدود أو الأرض الكويتية هي كل لا يتجزأ حسب اتفاقيات 1899 و 1913 حكاية الدائرة الحمراء والدائرة الخضراء هي من أساليب النصب والكذب البريطاني على الكويت قبل 100 عام من الزمان والكذب البريطاني على الكويت قبل قرن من الزمن مازال يمارس من قبل الامبريالية البريطانية حتى اليوم. عودة الى الموضوع: توفي الشيخ سالم في فبراير عام 1921م وتقلد الحكم بعده الشيخ احمد الجابر مبارك الصباح حاكم الكويت العاشر قال عنه عبدالله بشارة انه حمل معه جينات جدة في إدراكه لأهمية الحماية البريطانية لمواجهة المخاطر التي تهدد الكويت. ملاحظة: انا وأي قارئ لا يرى أي أهمية للحماية البريطانية للكويت بعد ان قسمت الأراضي الكويتية إلى دائرة حمراء تلتزم بحمايتها ودائرة خضراء لا تلتزم بحمايتها!! فأي اهمية هذه؟؟ كما طرح عبدالله بشارة سؤالاً مفاده: كيف تعامل الشيخ احمد الجابر مع مخازي الجغرافيا التي وجدت نفسها محاطة بها؟ كلمة مغازي الجغرافيا بحد ذاتها تنفي ما سميت بالحماية البريطانية للكويت كون البريطانيين خانوا العهد للأسباب المذكورة سابقاً. عودة ى الموضوع: شعر الشيخ احمد بضرورة تحسين العلاقة مع بريطانيا على أمل معالجة واقع المنطقة الجنوبية ولم يكن يعرف ان بريطانيا قد حثت حلفاءها الوهابيين على احتلالها قبل مؤتمر “العقير”. ومن الملاحظ ان مؤتمر العقير الذي انعقد في نوفمبر 1922م جاء مباشرة بعد تولي الشيخ احمد مسؤولية الحكم ولذلك لم يسعفه الوقت بعد تولي الشيخ احمد مسؤولية الحكم ولذلك لم يسعفه الوقت للتعامل الجدي مع واقع المنطقة الجنوبية وهذا ما دفعه الى تفويض المعتمد البريطاني في الكويت “الميجور مور” لتمثيله في مؤتمر العقير الذي جمع العراق والسعودية والكويت الذي حدد كل من سلطنة نجد والكويتوالعراق -2-” ملاحظات: السعودية عام 1922م لم تكن موجودة كانت تعرف بضم التاء ب سلطنة نجد وعام 1926 كانت مشروع دولة وعام 1932م اشهرت كدولة.. كما ان مؤتمر العقير جاء بعد واحد وعشرين شهر من فترة تولي الشيخ احمد مسؤولية الحكم في الكويت ولم تأت مباشرة كما ورد بمقاله عبدالله بشارة. ومن الحقائق التاريخية التي دونها المستشرقون السوفيت: ان الشيخ احمد جابر مبارك الصباح حاكم الكويت العاشر قرر ان يحضر بنفسه مؤتمر العقير للتعامل الجدي مع واقع المنطقة الكويتيةالجنوبية الواسعة التي تم احتلالها من قبل الوهابيين بمباركة من البريطانيين وللتشاور مع اسرة آل الصباح وبعض اعيان العشائر الكويتية وقد اشاد الجميع بما قال الشيخ احمد وباركوا خطواته القادمة وقد علم المندوب السامي البريطاني في العراق “بيرس كوكس” بما كان ينوي عمله فاستدعى المعتمد البريطاني في الكويت “ الميجور مور” وامره شفوياً بإقناع الشيخ احمد بتفويضه لتمثيل الكويت في مؤتمر العقير الخاص بتحديد الحدود بين سطلنة نجد ومملكة العراق ونجد والكويت ومملكة العراقوالكويت وبالفعل اقتنع الشيخ احمد ومثل الكويت في مؤتمر العقير الذي انعقد في 26 نوفمبر عام 1922م “الميجور مور”. عودة الى الموضوع.. كثيرة هي الحقائق التي دونها المستشرقين السوفيت في كتاب (تاريخ الجزيرة العربية) عن مؤتمر العقير الذي وصفوه ممسرح.. لكن كما قلت سابقاً ان مقالة الاستاذ عبدالله بشارة هي المرجع الاساسي وافضل من غيرها لاعتبارات معروفة. ولقد سيطر السير بيرس كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق على مداولات المؤتمر فبعد ان استمع الى مطالب بن مسعود بالحدود حتى نهر الفرات والى رد الوفد العراقي على ذلك بالمطالبة حتى اطراف مدينة الرياض قرر السير بيرس كوكس حسم الوضع فرسم بيده الحدود السعودية العراقية وكذلك الحدود السعودية الكويتية غير مهتم باحتجاجات الطرفين السعودي والعراقي مع التزام الصمت من طرف “الميجور مور” ممثل حاكم الكويت في ذلك المؤتمر الذي لم ينبس بكلمة واستسلم لإملاءات المندوب السامي البريطاني في العراق الذي لم يعره اهتماماً. خسرت الكويت في مؤتمر العقير الاراضي التي رسمتها بريطانيا ضمن الدائرة الخضراء وما تبقى كان في إطار الدائرة الحمراء التي تلتزم بريطانيا بالدفاع عنها -3-. ما اوردته في هذه الحلقة الخامسة والاخيرة من الموضوع المعنون اعلاه استناداً الى مقالة عبدالله بشارة الموسومة (الكويت واوجاع الجغرافيا) التي تضمنت حقائق تاريخية ومعلومات قيمة عن اوجاع حدود الكويت الشمالية والجنوبية مع جارتيها العراق والسعودية من صفحات المقالة المكونة من 14 صفحة. وقد اخترت الاربع صفحات الاولى كمرجع للحلقات الخمس التي تخص الحدود الجنوبية لدولة الكويت والتي لازالت محتلة من قبل الوهابية السعودية اما العشر الصفحات المتبقية وتخص شأن الحدود الكويتيةالعراقية ما فيش داعي لذكرها كون الحدود العراقيةالكويتية قد حسم امر ترسيمها بقرار واشراف دولي في اوائل تسعينات القرن الماضي. وفي كل الحالات ان المقالة المذكورة لكاتبها عبدالله بشارة هي افضل مرجع للموضوع المطروق وذلك لثلاثة اعتبارات وهي: - الاعتبار الاول ان عبدالله بشارة سفير سابق لدولة الكويت في الاممالمتحدة وعايش حقبتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي. - الاعتبار الثاني: إن عبدالله بشارة كان الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي وعايش احداث الثمانينات والتسعينات.. - الاعتبار الثالث: ان الاستاذ عبدالله بشارة دبلوماسي وكاتب كويتي معروف واستند الى وثائق رسمية هامة. الخلاصة: عندما كانت الدولة العثمانية تحتل العراق من القرن قبل الماضي إلى اوائل القرن الماضي كانت بريطانيا ملتزمة باتفاقية حماية الكويت ليس حباً لدولة الكويت بل كرهاً للدولة العثمانية اما بعد افول نجم الدولة العثمانية عام 1918م وبعد ان اضحت بريطانيا صاحبة النفوذ الاوحد في العراق والخليج العربي فقد تلاعبت بالألفاظ وقسمت ارض الكويت الى دائرة حمراء التزمت بحمايتها ودائرة خضراء لم تلتزم بحمايتها وهي المساحة الجنوبية المتروكة للحقائق على الأرض رغم وعدها للقيادة الكويتية بحمايتها أي أنها خانت الأمانة واوعزت للوهابيين باحتلال مناطق واسعة في جنوبالكويت ويبدو ان البريطانيين اول من اخترع لعبة الاتاري في اوائل القرن الماضي قبل ان يتم اختراعها في اواخر القرن الماضي مع الفارق ان لعبة الاتاري الحديثة في اجهزة الكمبيوتر وما شابهها تم اختراعها لغرض التسلية فقط اما لعبة الاتاري القديمة التي اخترعتها بريطانيا واسمتها الدائرة الحمراء والدائرة الخضراء كانت للإيلام وتم تطبيقها على الأرض الكويتية واضرت كثيراً بسيادتها واستقلالها الوطني. أخيراً إن إثارة موضوع الأرض الكويتيةالمحتلة في جنوبالكويت نابع من حبنا وتقديرنا لدولة الكويت التي قدمت مختلف اوجه الدعم المادي لبلادنا بشكل خاص والدول العربية بشكل عام حيث ساهمت في مشاريع التنمية العربية وكانت ولا زالت من أهم مصادر تمويل المشاريع الاقتصادية العربية ومنها بلادنا اليمن. كما ان هذا الموضوع وما سبقه الهدف منه اظهار الحقائق التاريخية وتوضيح الحقائق التي كانت مغيبة لجيل اليوم بدلاً من ان تظل ناراً تحت رماد لجيل الغد. -والله من وراء القصد – مراجع المواد: 1- 12 سطر من ص 64 من مجلة العربي العدد 609 لشهر اغسطس 2009م من مقالة بعنوان الكويت واوجاع الجغرافيا لكاتبها عبدالله بشارة سفير الكويت السابق في الامم المتحد الامين العام الاسبق لمجلس التعاون الخليجي. 2- ال5 سطور الاخيرة من ص 64 وال4 سطور الاولى من ص 65 المرجع السابق. 3- 20 سطر من ص 65 المرجع السابق.