قبل الدخول الى موضوع العنوان اعلاه اود كتابة ما تيسر من سطور عن نشوء وميلاد الوهابية ونموها التدريجي، وحتى وصولها الى سن الشيخوخة منذ بداية القران الحالي – القرن الواحد والعشرون.. إن الوهابية التي أسسها محمد عبدالوهاب عام 1727م بإيعاز بريطاني وتحت غطاء ديني يخدم اهداف سياسية قد شاخت، وآن الاوان لرحيلها غير مأسوفٍ عليها.. بدء نمو الوهابية كان بدء النشوء في سلطنة نجد.. وفي عام 1744 وصل النمو الوهابي الى مستوى لافت كان المؤسس يبحث عن حماية زعامة قبلية وآل سعود الذين كانوا يتزعمون مجموعات قبلية ويبحثون عن غطاء ديني يدعم ويعزز تنفيذ اطماعهم في التوسع على حساب اراضي جيرانهم، لذلك فقد وجد الطرفان ضرورة توحدهم كقوة دينية وقبلية واحدة حيث مثل الطرف الاول الديني محمد عبدالوهاب واتباعه ومثل الطرف الثاني كزعامة قبلية محمد آل سعود، وهذا الاندماج الثنائي الذي شهد نموًّا تدريجيًّا في القرنين السابع عشر والثامن عشر ميلادية وكذا نهوضه خلال فترة القرن الماضي وهو ما يعرف اليوم باسم الوهابية السعودية كترابط جدلي لوجهين لعملة واحدة. الانتقادات الموجهة ضد الوهابية السعودية بين سطور سليمان العسكري كثيرة هي الكتابات التي تنتقد الوهابية السعودية من قبل كتاب عرب واجانب وهي موضوعية ولا غبار عليها لكن الكتابات التي تنحو هذا النحو بقلم الدكتور سليمان ابراهيم العسكري رئيس تحرير مجلة “العربي” الكويتية لها وقع خاص وتعويل لافت لاسباب سياسية وجغرافية ايضاً.. ان العسكري ينطلق من المثل اليمني: “ادكم سعد يفهم مسعود” انه لا يقول الوهابية السعودية بل يقول :” الحركات الدينية التي يغالي بعضها بالتشدد.” ومعروف انه لا توجد حركات تغالي بالتشدد الديني غير الوهابية او احزاب وتنظيمات دينية عربية من صناعة الوهابية اتخذت الدين منهجاً لفكرها السياسي. ان الكاتب الكويتي سليمان العسكري لا يود ان تكون كتابته عن احزاب الاسلام السياسي وهو حسب تقدير يعتبر اعلى مراحل الوهابية إن جاز التعبير بل يفضل ان يكتب بشكل غير مباشر لاي شيء يخص الوهابية السعودية لسبب سياسي كما اسلفت.. ففي حديث الشهر لمجلة “العربي” الذي كتبه الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير المجلة في عددها رقم 606 لشهر مايو 2009م المعنون: “ الصحوة بعد خمسين عاماً” اشار في بداية مقاله الشهري الى مقال كتبه المفكر الاسلامي د. احمد كمال ابو المجد في “العربي” أشار فيه الى ان فريقاً من فلاسفة التاريخ يرى ان الحضارات كالشعوب تعيش دورات عضوية تبدأ بالنشوء والميلاد وتأخذ في النمو التدريجي حتى تنتهي بالشيخوخة، وهذا ما سارت به كل الحضارات بما فيها الحضارة الاسلامية التي ليست مستثناة من هذه الظاهرة التاريخية ودار الزمن دورته على تلك الحضارة فانحسر هذا المد وانكفأ المسلمون على ذواتهم في صراعات داخلية مذهبية وسياسية وازمات معيشية واجتماعية.. - راجع “العربي” العدد 606 مايو 2009م ص8. - ملاحظة الصراعات الداخلية مذهبية وسياسية وازمات معيشية واجتماعية هي في الوقت الراهن اشد وأنكى -مضاف اليها حروب داخلية وعدوان خارجي اكل الاخضر واليابس- والوهابية السعودية والامبريالية الامريكية هي السبب الرئيسي في الازمات والصراعات في الماضي الحاضر. عودة الى الموضوع: اما ما يرى الكاتب ابو المجد انها دورة جديدة من النهوض ومد اسلامي جديد في العالم العربي ازدادت مظاهره وضوحاً خلال السبعينات فقد ربط تفاؤله بعدد من الشروط التي رأى وجوب الالتفات اليها من قبل محركي وقادة الحركات الاسلامية يتعلق جوهرها بضرورة تحت الاولويات في جوهر الاشياء لا مظهر التدين الشكلي فقط. وفي بقية صفحة (8) من نفس العدد قال الدكتور العسكري ما معناه ان تفاؤل المفكر ابو المجد لم يجر كما تصور ودقق بما شهده العالم على مدى نصف قرن من التسارع الكبير في النمو الاقتصادي والتقني وغير ذلك وتساءل العسكري قائلاً: “هل واكبت تلك الصحوات الممثلة بالأحزاب والتنظيمات الاسلامية تلك الثورة التقنية والفكرية؟ .. وهل استطاعت ان تستوعب فلسفة تلك الثورة ومنطلقاتها ونتائجها؟ وأن توظف هذا الاستيعاب في مواكبة تطورها وتقدمها واستنباط قوانين وقيم ومفاهيم اسلامية حديثة تواكب حركة العصر والتطور البشري؟” - راجع “العربي” العدد606 مايو 2009م. - ملاحظة: التساؤلات التي طرحها سليمان العسكري في السطور اعلاه يقصد بها الوهابيين.. وهي تساؤلات وجيهة ورائعة لكن الوهابيين عندهم مناعة ضد الفهم. عودة إلى الموضوع: التساؤلات التي طرحها العسكري اجاب عليها في صفحة 10 قائلاً: الحقيقة ان تلك الصحوة الاسلامية التي تفاءل بها الدكتور أبو المجد “ لم تتقدم وترتق, أنما تراجعت وانكفأت بسبب اختطافها من الذين عصبوا عيونهم عن رؤية العالم من حولهم وتجاهلوا حقيقة التطور التاريخي والتقدم البشري, وما وجدوا في بعض التيارات الاسلامية وتاريخها إلا اكثر عصور عصور الانحطاط والتخلف في تاريخ الاسلام العظيم”. راجع العربي العدد 606 مايو 2009م . والتقويس أعلاه هو أيضاً ينطبق على الوهابيين لكنهم قبحوا لا يفقهون وفي ص 10 من المقال المذكور قال الدكتور سليمان العسكري ما معناه: أنه خلال نصف قرن مضى لم نلمس مشروعاً اسلامياً حضارياً للتعامل مع العالم، وما بلغه من تطور في مختلف المستويات وازاء ذلك فقد تدهور التعليم في المنطقة العربية أثر سلباً على مجال الانتاج الفكري وكل ما من شأنه أن يرتقي بالإنسان المسلم. المرجع: مقال حديث الشهر للكاتب الكويتي المعروف د. سليمان إبراهيم العسكري المعنون: الصحوة بعد خمسين عامًا المنشور في مجلة العربي العدد606 مايو 2009م ص 8-9-10.