لا ترتقي أمة من الأمم.. ولا تسمو حضارة من الحضارات.. ولا يزهو مجتمع من المجتمعات إلا ببناء عقول أجياله وشبابه.. ولهذا في البدء كان التعليم.. وصدق سقراط حينما قال: «الفضيلة هي المعرفة».. ولا معرفة بدون فضيلة.. المؤسف حقاً: أن التعليم في عالمنا العربي والإسلامي مازال يشوبه الكثير من التحديات والقصور.. بسبب إقحام مناهجنا الدراسية في الصراعات السياسية, والخلافات المذهبية, والمسائل الفقهية المتطرفة, والأفكار المؤدلجة التي تخدم فئة عصبوية ما.. وهذا بيت القصيد.. من نافلة القول أن الفلسفة التعليمية في كثير من الدول العربية والإسلامية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأنظمة السياسية الحاكمة.. وهذا ما أدى إلى ركاكة في مخرجات التعليم.. وتخريج أجيال يحملون شهادات ورقية بدون محتوى.. لقد أثبتت الدراسات العلمية والأبحاث التربوية قديماً وحديثاً أن أية أمة من الأمم لا تزدهر إلى العلياء إلا ببناء عقول أبنائها بناءً علمياً ونوعياً في شتى نواحي العلوم العصرية الحديثة.. لأن الإنسان المتعلم هو الثروة الحقيقية في نهضة الأمم والشعوب تنموياً واقتصادياً وثقافياً وحضارياً واجتماعياً.. لأن أزمة الشعوب وتأخرها عن الركب العلمي والحضاري العالمي يكمن في ضعف مخرجاتها التعليمية سواءً في التعليم العام أو التعليم الجامعي.. وهذا مرده إلى هشاشة مناهجها الدراسية.. وضعف في إعداد معلميها علمياً ومهنياً على كافة المراحل التعليمية حتى الجامعية.. من هنا ندرك أن فلسفة التعليم هي نقطة الارتكاز في إعداد المناهج الدراسية النوعية, وفي إعداد الكوادر التربوية الإعداد النوعي الجيد.. فالإنسان المبدع علمياً وثقافياً يمكن أن يصبح في المستقبل صانعاً للقرار السياسي, والاقتصادي, والتنموي.. صفوة القول: هناك شروط إجرائية لابد من تنفيذها لجودة وتحسين العملية التعليمية منها على سبيل المثال لا الحصر: 1) لابد من جعل المسألة الفنية عند وضع المناهج, أولوية خاصة, من حيث إعداد المعلمين.. وطرائق التدريس الحديثة المرتبطة بالتكنولوجيا.. وتحديث أساليب التقويم والاختبارات.. 2) الارتقاء والتنوع بالتوجيه التربوي والفني.. مع الاهتمام بالأنشطة اللاصفية المواكبة لروح المناهج الدراسية والثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة.. بعيداً عن النظريات والخلافات المذهبية أو الفكرية.. فالهدف الأساسي أو المحوري من تحديث المناهج تنمية الفرد فكرياً وعلمياً ونفسياً وإبداعياً.. وتأهيله تأهيلاً نوعياً للانخراط في مجتمعات أرقى حضارةً.. وأسمى ثقافةً.. وأغزر علماً.. دون ذلك تظل مناهجنا التعليمية بكافة مراحلها العام أو الجامعي حبراً على ورق.. ومبنى بلا معنى.. وشهادات ورقية تمنح لكل من هب ودب.