جميل أن يدعي أحدنا الإنسانية، وأن يجعل هدفه الأسمى هو خدمة بني الإنسان.. بالطبع هي قيم عظيمة وصفات نبيلة، حثنا عليها ديننا الإسلامي، وجعل من الرحمة والتراحم والتكافل الاجتماعي وغيرها من الصفات أعمالاً يؤجر الفرد عليها في الدنيا والآخرة. أما إذا لامست جوانب الإنسانية تخفيف آلام المرضى أو إنقاذ حياتهم، فذلك قمة الإنسانية ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).. وهذا وما كنا نأمله من ملائكة الرحمة خصوصاً في بعض المستشفيات التي أضحى ضجيجها الإعلامي أكثر من واقعها العملي. إحدى المستشفيات الخاصة قام مؤخراً بحملة إعلانية وإعلامية كبيرة عبر كل الوسائل الإعلامية وأثير الإذاعات ومواقع التواصل الاجتماعي.. بأنه يقوم بالكشف المبكر وعلاج ما يسمى بسرطان المثانة (مجاناً). الكثير من الناس سمعوا عن هذه الحملة، وبعضهم شد الرحال إلى هذا المستشفى خصوصاً من ساكني القرى والمحافظات البعيدة ناهيكم عمن يسكن العاصمة صنعاء.. وأنا احد من قصد هذا المستشفى لطلب الفحص (المثانة) والاستفادة من فترة الحملة (المجانية).. وهنا اتضحت لي كما اتضح لغيري حقيقة الحملة (التجارية الدعائية ) التي تخلو تماماً من أي (مجانية) أو إنسانية.. كيف؟ ما أن تطأ قدماك المستشفى يطلب منك دفع رسوم المعاينة بقسيمة دخول لدكتور المسالك البولية، هذا هو الفحص المجاني. بعدها يوجه لك الدكتور المختص أسئلة.. هل.. وهل.. وهل.. وهل.. طبعا هي أسئلة عامة لأعراض يمكن أن تحدث مع أي شخص يعاني من أمراض المسالك البولية أو ترسبات الأملاح أو الحصوات أو المريض بالسكر.. اقصد ليست دقيقة ليعرف المريض انه مصاب بسرطان المثانة أو حتى بداية إصابة.. هنا يحتار الدكتور حول وضع المريض فيطلب منه إجراء عدة فحوصات (للتأكد) هذه الفحوصات وللأسف الشديد يدفعها المريض (مش مجاناً) ويقال له حينها إذا طلع فيك سرطان المثانة ستعفى من هذه المبالغ.. الحمدلله المريض طلع سليم وكتب له الدكتور مجموعة أدوية عليه شراؤها من الصيدلية والالتزام بمواعيد تناول الدواء والعودة مرة أخرى بعد أكمال الأدوية المقررة.. وهذا كله يتحمله المريض مع تكاليف إقامته وتنقلاته.. هذه يا وزارة الصحة هي الحملة ( المجانية) لاستئصال سرطان المثانة في هذا المستشفى الخاص والذي كسب شهرته بالدعايات والإعلانات، والإنسانية التي يدعيها. نسأل الله السلامة والشفاء لنا جميعاً.