متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 5 أغسطس/آب 2025    هذا ما حصل اليوم في زنجبار بابين    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    الحوثيون يعلنون تضامنهم مع "هائل سعيد" ويدعون لمقاطعة منتجات الجنوب    إغلاق 30 شركة صرافة مخالفة للقانون بالعاصمة عدن    المملكة تطلق 5 مشاريع إغاثية وتعليمية في اليمن ولبنان تخدم أكثر من 57 ألف مستفيد طج    شهادات مروعة عن تعذيب وانتهاكات داخل معتقلات الأمن السياسي بمأرب    الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تشيد بالعملية اليمنية التي استهدفت مطار (اللد)    إصابات إثر تصادم باصين للنقل الجماعي بمحافظة حضرموت    مؤسسة الاتصالات تعلن بدء بيع وتوزيع أجهزة وباقات الإنترنت الفضائي "ستارلينك"    البنك المركزي يوقف تراخيص أربع شركات صرافة لمخالفتها الأنظمة    من شبوة بدأت الدولة    شوقي هائل سعيد انعم يقتل الشعب ويشرب دمائهم لحصد المليارات    أصحيح هذا.. قائد عسكري كبير يسخر طقم مسلح لحماية مطعم متمرد على الأسعار    أوساخ وقاذورات سجن الأمن السياسي في مأرب تسوّد صفحات وسائل التواصل الاجتماعي    مليشيا الحوثي تختطف ثلاثة معلمين بينهم مدير مدرسة في إب    جراء الهجمات الحوثية.. "ميرسك" ترفع رسوم الشحن في البحر الأحمر    جريمة مروعة.. مواطن يقتل 4 من عائلة زوجته في إب ويصيب آخرين ويلوذ بالفرار    دولة هائل سعيد انعم.. نهبت الأرض والثروة ومعاقبتها مطلب شعبي    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    النائحات المستأجرات    عدن.. البنك المركزي يحدّد سقف الحوالات الخارجية للأغراض الشخصية المُرسَلة عبر شركات الصرافة    تهديدات ترامب للهند تهوي بأسعار النفط    نيمار يوجه رسالة إلى أنشيلوتي بعد ثنائيته في الدوري البرازيلي    إب.. جريمة قتل مروعة أسفرت عن سقوط سبعة ضحايا    الدكتور الترب يعزي اللواء معمر هراش في وفاة والده    اختفاء قيادي في حزب البعث وسط ظروف غامضة في صنعاء    مودريتش: بطولات الريال لم تخمد حماسي    «سيدات النصر» .. لياقة وسرعات    57 مليونا تفصل «روشن» عن دخول نادي الدوريات المليارية    اليمنيون.. أسياد البحر والجو في زمن الخنوع العربي    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    حمدان: العدو الصهيوني يتحمل مسؤولية حياة أسراه    توجيه الرئيس الزُبيدي بتكريم أوائل الثانوية.. تقدير واحتفاء جنوبي بالعلم والتفوق    الحكومة تجدد تأكيدها: الحوثيون حوّلوا المساعدات الدولية إلى أداة تمويل لحربهم    غدا الثلاثاء .. انطلاق المعسكر الإعدادي لمنتخب الناشئين    اتحاد إب يتعادل إيجابيا مع أهلي تعز في ختام الأسبوع الأول في بطولة بيسان الكروية الأولى    جهود خليجية للإفراج عن بحارة محتجزين في صنعاء    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    ميسي يغيب عن الملاعب لمدة غير محددة نتيجة إصابة عضلية    تضامن حضرموت يتعاقد رسميا مع المدرب السعودي بندر باصريح    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا غرق قارب مهاجرين باليمن    حضرموت التاريخ إلى الوراء    سلطة التكنولوجيا هي الاولى    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوح اليراع: موظفو قضاء جديرون بالاقتداء الراحل (عثمان الطيب) أنموذجا
نشر في 26 سبتمبر يوم 19 - 06 - 2022

من الأمور المسلمة أنَّ السلطة القضائية هي السلطة الوحيدة التي تتمتع -في ضوء ما تتطلبه طبيعة عمل المشتغلين بها من التحلي بالعدل والحكمة- باستقلالية تامة،
وأنَّها المرجع الذي يحتكم إليه في البتِّ في المنازعات وإحقاق الحق وإبطال الباطل والانتصاف بشكل دائم للمظلوم من الظالم، بل إنها المخوَّلة في الفصل في كل ما تختلف حوله سائر سلطات الدولة.
وفي ضوء إشارتنا -وباختصار شديد- إلى استقلالية السلطة القضائية، بالإضافة إلى ما يتمتع به منتسبوها -للحدِّ ممَّا قد يطالهم من بعض أطراف النزاع من ممارسات إيذائية- من حصانة قضائية، نتبين أنَّ العمل في سلك القضاء يحتمل الكثير من الخطورة التي تكمن –أحيانًا- في وقوع القاضي –إن لم يتربَّ على القناعة منذُ نعومة أظفاره- فريسةً للإغراءات المادية التي لا يستبعد أنْ يصبح -بوقوعه تحت وطأتها- ظهيرًا للخصم الجائر في مواصلة جوره، وتكمن -في حالات أخرى- في منح القاضي ذي التجربة المتوسطة أو القصيرة مطلق ثقته مستشارين ليسوا أهلاً للرأي والمشورة، إذ غالبًا ما يستغلون تلك الثقة للانحراف بإجراءات التقاضي في معظم القضايا باتجاه مضاعفة ما يتقاضونه من رشاوى، وحسب القضاة مرشدًا إلى ما يحدق بهم وبمسيرتهم المهنيَّة من أخطار مضمون حديث الحبيب المختار -صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار-: «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ».
ففي ما تنطوي عليه ألفاظُ حديثِ مَنْ لا ينطق عن الهوى من نسبية دلالة قطعية على أنَّ للنار في القضاة أغلبية، وبالمقابل قد لا يدخل منهم الجنة إلا ذوو الحلم والفطنة وذوو القلوب السليمة والنفوس المطمئنة الأشد زهدًا عمَّا بأيدي العباد المترفعين عن التكبر المفضي بأصحابه إلى الضعة المتخذين من التواضع للضعفاء من عباد الله سبيلاً إلى الرفعة، ومن القضاة الذين يستحقون أن يضرب بزهدهم وورعهم وتواضعهم المثل، لاتسامهم بالمثالية إلى درجة خيالية بطل القصة الواقعية التالية:
(يُحكى أنَّ لصًّا استغل -في أحد باصات المواصلات العامة في العاصمة السودانية «الخرطوم»- لحظةَ سهوٍ من راكبٍ كبير السن كان يجلس إلى جواره، فسرق ما في جيب «جلابيته» من مالٍ قليل، وقد ساعد اللصَّ في تنفيذ مهمته في سرقة ضحيته الازدحام الذي كان حاصلا على متن الباص «الأتوبيس» في تلك اللحظة.
ولكن قبل أن يفرَّ اللصُّ من الباص بعد نجاحه بفعلته، كان أحد الركاب قد كشف أمره، وألقى القبض عليه، ثم قال مخاطبًا الضحية -وقد أوقف اللصَّ إلى جانبه-:
عفوًا يا حاج، إن هذا اللصَّ قد سرقك منذُ قليل وأنت لم تشعر به.
فتمَّ أخذهما من فورهما إلى المحكمة التي كان يرأسها الدكتور «عوض الحسن النور».
ولأنَّ إرشيف المحكمة كان ما يزال يحتفظ ببيانات السارق، كونه من كثيري السوابق، فقد عمد القاضي -قبل بدء إجراءات التقاضي- إلى أخذ بيانات المسروق [الشاكي] عبر الحوار التالي:
القاضي: ما اسمك؟
الشاكي: أنا عثمان الطيب محمد علي.
القاضي: ما جنسيتك؟
الشاكي: سوداني الجنسية.
القاضي: ما هو تأريخ ميلادك؟
الشاكي: أنا من مواليد 1918م.
القاضي: ما وظيفتك؟
الشاكي: متقاعد.
القاضي: ما كانت وظيفتك قبل أنْ تتقاعد؟
الشاكي: كنت رئيسَ القضاء، علمًا أنني عملت بالقضاء عاملاً قضائيًّا منذ عام 1944م، وتدرَّجت في العمل القضائي إلى أن أصبحت قاضيَ محكمةٍ عليا عام 1960م، وعملت نائبًا عامًّا للسودان من 1961 إلى 1964م.
ثمَّ عملت بالمحاماة مهتمًا بقوانين وقضايا الأراضي وتسجيلاتها.
وتوليت منصب رئاسة القضاء في 19-6-1969م إلى أن تقاعدتُ في 13-5-1972م.
لم ينتهِ الشاكي ممَّا كان يقول، حتى نهض الدكتور «عوض الحسن النور» في حالة من الذهول، وأمر بإحضار كرسي للشاكي، ثم أشار إليه بنوعٍ من التوقير بالجلوس عليه، كي يخاطبَ المحكمة جالسًا.
وبعد انتهاء المحاكمة كتب الدكتور «عوض النور» إلى رئاسة القضاء السوداني قائلاً: إن كان العلماءُ الأجلاء والقضاةُ الفضلاء الذين نهلنا من إرثهم المعرفي القضائي أمثال القاضي الفاضل «عثمان الطيب محمد علي» يستقلون الباصات ولا يملكون سيارات، فنحن نرفض -بالمرَّة- أنْ تخصص لنا أيَّةُ سيارة!!
بعد ذلك أمرت اللجنة القضائية بتسليم رئيس القضاء السابق القاضي المتقاعد «عثمان الطيب» سيارة.
وقبل وفاته –يرحمه الله- وصى ابنه قائلاً: في حال وفاتي أعيدوا السيارة للقضاء!!
وفور رحيل القاضي المتقاعد ذو الذكر الحسن والصيت الطيب «عثمان الطيب» نفذَّت أسرته وصيته طائعةً مختارة وسلمت السيارة!!).
وهكذا رحل القاضي الرباني تاركًا للمشتغلين في مجال القضاء دروسًا لا تنسى في النزاهة والتواضع والزهد والورع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.