العناصر التكفيرية في ظل النظام السابق شنوا حرباً شعواء ضد الاشتراكية.. والزنداني شرَّع قتل أعضاء الحزب واستباحة ممتلكاته شوقي نعمان في بداية شهر مارس من العام المنصرم عم الظلام والحزن أرجاء قلوب كل اليمنيين برحيل أحد أبرز وأعظم مناضلي الجمهورية اليمنية وأيقونة الحزب الاشتراكي اليمني انه الفقيد المناضل علي صالح عباد "مقبل" الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني واحد مؤسسي الجبهة الوطنية ومن أول المقاومين ضد الاستعمار البريطاني في جنوباليمن ينتمي صالح عباد"مقبل" إلى محافظة أبينجنوباليمن. إن الحديث عن المناضل الراحل:مقبل حديث شيق وكبير لا ينتهي بسطور أو بكلمات ولا حتى بكتب!! الجميع يعرف مسيرة المناضل الجسور علي صالح عباد الحافلة بالعطاء والتضحيات ابتداءً من ثورتي أكتوبر وسبتمبر المجيدتين، ثم الى خصوصية الفعل السياسي والديمقراطي في البرلمان بعد الوحدة، أثناء رفض مجلس النواب تزكيته للترشيح لرئاسة الجمهورية.. رغم اكتمال الشروط المستوفاة للترشيح ولكن خصمه المتمثل بالرئيس السابق علي صالح منع المجلس من تزكيته بحجة قول عباد ان المجلس غير شرعي لانه تابع للرئيس، ولا يمكن إصدار قرار دون الرجوع اليه. لم ينل تزكية المجلس ليترشح للرئاسة رغم انه أحد الأعضاء فيه لان صالح يعرف ان لمقبل شعبية كبيرة قد تحيط به على الفور.. ظل مقبل متزعماً لليسار وللحزب الاشتراكي، وأحدث معارضة شديدة للحاكم الفعلي.. تعرض مقبل لعدة محاولات اغتيال لكنه كان ينجو بفضل ذكائه السياسي وخبراته المتراكمة السابقة، منذُ نضاله الأول في الجنوب ليظل شاهداً على الممارسات التي لحقت اليسار والحزب على وجه الخصوص، تزعم مقبل قيادة الحزب الاشتراكي اليمني بعد حرب صيف 94 الظالمة على الجنوب بقيادة علي محسن والزنداني وصالح، كانت تلك المرحلة اعصى مرحلة مر بها الحزب بعد الحرب التي شنت عليه فقد تعرض الحزب لسطو ممتلكاته وتشويه ومحاكمة لأعضائه، وتكفير لكل المنتمين اليه، استخدم الزنداني الدين لتكفير الاشتراكيين وتشريع قتلهم واستباحه حقوقهم وممتلكاتهم، فيما استخدم علي محسن القوة القمعية للاختطاف والاغتيالات والاخفاء القسري والتفجيرات.. فيما أخذ صالح دور الراقص على رؤوس الثعابين ليبرئ نفسه من كل هذه الجرائم، لكنه كان الحامي الفعلي لهم، والسلطة العليا من اي تحريض او محاكمة قد تنالهم. تلك أصعب مرحلة مر بها تاريخ الحزب منذُ التأسيس، ولكن إيمان عباد مقبل بالتضحية والنضال جعلته يرفض الاستسلام والخضوع، وظل يلملم شمل الرفاق ويتصدى للضربات القاسية والممنهجة من قوى رجعية ظالمة، ظل صالح عباد يقاوم ويكافح ويستمد قوته من الرؤية الوطنية التي تنص على الشراكة والتعددية الحزبية، والقبول بالآخر وعدم الاستسلام لقوى الشر، فهذا ان دل انما يدل على الإيمان بالقضية والمظلومية واصطفائه للنضال الثوري التقدمي اليساري.. لم يكن عباد في يوم من الايام يخشى مؤامرة الطغاة والجبابرة الذين لم يتوقفوا يوماً عن تفكيرهم وعداوتهم للنيل من الحزب الاشتراكي ومن هذا المناضل الصنديد على وجه الخصوص،مما خلق من عباد شخصية فولاذية لا تنكسر ولا تنحني أمام المنعطفات الخطيرة، حتى في السجن الذي تعرض له تحت اعذار واهية لا تمت للإنسانية ولا للوطن بصلة بكل كانت عداوة لإلغاء المكون الباحث عن شراكة متساوية، لم يستسلم عباد "مقبل" تحت اي ظرف بل ظل يراكم خبرات سابقة نضالية وفكرية تقدمية ،حتى وهو في السجن، ولم يكن مقبل ثائراً مغامراً في مسيرته النضالية ! بل كان يتصرف برزانة مفكر، وعقيلة سياسي، والهام مدرك، وكأنة يرسم خطواته النضالية بريشة فنان كلوحة جميلة الشكل متفرعة الطرق ومتعددة المجالات، لهذا لم يخطأ يوماً في قرار اتخذه في مسيرته النضالية، فكل قناعته كانت تصدر عن قناعات راسخة موافقة للواقع المعاش بكل تفاصيله، كان مقبل مثالاً وأيقونة لليساري الثوري المعتق بالثقافة الوطنية والنضال وحب الوطن والأرض والإنسان، أسطورة بالمنهج العلمي في تحليل الظواهر الاجتماعية المختلفة، مفكر يساري ليبرالي معتدل. هكذا عرفنا على صالح عباد منذُ مسيرته الأولى، عباد الملقب بحكيم الصبر على المصائب والتعذيب، حكمة راسخة في عقل كل اشتراكي.. "الحزب علمنا أصول المعرفة.. والصبر علمنا علي صالح عباد" وحكمته الشهيرة للعزة والشهامة، وعدم الاستسلام، "سلام مني للرؤوس المقنفة ذي ما يوطيها سوى رب العباد" نعم لقد رحل عباد وترك تجربة ثورية علمية وعملية، لمن أراد أن يستفيد ويسير على دربه رغم أننا نعلم جميعاً أن لا أحد يستطيع الصمود والتحمل والصبر على كل انواع الاضطهاد والظلم، كما صبر علي صالح عباد "مقبل".. وهناك أيضاً قصة تجسد اخلاق وقيم واصطفاء وطهر هذا المناضل الجسور، لم يشهدها اي عصر مضى، ولن تشهدها العصور أيضاً وهي قصة تجعلنا نحني قبعاتنا وهماتنا شرفاً وتقديساً لعظمة هذا المناضل العملاق، الذي وهب نفسه للإنسان لاسيما العامل والفلاح، في انتمائه الطبقي يفوز عباد على غيره من المفكرين في النظرية الاشتراكية، واذا كان ماركس قد انسلخ من طبقته البرجوازية لينظر للطبقة العاملة، فان عباد انسلخ من طبقة ملاك الاراضي ليلتحق بثورة العمال والفلاحين، وزاد على ماركس بان وزع ملكية والده الواسعة من الارض على الفلاحين بقناعة فائقة لم يعرف لها نظير في تاريخ الثورة اليمنية وثورات العالم أجمع، بل انه اقنع والده باجراءات الثورة في تأميم الارض لصالح الفلاحين الفقراء،لم يسبق حتى لمناضلين ماقبل ميلاد المسيح أن فعلوا ذلك، فوحده مقبل الثائر المدني في زمن الوغى والانحطاط، ووحده الثائر الأممي، ووحده من صبر على الجوع والمرض والسجن والأذى، والفقر ليعيش العامل والفلاح حياة كريمة مشرفة، وليعش هو حياة العظماء الشامخين الذين يسجلون في كتب التاريخ، وفي الذاكرة الجمعية، حياة ترضى المبدأ والضمير، الخلود والسلام والحب لروحك ايها الفقيد الثائر المناضل . والسلام لكل اعضاء حزبك ورفاقك، والسلام لنضالك الاسطوري، وسلام خاص أرسله اليك من النجمة الحمراء والسنبلة الخضراء، سلام عليك يوم ولدت ويوم رحلت ويوم تبعث حياً. سلام عليك دائما وأبداً، ولمن سار على نهج وطنيتك ونضالك وصمودك وشجاعتك.