هوية الشعوب والأمم الايمانية والأخلاقية والثقافية هي عبارة عن تراكم تاريخي تأخذ مسارين وفسطاطين الحق والباطل العدل والظلم الخير والشر وهذا هو محور الصلاح او البغي والتجسيد الأعظم لهذا كله معركة كربلاء واستشهاد الامام الحسين سلام الله عليه الذي يعد أعظم ثائر ضد الظلم والبغي والطغيان والباطل مقدماً باستشهاده للبشرية النموذج الارقى الذي يصبح فيه الموت حياة لامة بكاملها بعد ان اماتت فيها عودة الجاهلية والطباع الحيوانية الوحشية للإنسان العربي الذي كان يعيشها قبل انبلاج نور الرسالة الإلهبة المحمدية . لم اخرج لا اشراً ولا بطراً ولا تكبراً ولا ظالماً ولا مفسداً قالها الامام الحسين وضحى بنفسه وبأعز ما عنده ليحول دون انحراف امة جده مدركاً وواعياً ان لا سبيل الى ذلك الا الصبر والثبات والتضحية فكان انتصار الدم على السيف .. بقي ملك معاوية ويزيد ومن بعدهم كتعبير على هزيمة الباطل والظلم والفساد في الأرض يقابلهم الامام الحسين ودمه المسفوك ومن معه في كربلاء موقظاً للمسلمين دوماً الروح الايمانية الثائرة المجاهدة في سبيل اعلاء مبادئ وقيم الإسلام الحقيقية معطياً للشهادة معانيها الربانية والإنسانية مجسدا روح الاستشهاد هو ومن معه بدلالاتها وابعادها الانسانية الكلية الشاملة. الامام الحسين هو امتداد لإيمان ونهج جده صلوات الله عليه وعلى أله وابيه عليه السلام وكل الثوار المؤمنين الصادقين ضد الظلم امتداداً له وهو بهذا المعنى امام الثائرين الحقيقيين حتى قيام الساعة. لقد عبر وقوف الامام الحسين الحق كله وعبر معسكر اعدائه الباطل كله فكانت معركة كربلاء ذروة الصراع بين الخير والشر وأكدت ان الخير لا يهزم وان الشر لا ينتصر الا بالمعاني الانية الضيقة التي تتناسب مع اهواء واطماع أولئك الذين سلكوا دروب الشيطان التي سرعان ما يجد من سلكها الحسرة والندامة والهلاك الدنيوي والابدي .. تتكرر كربلاء بأشكال مختلفة في الأزمنة والامكنة ولا تقتصر على الامة الإسلامية بل تمتد الى أمم أخرى وكل من ثار على الظلم وعرف او سمع او قرأ عن الامام الحسين فانه يرى فيه القدوة الذي لا يمكن بلوغ مستوى روحه الثورية لكنه النموذج الملهم. تحدث عنه ثواراً واحراراً حقيقيين في زمننا هذا وتعجبوا لحال الامة الإسلامية وفيها ثائراً كالإمام الحسين .. تنتصر هذه الامة كلما تمثلت ايمان ومبادئ وقيم الامام الحسين وتهزم كل ما فرطت بها . استحضار كربلاء في ذكراها المأساوية الأليمة كل عام على مدار اكثر من الف واربعمائة عام ليس استحضاراً مذهبياً كما تحاول قوى الباطل ان تصور هذه المناسبة بل استحضاراً للأيمان والموقف والشجاعة والتضحية في سبيل الحق والعدل والخير. لم يكن الامام الحسين مذهبياً بل كان اماماً للمؤمنيين المتقين ..كان تجسيداً للإسلام ورسالته العظيمة وكل من يواجهون بغي واستكبار وطغيان أمريكا والصهاينة واتباعهم من الاعراب هم من معسكر الحسين ولأنهم كذلك ينتصرون لأنه بدمه اوقد شعلة ثورة لا تنطفئ.. فسلام الله على الحسين ومن معه ومن والاه الى يوم الدين .