وضع مالي حرج يواجهه النظام السعودي وتوقعات بتزايد العجز والديون هجوم السبت الماضي هو الأكبر من نوعه والأكثر فداحة بالنسبة لاقتصاد النظام السعودي ناقلات النفط تتكدس في الموانئ السعودية والبعض تغادر وتأجيل شحنة مطلوبة للصين لشحة الوقود بالسعودية 167.4 مليار دولار حجم الدين العام السعودي خلال النصف الأول من العام الجاري النظام السعودي يخسر نصف إنتاجه من النفط يومياً وتوقعات بأن تستمر الخسارة لشهور الهجوم أظهر هشاشة النظام السعودي في تأمين منشآته الحيوية والاقتصادية الهجوم جاء مواكباً مع محاولة النظام السعودي طرح شركة أرامكو للاكتتاب مما أفقدها قيمتها النظام السعودي يعترف بحجم الگارثة والإمدادات لن تعود قريباً تكبد الاقتصاد السعودي خسائر كبيرة بفعل هجمات الطيران المسير اليمنية على المنشآت النفطية لشركة أرامكو شرق المملكة، حيث تعتبر هجمات السبت الماضي الأكبر من نوعها والأكثر فداحة لصادرات النفط السعودي، حيث بلغ سعر برميل النفط مزيج برنت القياسي العالمي عند التسوية 69.02 دولار، مرتفعا 8.8 دولارات تعادل 14.61%، في أكبر زيادة مئوية ليوم واحد منذ عام 1988. وأضحى الوضع المالي للمملكة العربية السعودية حرجاً، في ظل توقعات قوية بتزايد العجز المالي وارتفاع معدلات الاستدانة، خلال الأشهر المقبلة، لتدبير احتياجاتها التمويلية، وذلك بعد فقدان نحو نصف إنتاجها النفطي، إثر الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين رئيسيتين شرق المملكة، يوم السبت الماضي. وبحسب ما نشرته صحيفة «العربي الجديد» اللندنية نقلاً عن خبراء اقتصاديين، فإن من المرجح أن تتكبد السعودية خسائر كبيرة من جراء تضرر صادراتها، على الرغم من التطمينات التي صدرت عن مسؤولين حكوميين حول اللجوء إلى المخزون النفطي لتعويض توقف إمدادات الخام التي تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل يومياً. والهجوم الأخير ، هو الأكبر من نوعه والأكثر فداحة بالنسبة للسعودية. وأضحى قطاع الطاقة خلال الأشهر الأخيرة في مرمى هجمات اليمنيين وتعرضت المملكة، خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، إلى نحو 4 هجمات مؤثرة على منشآتها النفطية، حيث أدت الهجمات الأولى إلى خسائر غير معلنة من الجانب السعودي، ولكنها كشفت فيما بعد عندما أظهرت البيانات الرسمية لمنظمة أوبك تراجع إنتاج المملكة خلال يونيو/حزيران الماضي. وقال خالد المشعان، الخبير الاقتصادي الكويتي، ل»العربي الجديد»، إن الهجمات الأخيرة على المنشآت النفطية السعودية، ستؤثر بشكل سلبي على إيرادات المملكة، ومن المتوقع أن ترتبك الميزانية السعودية، ويزداد حجم العجز المالي. وبحسب بيانات وزارة المالية السعودية، بلغ عجز الميزانية خلال النصف الأول من العام الحالي 5.7 مليارات ريال (1.5 مليار دولار) مقابل 41.7 مليارات ريال (11.11 مليار دولار) في الفترة المناظرة من 2018. كما وصل الدين العام إلى 627.8 مليار ريال (167.4 مليار دولار)، بنهاية النصف الأول من 2019، مقابل 559.9 مليار ريال (149.2 مليار دولار) في نهاية 2018. وأضاف المشعان أن «الضربة الأخيرة جاءت موجعة للمملكة، حيث خسرت نحو نصف إنتاجها، وهذه الخسائر ستؤدي حتما إلى تراجع التصدير وعوائده، بالإضافة إلى توجه بعض المشترين الآسيويين للنفط السعودي إلى بدائل أخرى للحصول على النفط، وهو ما يمثل مأزقا كبيراً، فعندما يعود الإنتاج كما كان، سيكون المشترون قد وجدوا بديلاً يمدهم بالنفط بعيداً عن أي صراعات في المنطقة». وقال مروان سلامة، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت ل»العربي الجديد»، إن السعودية قد تخسر حصة مؤثرة في سوق النفط العالمي نتيجة الوضع الحالي، مشيراً إلى أن عدم قدرة المملكة على حماية منشآتها النفطية سيعرّضها إلى خسارة سيطرتها على سوق النفط العالمي، وبالتالي دخول لاعبين جدد إلى السوق، في مقدمتهم أميركا وروسيا وإيران التي تسعى إلى وجود مخرج من الحصار الاقتصادي وتصدير نفطها. وأضاف: «توقف الإنتاج في حقول أرامكو لمدة 7 أيام فقط، يعني تسجيل خسائر تتجاوز ملياري دولار، وذلك بحسب الأسعار قبل الهجمات، وهو ما يعني أن الخسائر المادية للمملكة ستكون كبيرة في حال توقف الإنتاج لفترة طويلة». وقال مصدران مطلعان على عمليات أرامكو السعودية، لرويترز، اليوم، إن عودة الشركة بالكامل إلى إنتاج النفط بكميات طبيعية «ربما تستغرق أشهراً». وأكد أحد المصدرين: «ما زال (الوضع) سيئا». بينما كان مصدر في قطاع النفط قد قال، يوم الأحد الماضي، إن صادرات السعودية من الخام ستستمر كالمعتاد هذا الأسبوع، مع استعانة المملكة بالمخزونات المودعة في منشآت التخزين الكبيرة لديها، لكنه قد يتعين على أرامكو خفض الصادرات في وقت لاحق إذا استمر التوقف في الإنتاج لفترة طويلة. وبحسب بيانات منظمة أوبك، فإن السعودية تقدم نحو ثلث إنتاج دول المنظمة النفطي يومياً، حيث يقدر إنتاجها بنحو 10 ملايين برميل، فيما يبلغ إنتاج دول أوبك مجتمعة نحو 31 مليون برميل يومياً. وتوقع خبير لنشرة «أويل برايس» الأميركية أن يتسبب الهجوم على منشأتي خريص وأبقيق الذي عطل إنتاج 5.7 ملايين برميل يومياً من النفط السعودي، قد يرفع أسعار النفط إلى 100 دولار في حال استمرار توقف الإنتاج. ويقدر الخبير كريشنانفيزوناثان في تغريدة نقلتها النشرة النفطية، أن أسواق النفط العالمية ستفقد حوالى 150 مليون برميل في شهر. لكن هذه التقديرات يبدو أنها مبالغ فيها حسب محللين وسط التطمينات الأميركية بتوفير الامدادات الكافية للأسواق النفطية والمخزونات السعودية النفطية داخل السعودية وفي الخارج والتي يمكن أن تعوض النفط المفقود. وينتج حقل خريص الذي تعرض للتخريب حوالى واحد في المائة من الإنتاج العالمي من النفط، حيث ينتج أكثر من مليون برميل يومياً، حسب تقديرات سعودية سابقة. كما تعالج منشأة أبقيق، التي تقع على بعد 37 كيلومتراً جنوب غربي مدينة الظهران، النفط المتدفق من حقل غوار الذي يعد من أكبر الحقول في العالم. ومن المتوقع أن تكون أسواق آسيا الأكثر تأثراً من تعطل إنتاج النفط السعودي. وبحسب بيانات وكالة الطاقة العالمية، فإن غالبية صادرات السعودية من النفط تتجه نحو آسيا وليس أوروبا أو الولاياتالمتحدة، التي تحولت من مستورد إلى مصدر لخامات النفط الصخري. وتنتج أميركا حالياً حوالى 12.5 مليون برميل يومياً من النفط. وتشير بيانات وكالة الطاقة إلى أن غالبية صادرات النفط السعودي والخليجي تتوجه إلى دول شرق وجنوب شرقي آسيا، وفي مقدمتها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. فاليابان لوحدها تستورد يومياً 3.5 ملايين برميل يومياً من النفط العربي، وتشكل نسبة النفط السعودي منها 40 في المائة والخليجي أكثر من 70 في المائة. كما تستورد الصين يومياً أكثر من 8 ملايين برميل، ويشكل النفط السعودي لوحده نسبة 14% منها. وتعمل الصين والهند وكوريا الجنوبية على زيادة وارداتها النفطية من السعودية ودول عربية أخرى كالعراق، للتعويض عن شراء النفط الإيراني بعد العقوبات الأميركية. ومن المتوقع أن تظهر أسواق النفط في آسيا التي ستفتح بعد ساعات قليلة، كيفية تعامل الأسواق العالمية مع صدمة تعطل إنتاج 5.7 ملايين برميل يومياً من النفط السعودي. السعودية تدرس تأجيل طرح حصة من أسهم أرامكو للبيع قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن مسؤولين سعوديين يدرسون تأجيل طرح اكتتاب حصة 5.0% من شركة أرامكو في الأسواق في أعقاب الهجوم على منشأتي أبقيق وخريص الذي خلف أضراراً واسعة بصناعة النفط السعودية وأشاع الاضطراب في أسواق النفط والمال العالمية. وقالت الصحيفة المالية الأميركية نقلاً عن مصادر، إن “مسؤولين سعوديين يدرسون إرجاء الطرح العام الأولى لأرامكو». وأضافت الصحيفة في تقريرها: «المسؤولون السعوديون يسعون إلى استيضاح الأضرار قبل تعديل خطة الطرح العام الأولي لأرامكو». وذكر التقرير أن الهجوم اليمني أضاف مخاطر جديدة بالنسبة للمستثمرين الأجانب الذين كانوا يخططون للاستثمار في حصة أرامكو. وكانت الشركة النفطية السعودية تخطط لإجراء طرح أولي لأسهمها في السوق المحلية السعودية ثم بعد ذلك طرحها في السوق العالمية. من جانبها، قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية إن الهجوم اليمني على النفط السعودي سيقلل من قيمة أصول أرامكو في أسواق المال حتى في حال طرحها. وكانت المملكة تأمل في أن يتم تقييم أصول الشركة بمبلغ ترليوني دولار وتحصل على مائة ألف دولار من الطرح الأولي، لكن المخاطر بالنسبة للمستثمرين تتزايد في أعقاب هذا الهجوم، بدأت وكالات التصنيف العالمية تراجع تقييمها لأدوات المال والاقتصاد السعودي بأكمله. في هذا الشأن قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، يوم الاثنين الماضي، إن هجمات الطائرات المسيرة على منشآت نفطية سعودية في مطلع الأسبوع سيكون لها تأثير سلبي على التصنيف الائتماني، وإن تعطل الإنتاج “كبير”، مضيفة أنها تتوقع تأثيراً محدوداً على الأجل الطويل. وقال ريحان أكبر، نائب رئيس مؤسسة موديز: “لا نتوقع أن يترك ذلك تأثيرا طويل الأجل على المركز المالي لأرامكو السعودية، نظراً لميزانيتها العمومية المتينة والاحتياطيات القوية لديها”. وتابع “رغم ذلك، سلط هذا الحدث الضوء على الروابط الائتمانية بين الشركة والمملكة من حيث التركيز الجغرافي، والأكثر أهمية الانكشاف على المخاطر الجيوسياسية». لكن في المقابل، فإن خبراء يرون أن هذا الهجوم أظهر ضعف السعودية في تأمين منشآتها الحيوية والاقتصادية، وبالتالي سينعكس ذلك زيادة المخاطر التي سيضعها المستثمرون في الحسبان عند شراء أي أصول سعودية. ناقلات النفط تتكدس في الموانئ السعودية كشفت بيانات تتبع السفن الاثنين الماضي، أن 11 ناقلة نفط عملاقة على الأقل تنتظر لتحميل شحنات من الخام في الموانئ السعودية، بعد هجوم على منشأتي نفط تابعتين لأرامكو مطلع الأسبوع، أدى إلى خفض إنتاج المملكة نحو النصف. وتستطيع الناقلة العملاقة حمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط، وأدى تعطل متنام في عمليات التحميل إلى زيادة عدد السفن. وأظهرت بيانات من “رفينيتيف” أن 11 ناقلة عملاقة على الأقل تنتظر التحميل في موانئ رأس تنورة والجعيمة على الخليج، مقارنة مع خمس سفن يوم الخميس. وقالت رفينيتيف: «تعطل عمليات التحميل مطلع الأسبوع نتج عنه أيضا تكدس ناقلات عملاقة في مرسى الانتظار». وأظهرت بيانات من مارين ترافيك لمعلومات الشحن أن عدد الناقلات التي غادرت الموانئ السعودية في الفترة من 14 إلى 16 سبتمبر/ أيلول بلغ 56 سفينة، مقارنة مع 58 في الفترة نفسها من أغسطس/ آب. وبحسب المصدر ذاته، هبط عدد السفن القادمة إلى الموانئ السعودية إلى 59 سفينة في اليومين الماضيين، مقابل 68 في الفترة نفسها قبل شهر. وقال كريغ لويس العضو المنتدب للشحن البحري والطاقة لدى بنك الاستثمار بي.تي.آي.جي في مذكرة اليوم «قطاع ناقلات النفط أخذ على حين غرة - وربما يتكبد خسارة مبدئية في الطلب بنحو 2.5 ناقلة عملاقة يوميا. الخسارة الجزئية للإنتاج السعودي ربما تؤدي إلى تعطيلات كبيرة في قطاع الناقلات». وتسبب الهجوم في توقف 5% من الإنتاج العالمي للخام، ما دفع أسعار النفط إلى أكبر قفزة تشهدها منذ 1991. شح الوقود يشل الشركات السعودية أعلنت العديد من الشركات السعودية عن تعرّض إنتاجها للشلل، بسبب مواجهتها نقصاً حاداً في إمدادات الوقود ومشتقاته، منذ أمس السبت، بعد هجمات بالطائرات المسيرة على منشأتين لعملاق النفط السعودي أرامكو، أحدهما أكبر معمل لتكرير النفط في العالم. وقالت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، في بيان أرسلته إلى البورصة السعودية، يوم الأحد الماضي، إنها تواجه نقصا في إمدادات بعض مواد اللقيم بنسب تقدّر بنحو 49 في المائة لبعض شركاتها التابعة في المملكة. واللقيم هي المادة الخام المستعملة في المصانع والمعامل، ومن المواد التي تقيد تحت هذا التصنيف الغاز الطبيعي والنفط والكهرباء والسوائل مثل البيوتان والغازات مثل الإيثان. وأشارت سابك، أكبر شركة بتروكيماويات سعودية، إلى أنها تعمل حالياً على تقويم الآثار النهائية لتحديد الأثر المالي، وسيتم الإفصاح لاحقاً عن أي تطورات جوهرية. وهوى سهم الشركة، بنسبة 3.5 في المائة، فيما تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 2.3 في المائة، ليغمر لون الهبوط الأحمر شاشة التداول، بعد أن هبطت أسهم 165 شركة، من إجمالي 193 شركة مقيدة، فيما لم ترتفع سوى 11 شركة. وتواجه سابك بالأساس مأزقاً مالياً كبيراً، حيث انهارت أرباحها بنسبة 54.8 في المائة في النصف الأول من العام الجاري 2019، محققة 5.5 مليارات ريال (1.47 مليار دولار)، مقارنة مع 12.2 مليار ريال (3.25 مليارات دولار)، في الفترة المناظرة من 2018. وسابك، رابع أكبر شركة بتروكيماويات في العالم، مملوكة للدولة، حيث يملك صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي للبلاد) 70 في المائة من الشركة، فيما وقّع اتفاقية لبيع حصته لشركة أرامكو السعودية، المملوكة للدولة أيضا، ولم يتم نقل الملكية بعد. كما قالت شركة كيان السعودية للبتروكيماويات (كيان السعودية)، في بيان للبورصة، إن هناك نقصا في إمدادات مواد اللقيم لمصانع الشركة بنسبة 50 بالمائة. وذكرت شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات (ينساب)، أنها تواجه هي الأخرى نقصا في إمدادات بعض مواد اللقيم بنسب متفاوتة تقدر بحوالي 30 بالمائة. وسجل قطاع الطاقة تراجعاً حاداً وغير مسبوق في الأرباح خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، بنسبة بلغت 73.7 في المائة، متأثراً بتسجيل شركة بترورابغ خسائر بنسبة 109.7 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من 2018، حيث تكبدت 51.6 مليون ريال (13.7 مليون دولار)، مقارنة بأرباح بقيمة 530.6 مليون ريال في نفس الفترة من العام الماضي. وأعلنت أرامكو، الشهر الماضي، لأول مرة في تاريخها، عن إيراداتها النصفية، مشيرة إلى تراجع أرباحها الصافية في النصف الأول من عام 2019 إلى 46.9 مليار دولار، مقابل 53.0 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.