نبّهت المحكمة الجنائية الدولية، اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، إلى أنها تراقب هجومه على العاصمة طرابلس، وحثته على تسليم أحد مساعديه المطلوبين للمحكمة. وفي 15 أغسطس/ آب 2017، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، مذكرة قبض بحق محمود الورفلي، الذي ينتمي لقوات حفتر، لارتكابه جرائم حرب وإعدام أكثر من ثلاثين شخصا. جاء ذلك في تصريحات للمدعية العامة للمحكمة الدولية، فاتو بنسودا، في مقابلة أجرتها معها قناة “فرانس 24” مساء الإثنين، بمدينة لاهاي الهولندية التي تستضيف مقر المحكمة. وقالت بنسودا: “عملنا في ليبيا بالتأكيد لا يزال مستمرًا، ما زلنا نجري تحقيقات هناك”. وأضافت: “في تقريري الأخير المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سلّطت الضوء على حقيقة أنه لا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة ضد أولئك الذين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية لوائح اتهام بحقهم، والورفلي واحد منهم”. وتابعت: “لقد أشرت أيضًا بقلق بالغ إلى أنه رغم إصدار مذكرات توقيف بحقه، في الواقع لقد صدرت مذكرتا توقيف ضده، إلا أنه تمت ترقيته (الورفلي) من قبل حفتر”. وأردفت: “ننظر إلى هذا الأمر على أنه خطير للغاية، وطالبنا الجنرال حفتر بتوقيف وتسليم الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية”. كما أشارت أن المحكمة طلبت أيضًا “مساعدة أي دولة يمكنها أن تكون قادرة على ضمان القبض على الورفلي، وتقديمه من أجل المثول للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية”. ولدى سؤالها عن احتمال ملاحقة حفتر على خلفية رفضه الامتثال لأوامر المحكمة وترقيته الورفلي، أجابت: “حسنًا، سنمضي قدما، فقط، بالطبع، بعد دراسة الموقف بجدية بالغة، ما نبحث عنه هو ما إذا كان أي شخص ارتكب جرائم بموجب نظام روما الأساسي أيا كان. وهذا جزء من الدراسة التي نجريها في هذا الوضع في ليبيا”. وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أدرجت واشنطن الورفلي على قائمة عقوباتها، على خلفية اتهامه ب”التورط بشكل مباشر أو غير مباشر في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. والورفلي مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب “جرائم حرب”، ومدرج على قائمة المطلوبين بتهمة تنفيذ إعدامات بلا محاكمات، من قبل الشرطة الدولية “الإنتربول”. والخميس، وبعد 8 أشهر من فشل قواته في اقتحام العاصمة الليبية أعلن حفتر، بدء “المعركة الحاسمة” للتقدم نحو قلب طرابلس، دون حدوث أي جديد على الأرض. وعلى صعيد آخر، وفي المقابلة نفسها، قالت بنسودا، إن التحقيق الأولي الذي أجرته حول جرائم محتملة في فلسطين “كان على وشك الانتهاء”. وأقرّت بأن المحكمة كانت تحت ضغط من إدارة الرئيس دونالد ترامب، لوقف تحقيقها في الجرائم في أفغانستان، بما في ذلك فرض حظر على سفرها إلى الولاياتالمتحدة، لافتة إلى أنها بحثت هذه القضية مع واشنطن. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد توعد في أبريل/ نيسان الماضي، ب”رد قوي” على محاولة الجنائية الدولية لاستهداف الولاياتالمتحدة أو إسرائيل أو أيًا من حلفاء واشنطن. كما حذر المحكمة من محاولة مقاضاة أي مواطن أمريكي أو إسرائيلي، على خلفية شكاوى قدمها فلسطينيون ضد انتهاكات تل أبيب. وأشارت بنسودا أنها سمحت للقضاة مؤخرًا بفتح تحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل سلطات ميانمار بحق أقلية الروهنغيا المسلمة، ولكن من السابق لأوانه القول ما إذا كان هذا سيشمل كبار قادة الجيش في ميانمار. ولفتت بنسودا إلى أن مكتبها كان يبحث في جرائم في “الحرب على المخدرات” في الفلبين، لكن لا يمكن الجزم بعد ما إذا كان هذا سيستهدف الرئيس رودريغو دوترتي. من جهته، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن بلاده لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا بعد أيام من تلويح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بارسال قوات تركية الى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. وقال السيسي في تصريحات للصحف المصرية الحكومية والخاصة نشرت الثلاثاء “لن نسمح لأحد أن يعتقد أنه يستطيع السيطرة علي ليبيا والسودان ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما”. واضاف في التصريحات التي نشرتها أكثر من صحيفة من بينها “الاهرام” الحكومية، أنه “أمر في صميم الأمن القومي المصري”، مشيرا الى أن السودان وليبيا “دول جوار” مباشر لمصر وشدد الرئيس المصري بلهجة قاطعة، بحسب صحيفة “الشروق” الخاصة على أن بلاده “لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي” الذي يقوده المشير خليفة حفتر الرجل القوي في الشرق الليبي الذي أطلق الخميس ما أسماه “المعركة الحاسمة” للسيطرة على طرابلس معقل حكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج ويعترف بها المجتمع الدولي. وبدأت قوات حفتر منذ نيسان/أبريل هجوما للسيطرة على طرابلس. وتابع السيسي “لا يمكن أن نرضى بإقامة دولة في ليبيا للميليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية والمتطرفة”. وجاءت تصريحات الرئيس المصري غداة لقاء في اسطنبول بين الرئيس التركي والسراج هو الثاني بين الرجلين في غضون ثلاثة اسابيع. كما جاءت بعد أيام من تلويح رجب طيب إردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعمه. وكان اردوغان والسراج التقيا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر في اسطنبول حيث وقّعا اتفاقا يرسّم الحدود البحرية المثيرة للجدل كما اتفاق تعاون أمني يتيح لتركيا تقديم مساعدات عسكرية إلى حكومة الوفاق التي تعترف بها الأممالمتحدة. وقد طرح الاتفاق الأخير السبت على البرلمان التركي لمناقشته والمصادقة عليه. والثلاثاء أعلن اردوغان أن تركيا مستعدة لنشر قوات في ليبيا لدعم حكومة الوفاق إذا ما طلبت الأخيرة دعما من هذا النوع. وفي مؤشر آخر الى التقارب بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، أعلنت أنقرة أنها ستسمح لليبيين ممن هم دون 16 عاما وفوق الخامسة والخمسين بدخول أراضيها من دون تأشيرات. وتشهد ليبيا نزاعا بين حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وقطر، والمشير خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات. ودانت دول عدة الاتفاق البحري الموقع بين أنقرة وحكومة الوفاق، بينها اليونان وقبرص ومصر لأنه يعطي أنقرة سيادة على مناطق شاسعة في شرق البحر المتوسط الغني بالموارد النفطية. وبعد توقيع الاتفاق أكدت الحكومة التركية أنها ستمنع أي عملية استكشاف للنفط لا تحظى بموافقتها. ونشرت تركيا الاثنين اول طائرة مسيرة مسلحة في شمال قبرص حيث ستتمركز في أجواء من التوتر الشديد بين تركيا ودول أخرى في شرق المتوسط حول استغلال ثروات النفط والغاز في هذه المنطقة.