وعلى صلة وثيقة بالتاريخ والواقع , وما شهده ويشهده هذا وذاك قديماً وحديثاً من أحداث عاصفة في بلد مُضطرب كاليمن , فإنه لايختلف إثنان على أن الحروب والصراعات التي شهدها هذا البلد العربي , ولا يزال ساحة لها قد أخذت اجمالاً وتأخذ أكثر من مُعطى وبُعد , وعادت في أحايين كثيرة أطوارها , كما هو حاصل اليوم , حيث تشهد البلاد حرب ضروس مزقته وأنهكته كثيراً , ولها أكثر من طابع وبُعد لايمكن إغفاله وإنكاره . وتتسق آراء عدد من المُحللين الإستراتيجيين على وجود جملة من الأسباب والدوافع القوية التي جعلت الكثير من القوى الإستعمارية الطامعة بخيرات اليمن في الماضي والحاضر , ومعها شتى صنوف المحتلين وعلى إختلاف مسمياتهم وتوجهاتهم ومشاريعهم ومصالحهم وجنسياتهم يطمعون ببلد كاليمن ويتنافسون عليه ويسعون جاهدين لفرض نفوذهم وسيطرتهم ووصايتهم عليه وإخضاعه لهم وتسخير أبنائه وتطويعهم لخدمة مصالحهم .ومن أبرز الدوافع والأسباب التاريخية والسياسية والإقتصادية , وحتى الدينية والحضارية التي حدت ودفعت بهؤلاء الطامعين للسيطرة على اليمن والظفر بخيراته وثرواته الهائلة تفرد هذا البلد وتميزه بموقع استراتيجي هام جعله يتوسط العالم ويطل على أهم الممرات المائية العالمية .ومما أغرى الطامعين باليمن كدافع من الدوافع إمتلاكه لثاني اهم ميناء عالمي بحجم وأهمية ميناء عدن الواقع جنوبي البلاد , الذي يأتي بعد ميناء نيويورك الأمريكي , ولما لميناء عدن هذا من مميزات ومواصفات وأفضلية وأهمية استراتيجية يمتلكها بتوسط موقعه الجغرافي بين الشرق والغرب , جعلته يبدو الأنسب والأفضل للتبادل التجاري بين الدول بانسيابية وسلاسة وسهولة قل أن تجدها في ميناء آخر في العالم . فضلاً عن ذلك فاليمن يمتلك ثاني أهم ممر مائي على مستوى العالم بعد مضيق جبل طارق , إلى جانب إمتلاكه لواحدٍ من أكبر عشرة حقول غاز. , وأكبر حقول نفط في العالم , بالإضافة إلى أنه لايزال بلد بكر بالذهب الأسود , علاوة على إمتلاكة أيضاً خط ساحلي بطول 2500 كم . ويمتلك اليمن كذلك مخزون هائل من المعادن المختلفة كالجرانيت والرخام والذهب والفضة والزنك والرصاص وغيرها الكثير وبنسبة نقاء عالية جداً, ويمتلك في نفس الوقت أكثر من عشرة موانئ بحرية لها أهميتها التجارية والأقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي. ولا يُخفى على أحد أن اليمن بلد سياحي بامتياز وصاحب حضارة عريقة ومعالم تاريخية نادرة كفيلة بجلب ملايين السياح من كل الدول إليه والتي ستدر عليه مليارات من العملة الصعبة سنوياً , وهو البلد العربي الذي يملك أرض خصبة كفيلة بتلبية احتياجات دول المنطقة الغذائية من الحبوب والخضار والفواكه وأعلاف الحيوانات وفيه جزيرة سقطرى التي تُعد جوهرة الكرة الارضية, واليمن فيه ثروة سمكية متنوعة وهائلة قل أن تجدها في كثير من الدول والبلدان الأخرى. وهناك شبه اجماع على إعتبار اليمن أهم بلد عربي غني بشعبه وثروته وتاريخه وحضارته وعراقته وبموقعه الجغرافي الإستراتيجي المتميز وهو أي اليمن بحسب تقرير منظمة اليونسكو يعتبر متحف مفتوح . واليمن بكل هذه المميزات والخصوصية والتفرد والغنى والثروة التي لم تستغل بعد , كان وسيظل مقصد الطامعين , وهدف الغزاة والمحتلين الذين تسيل لعابهم ويتنافسون للسيطرة عليه . ولعل مما يمض القلوب ويحز في النفوس كثيراً أن هذا الوطن الحبيب ( اليمن ) الذي يمثل (جوهرة ثمينة ) كان وما زال يعاني من عبث اللصوص والفاسدين والحاقدين والحساد والخونة والعملاء الذين يحولون بينه وبين تطوره وتقدمه ونمائه وأمنه وإستقراره , ويقفون حجر عثرة أمام وصوله إلى مايصبو إليه . بيد أن هذا البلد الجميل السعيد, من اليُمن والبركات أشبه مايكون بالجوهرة النفيسة التي كانت وما زالت بيد " فَحَام " لايدري ماقيمتها وأهميتها , ولو أهتم بهذه الجوهرة الثمينة لكان أغنى العالمين , لكنهُ للأسف بدا كمن يُؤثر الفقر والبقاء عليه ومعه تلك الجوهرة !. ........ يتبع ..........