- عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءات نقدية لمجموعة احتراقات
نشر في 26 سبتمبر يوم 07 - 08 - 2022

حظيت المجموعة القصصية القصيرة جداً "احتراقات 6X4 " للقاصة ايمان المزيجي باعجاب الكثير من الادباء والمثقفين الذين اثروها بالعديد من القراءات النقدية التي تتفرد 26سبتمبرنت بنشر بعض منها :
العنونة والرمزية
في المجموعة القصصية القصيرة جدا" احتراقات4× 6" للقاصة/ إيمان المزيجي.
حين نتحدث عن القصة القصيرة، فإننا نتحدث عن فن سردي جديد يتميز بالقصر والسردية؛ فهو لايتجاوز عشرات الكلمات، ولايخلو من الخصائص السردية للقصة، ولكن بطريقة سريعة خاطفة تدعم اللحظة الخاطفة السريعة في النص، وهي بذلك فن سردي تمرد على القوالب الجاهزة في القصة القصيرة، وجاء يتناسب مع سرعة العصر والتغيرات السريعة التي يتميز بها الزمن لتكون أكثر إثارة وأكثر متابعة، بل ربما فرضت نفسها كجنس جديد يختزل الطول والأوصاف بسطور.
وبين يدي القراءة مجموعة جديدة تعد إضافة للمشهد السردي في اليمن لما تميز من اكتمال ونضج سواء من حيث الخصائص والمميزات لهذا الفن، أو من حيث قدرات القاصة الخلاقة بامتلاك الأدوات.
المجموعة ضمت بين دفتيها مائة نص في مائة وسبع صفحات من القطع المتوسط
صدرت المجموعة عن مكتبة خالد بن الوليد اليمنية للنشر والتوزيع .
أولا العنونة:
أولى النقاد العنونة أهمية كبيرة بوصفه عتبة أولى للنص وبوصفه اللوحة الإشهارية التي تثير المتلقي للدخول إلى نسيج النص الداخلي.
وأولت الدراسات النقدية العنوان في النص القصير جدا" الققج" أهمية أكبر بوصفه نصا موازيا يتفاعل مع دلالات العامة واتخذوا له مميزات منها.
- ألا يكون مكشوفا فاضحا بمعنى ألا تكشف كلمة من النص دلالاته ورسالته .
- أن يكون مثيرا وملغزا بحيث يتشابك المتلقي معه.
- أن يكون واضحا ومبهما ولكن ليس غامضا حد الأحجية.
وهناك الكثير من المميزات التي تشددوا بها خاصة مع القصة القصيرة جدا.
وإذا تأملنا عنوان المجموعة" احتراقات4×6"
وعند قراءة العنوان لا بد أن نعرج على الأصل اللغوي للعنوان.
((- مصدر " احترق" احتراقا
- احترق البيت " اشتعل نارا.
- احترق قلبه" اشتد ألمه وتأثره.
- قابل للاحتراق" مايمكن أن تشتعل النار فيه"
- الاحتراق " احتراق مادة من تفاعل ذاتي للحرارة رافع للحرارة بين المؤكسد والوقود، والوقود بلا وجود مصدر حرارة خارجي.))
ويمكن أن نستخلص من الدلالات اللغوية مايلي:
- اشتعال النار في البيت هي: احتراق الوطن بالحرب فالمجموعة تضمنت بعض النصوص التي ترسم واقع الحرب وحياة الإنسان.
- اشتداد ألم القلب وتأثره تعكس حساسية المبدع تجاه الوطن والإنسان وحتى القضايا العاطفية والشخصية فقد تضمنت المجموعة كثير من النصوص التي تتعلق بقضايا المرأة، وهي الأغلب وأيضا علاقاتها العاطفية بأسرتها كابنها وزوجها وتلك التي تنم عن حب عميق وصادق وفي قضايا المرأة تناولت الكثير منها حد أن الأغلب مايتعلق بالمرأة.
- الاحتراقات كلها بلا وقود وبلا مصدر نار فهي احتراقات ذاتية تجاه قضايا الإنسان عموما وهذا شأن المبدع، التأثر بماحوله ورسم ذلك بإبداع وخلق.
لذلك كان العنوان موفقا لحد بعيد اختزل دلالات النصوص ورسالتها العميقة حتى في الدلالات والمرادفات اللغوية .
أما" 4×6" فلم تكن موفقة لأن العنوان لايوضع رقما فالرقم يحيل للدلالة الثابتة والقارة فناتج الرقم"24" ويحيل رمزيا لحجم الصورة الفوتوغرافية المعروفة، وإن أرادت الصغر وديمومة الحزن بتأثير الحرب كما دل على ذلك نص" 4×6"
العنونة الداخلية في معظمها غير فاضحة وغير مكشوفة، إلا ما جاء في بعض النصوص كنصي" الفاتحة، أم"
ثانيا الرمزية:
من أهم مميزات القصة القصيرة جدا الرمزية: ( وهي التعبير عن الأفكار، والعواطف ليس بوصفها مباشرة، ولابشرحها من خلال مقارنات صريحة، وبصورة ملموسة، ولكن بالتلميح إلى ما يمكن عليه صورة الواقع المناسب لتلك الأفكار.)
والرمزية " أن يستخدم المبدع الرمز لأجل التعبير عن المشاعر، والهواجس، والأفكار، والعواطف، والرؤى، والخيالات التي تضج في النفس بطريقة التلميح، والإيعاز بعيدا عن المباشرة التقريرية"
ونصوص المجموعة تضج بالرمزية في معظمها.
( شره
حاول جاهدا الحصول على قلبها دون جدوى، جرته ذريعة فشله لسؤالها عما يرضيها ..
لم تجبه، كانت منهكمة بالنظر إلى جيبه المثقوب.) ص78
فإذا كانت الرمزية إيعاز وتلميح فإن النظر والتحديق في الجيب المثقوب تلميح ورمزية عن فقره والفقر معا.
ناهيك عن المفارقة بين الإيمان بالحب، والكفر به، والإيمان بالغنى، والثراء والمصالح وأيضا فيه رمزية عن كثرة إنفاقه وأسرافه من
خلال: " الجيب المثقوب "
فالنص يقول أريد جيبك الممتلئ وإن كان قلبك فارغا.
وإذا كان الرمز يتيح للقارئ مساحات للتأويل، ويجعل من المتلقي في حوار وقراءة للنص حتى يصل لشفرة النص ومسكوته.
( تكميم
خلال بحثها الميداني سألت أحد السجناء عن سبب إعتقاله.
نظر إليها، أخرجت أوراقها مدونة أقواله، انتفض من مكانه حاشرا جسدا مسترقا نظراته نحو "القلم".) ص 13
ولأن الرمزية أنواع ففي هذا النص أخذت الرمز الإبداعي " القلم لترمز للكاتب الذي سلاحه القلم؛ فالقلم هو سبب سجنه وإذا تأملنا العنوان " تكميم" والذي يعني" السد والمنع" بمعنى منع حرية الكلام ويتضح مقدار الرعب من خلال: " انتفض، حاشرا جسده، بخوف"
ولأن الرمزية تتيح مساحة للتخفي فقارئ يقرأها بتأويل، وآخر بتأويل آخر؛ فليست محصورة بتأويل نهائي.
(كفارة
أقسم لها: ألا يعتلي قلبي سواك.
في التالي نوى الصيام ثلاثا.) ص19
النص مكثف بعيد عن الإسهاب عن الوصف، وعن الحوار المباشر فهو لايتجاوز العشر كلمات والتكثيف ميزة من مميزات الققج.
وإذا نظرنا للرمز فإنه يتضح من عبارة " نوى الصيام ثلاثا"
فتحول القسم واليمين والحب إلى خطيئة وذنب، وفيه رمزية لزيف الحب وخداع المحبين ناهيك عن المفارقة بين ما بين التصديق بالقسم والحنث به، وقناع الحب ومصداقية بالواقع بالكفارة خاصة وإنها" عقوبة وضعت لمعالجة عقوبة غير مشروعة كالحنث باليمين وتفويت يوم حمن رمضان"
النص ساخر جدا حين حول الحب لذنب وخطيئة تستوجب الكفارة والعقوبة.
وليس رمزا فقط بل تناص من حديث كفارة اليمين.
ومفارقة مابين الصدق والكذب
وفي نص " عاقبة " يأتي برمز جديد
((عاقبة
تزوج الأرملة المسنة طمعا في مالها.
توفي في حادث سير.. ورثته.))
الأرملة المسنة تحولت من رمز للسعادة والتحول والتغير، إلى رمز للتعاسة والنهاية والشؤم. و
وهذا تناص مع مسرحية أحمد شوقي الشعرية " الست هدى" كانت هذه الست هدى ثرية جدا وتزوجها أكثر من رجل وكلما تزوجها أحدهم يموت، وهي تزداد ثراء إلى ثرائها كما في النص السابق فتحولت لرمز للشؤم.
هذه إطلالة سريعة عن المجموعة المتميزة والتي أعدها إضافة للمكتبة السردية اليمنية لما تتميز من نضج واكتمال.
علي أحمد عبده قاسم.
قراءات تأويلية في (احتراقات 4×6)
إن القراءات التأويلية لأي عملٍ إبداعي؛ دائما تحمل طابع المكاشفة وسبر أغوار العمل، واستنطاقهِ في محاولة عن كشف أبرز ملامح العمل الإبداعي.
وأنا أقرأ هذه المجموعة القصصية وجدت أن هذه الاحتراقات والاشتعالات هي جذوة لإضاءات كثيرة أمدتنا المجموعة القصصية بها.
لم تكن النصوص الموجودة هنا نصوصا عادية بثها فيض الخاطر، وإنما كانت نصوصا تنطلق من رؤية واعية تنبِئ بمدى الوعي الإبداعي وعلى ثراء التجربة والجهد الكبير عند الكاتبة. ظهر هذا جليا في حجم اشتغالاتها على النصوص، ومحاولة خلق عالم التفرد والإثارة، بمعية عناصر القص القصير... واقتناص اللحظة الخاطفة واستخدام لغة التكثيف والاختزال، وتوظيف الأماكن والأشياء إلى جانب الشخصيات... كصورة رمزية تحمل التلميح لا التصريح، هذه التلميحات الكثيفة العميقة نجدها على امتداد المجموعة، فهذا نص (إطلالة) يحكي أزمة التفاوت المعيشي في إطار البقعة الواحدة، ويحمل أبعادا كالفقر والغنى على حساب الكادحين، مستخدما رمز الخيمة في مقابل البيت المتطاول (خيمة __ بيت)
وهذا نص (مقام) استخدم فيه رمز الأسد مقابل الغزال الذي يحمل أبعادا كثيرة، وماتحملاه لفظتا (أسد وغزال) في الموروث الثقافي من دلالات.. فالأسد رمز للسلطة والسطوة والرفعة، بينما الغزال رمز للتبعية والإنصياع والهزيمة...وهكذا.
ومما نلاحظه أن الرمزيات هنا جاءت للمواراة، يتوارى خلفها القصد تفلتا من سطوة السلطة، وغالبا هذا اتجاه واقعي يبث أدواته الإيحائية في سبيل تحقيق غاية مرجوة من النص، بصورة تعريضية غير مباشرة في وجه الفساد، السلطه، وماشابه...
وتحولات بعض النصوص إلى الرمزية ليس فقط من أجل درء المساءلة وحسب بل لتحمل بعدا جماليا تضيفه للنص.
وأنا أقرأ المجموعة القصصية(احتراقات 4×6)
لمحت قدرة الكاتبة العالية في توظيف الرمز وحسن اختياره؛ ليكون موضعه في النص كأنه مكانه الطبيعي.
ثم نأتي على ملمح آخر تتبعته قراءة المجموعة ، هو ملمح (الشعرية) لنرى أن شعرية النص حاضرة بقوة في (احتراقات4×6 ) إذ تعتبر الشعرية الملمح الجمالي الأبرز فيها، والشعرية بصفة عامة هي جمالية النص في زواية ما منه، وللشعرية أدوات يستعين الكاتب بها، كالكلمة الآسرة ، والصورة الساحرة التي يكون لها أثرها عند المتلقي، يعي قيمتها وصدقها الإبداعي في لحظة تلقيها فلا يكون منه إلا أن يقول: (الله...) مُظهرا إعجابه وانبهاره بهذه اللحظة.
ومن النصوص التي بُثَّ فيها طابع الشعرية نص، (انسلاخ)
في العودة إلى النص نجد مسابقة الشخصية لرياح المدرجات: "سابقتُ رياح مدرجات قريتي..." و أيضا في "فتحتُ أذرع شوقي... مهرولة لعناق اللقاء..." في هذه العبارات القليلة نجد نعومة اللفظ وعذوبة المعنى، و أيضا في نص (فرحة قصيرة جدا) "رصاصة طيش قبَّلت جبينه " إذ لا يمكن لرصاصات أن تضع قُبلا لكنها من هذا القبيل فعلت بأسلوبها...
إن شعرية القصة القصيرة جدا، ماتلبث أن تختفي كوميض برق لمع في أفق النص، لكن أثرها يبقى في نفس المتلقي، إذ تعمل على استدعاء انتباهه وسلب لبه بطريقة أو بأخرى والغاية من هذا صنع جمالية النص. والقارئ لمجموعة (احتراقات 4×6 ) سيجد هذا بشكل واضح جلي، يؤدي فيه النص دوره الإرسالي.
ومن زاوية التداولية ينبغي أن أشير إلى الأبعاد الخطابية المستندة أساسا على البعد التداولي الذي برز في المجموعة، وعلينا أن نعي تماما أن تأويل الخطاب ينبني على قدرة المتلقي على التقاط المعنى الصحيح، وهذا يعود إلى درجة وعيه وحظه من الفهم؛ولأن الخطاب دلالات كامنة واستنطاق النص لكشف ماوراء النص وجدت ثراء تأويليا وتعددا موضوعاتيا. كان حظ الخطاب أنها تلقفته أيد واعية مدركة حجم الكلمة في السرد القصير.
ولأن القص القصير والقصير جدا ، يعمد إلى الإختزال والتكثيف فإن الخطاب فيهما خطاب مقتضب مشحون بالدلالات والمقاربات التي من شأنها أن تصل بالنص إلى حيث يريد الكاتب ، ونحن نحلل خطاب النص في(مداهنة) سعت من خلاله الكاتبة أن تَعرِض بمشهدية شفافة تبدل الحال (حال الشخصية) من شخصية مبتذلة إلى شخصية رفيعة عالية، هذا التحول أو التبدل برز من خلال المفارقات الظرفية (يومها_ حين تبوأ ) فكشف لنا عن عمق المشهد في لحظة تصورية... ويعلو صوت الخطاب داخل النص أكثر فأكثر من منتصفه "حين تبوأ منصبا" وهنا بداية التحول ، ثم يصل إلى ذروته في "تنحنح... قاطعته أصوات تصفيقاتهم ..." ليعلن الخطاب أن النص كشف صورة التملق والتزلف بمجرد النحنحة....
فالخطاب يكشف عن عيب أخلاقي ، تنتكس به الجموع التابعة.
ومما لفت انتباهي في المجموعة وجود التشكيل البصري ، أي التوزيع على المساحة البيضاء (الورق) بطريقة معينه، مثلا في نص بعنوان
(أخي... ر) التشكيل هنا في العنوان عندما جمعت الكاتبة بين اسمي (أخي وأخير ) لتكون هناك نقاط فاصلة بين أخي والراء ، هذه المسافة المتروكة هي الهوة السحقية التي يهوي بها مصير الأخ الأصغر...
كذلك في نص(الشاهد الوحيد ) في توزيع ثلاث كلمات (لم أر شيئا ) على ثلاثة أسطر، لتأخذ شكل الإنحدار أو النزول... هذا التشكيل يحمل بعدا نفسيا إذ كشف عن جانب نفسية الشاهد وانهزاميته أمام البطش والخوف معا فكان التوزيع على هذا النحو توزيعا صادقا إلى حد بعيد.
وعموما كانت هذا التجربة الإبداعية تجربة ثرية تناولت قضايا عديدة كانت هذة القضايا قضايا واقعية في مجملها، استطاعت الكاتبة أن تطرحها بوعي كبير ينم عن دراية بتقنيات القص القصير جدا، لقد كانت روح الكاتبة حاضرة في أغلب النصوص ( الذاتية) وحقيقة أرى أن الكاتبة أخلصت لقضايا المرأة داخل دائرة ما يسمى (بالأدب النسوي) فطرحت قضايا المرأة بجرأة ووعي كبيرين .
إلى هنا أكون قد انتهيت من قراءة ممتعة في ظلال احتراقات التي لم تكن إلا اشتعالات من نور...
زينب الحداد
احتراقات(4×6) بين التجريب والتجربة)
تعد القصة القصيرة جداً جنس أدبي ظهر كحاجة ملحة لعالم سريع التغير بكل أبعاده، ولايمكن إنكار هذا الجنس الأدبي أو تجاوزه أو التقليل من شأنه كجنس أدبي أصبح له اليوم مفاعيله ومفاهيمه وأطره التجريبية والنظرية... فقد غدت القصة القصيرة جداً اليوم جنس أدبي يختزل القضايا الكبرى في عدة أسطر مستخدما المختالة والصدمة والقفلة شديدة الإحكام... بين يدينا اليوم نبض جديد محرق ومحترق معا، احتراقات 4×6 قصص قصيرة جداً للقاصة /إيمان المزيجي، فالاحتراقات هنا عدة في النفس والوجدان والجغرافيا والهوية، احتراقات مركبة مفجعة مزمنة للإنسان عموماً وللإنسان العربي على وجه الخصوص، دعونا في هذه العاجلة أن نقف عند بعض نصوص هذه المجموعة.
- العتبات:-
1- لوحة الغلاف بتلك الألوان الموحية بالموات بخريطة محترقة من كل الجهات، فالنار تحيط بها من كل مكان وحتى وأن خرج الإنسان المقيم في هذه الجغرافيا فأنه سيخرج إلى خريف الموت والذهاب بدون مظهر للحياة والأمل والاستقرار.
2- الإهداء: المواطن اليمني أصبح معجزة لكن بالمقابل هل تذوت الذل في سيكولوجيته حتى صار معجزة غير مرغوبة إلا لحاكم مستبد، فالمواطنة هي حبة الدواء والخبز والتعايش والعدالة والسلام.. كما أن إستدعاء نزار قباني في العتبات إعلان عن تمرد ورفض واقع ليس هش فحسب بل جهنمي بكل صوره الكارثية المفجعة.
- نص (الفاتحة) (مازال يقرأ الفاتحة على قبر لانعرفه) فاتحة الكتاب تقرأ للخير والبركة والتعبد لكننا استهلكنها فقط للموت والنهايات، فبرغم أن الفاتحة مفاداها بداية الأشياء لكنها اليوم عبارة عن طقس لابد منه من طقوس الموت.
- نص (قمع) بالإشارة إلى القمع السياسي بعد أن كانت الصحف المختلفة تملئ المكتبات والأكشاك وكلا له رأيه السياسي والفكري أصبحنا اليوم لانسمع إلا صوت واحد ولانرى إلا وجه واحد ولا نقرأ إلا خبر واحد.
-نص (جنون) نص مغاير فكرة مجنونة، فسر جنون هذا النص ومغايرته في غيرتها التي قلعت عيون المعجبات.
-نص (أخير) نص مكارثي محمل بالأوجاع فالحرب تحرق الإخوة الواحد تلو الآخر ورغم ذلك فالأخ الأصغر يتعلم البندقية.. فالنص محترق من الداخل لم يعد بيد الجميع أطفأ نار الحرب بكل الكل يرحب بها إلى مداها المجنون والعبثي.
نص (صبابة) امتاز هذا النص بالإيجاز الشديد والقفلة المحكمة فمفاد هذا النص يقول أن وفاء الجدة كان أقوى من مرض الزهايمر الذي يهتك مراكز الذاكرة، فالجدة لم تنسى اسم زوجها، وهنا دلالة إلى قيم الوفاء واحترام العشرة رغم أنها فقدت عمليات إدراكية مهمة.
-نص (صلة) ابن أخ المريض لم يعرف أن عمه في العناية المركزة إلا من جار عمه السابع، فالنص يعري أين وصلت علاقاتنا الاجتماعية، أصبحنا في عالم متوحش أناني غريب جردنا من قيمنا الجميلة.
- نص (بيدق) حفنة من الكلمات القليلة تعبر عن قضية كبرى شغلت انظمة وتحالفات عالمية، فالحزام الناسف يقود إلى حور العين هكذا صورت جماعات الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي للشاب العاطل والفقير والمسلوب أن الجنة ثمنها قتل أبرياء...
- نص (رفعت الجلسة) ص101،نص فيه تشابك كبير اعتمد على حوار يسرد بتكثيف للجفاف العاطفي للأسرة اليمنية فلم يعد الأب مصدر الأمان والأم مصدر الحنان للطفل، فالطفل فضل القاضي لانه حضنه بصدق وحنو طالما بحث عن هذا الحضن في سنوات عمره الباكرة المتعطشة للتشجيع والحب والدعم النفسي.
- ختاما القاصة/المزيجي وجدت لها موطأ قدم بين كتاب القصة القصيرة جداً في اليمن، وأصبح لها موقف مما يدور حولها تجسد ذلك بجدليتها المختلفة متخذة من الإيجاز والتكثيف والصدمة أدوات تقنية تدافع بها عن نصوصها وتسبر الأغوار لتحاكي احتراقاتنا على مستوى الوجدان والنفس والجغرافيا والهوية.. فالاحتراق الداخلي مستبد وموغل يعيد نفسه مرارا في الذاكرة والداخل النفسي والذات والهوية ويذوي بنا في الجنون والتلاشي والغرق..
عبدالفتاح إسماعيل الخضر
قاص وناقد.
إحتراقات 4+6
يظهر في غلاف الكتاب صورة لاحتراق قصاصة ورقية من الوسط يبرز من خلالها عنوان المجموعة وارض جليدية وأشجار عارية من اوراقها, تدل على فصل الشاء الذي يرمز دائماً للبحث عن الدفء مجموعة قصصة من فئة ق.ق.ج عددها 100 قصة قصيرة جداً
بالإضافة لخلفية الغلاف يحتوي على كلمات ثناء تستحقها الكاتبة لمجموعة من الأدباء,
من خلال قراءتي للمجموعة وتحديداً اول تسع قصص والتي صنفتها سلسلة من الأحداث التي مرت علينا اثناء الحرب والوضع الذي ساد في البلد بسببها. من تشتت وتفرقه حتى على مستوى العائلة
طرحت الكاتبه القصص الأولى بشكل متسلسل بداية من محاولات الانفصال والتشطير في قصة اخوة مروراً بالحنين لما نراه جميلاً داخل البرواز أو كما نحب أن نراه من بعيد وكما يخيل الينا للشكل الخارجي للصورة ماأن نقترب منها حتى تتشوه او تتمزق. لتظهر على حقيتها ثم نبتعد عنها وقصة تحليق والتحول الذي طراء على ظهور الطائرة من تلويح الى اختبى والبحث عن الأمان هرباً من الخوف .
التشتت الذي آلت اليه بعض الأسر بسبب التوجهات المختلفة في قصة رابط لكن كان دليل الرابط البيادة العسكرية التي حصل عليها هدية عندما كان يجمعهما منزل واحد.
ونلاحظ في بعض القصص غياب واختفاء أو الموت الغير مؤكد للبعض وما يحصل من نتائج تخلفها مأسآة الحرب ويجعلنا نقراء الفاتحة على قبور لسنا متأكدين من أصحابها ولا نعرف صاحبة.
تطرح بقصة إحتراق وببساطتها اللفظية والعمق الوجداني تقودنا الكاتبة من خيال صورة لمدينة مكتملة وتصدمنا بحقيقة البحث عن المدينة التي لم يبقى منها سوى الرماد.
وارى في بعض القصص كانها قصة واحدة مثل قصتي قمع وتكميم لكنها تجزءت حيث كان في الأولى حدث اختفى صاحب الطحون والأخرى اين وجد وسبب اختفائة نهايته ورهبته حين رائ القلم.
تنتقل الكاتبه بين احداث الحياة بكل تفاصيلها الاجتماعية والأسرية ومشكلاتها اليومية فقد ناقشت في هذا العمل قصص رائعة تحمل رسالة ومعنى ومواساة في آن ولم تنفرد في هذا العمل بجانب واحد رغم انني اكتئبت في بداية الكتاب الا انني ضحكت مره وتفاجئت مرات
يحمل هذا العمل مجموعة قصصية موضوعية لها معنى كانت تقفلها بدهشة واحياناً بصدمة تجعل القارء في ذهول .
احتراقات كلمة تحمل ابعاد مادية ووجدانية في آن فهي تظهر دواخلنا المشتعلة التي لا نقدر على تغييرها وإنما تضل تلهب فينا حتى تتحول إلى رماد فهي تعبر عن ما يشتعل في صدورنا احتراق عن وضع او نار غيرة أو عن ندم أو انتضار دون أمل.
لم نحترق فقط بمائسينا الاجماعية بل كذلك بالانخداع الذي عشناه في طفولتنا بالتسليم لما نراه ونسمعه دون التحقق في ما نتناوله والبحث دائماً عن منقذ يخرجنا مما نحن فيه في احتراقات كرتونية تطرقت الكاتبه لاهم خمسة اعمال اثرت في حياتنا وكانت بالنسبة لنا العالم المثالي الذي نطمح اليه .. كقصة فلة أوكما يسمونها سنووايت الذي كان بإمكانها ان تتخلى عن التفاحة بتفاحة أخرى وأن تخضع الاقزام لسلطتها. بدلاً من احتلال بلدها.
سندريلا وحذائها المفقود كان يمكن أن يتحطم حتى وأن وجدت فردته الأخرى وستدرك بان المشي حافية او بحذاء سيوصلها لما تسعى إليه.
سالى الأميرة التي تحولت لخادمة كما تحولت اكثر فتيات جيلها إلى خادمات ليس بالضرورة للآنسة منشن قد ربما لبيتر ايضاً.
أما ماوكلي فقد كان اكثر تهذيباً عندما كان يحكمه قانون الغاب..
لاحظت قصصاً تحكي عن الثأر وعن الخيبة وعن الهزيمة لكن الهزيمة كان للاخوة وليست للعدو.
اظهرت الكاتبة مشاعرها وردة فعلها الخاصة في كتابتها عن الغير ومدى العنف في تصويرها لمشهد العيون المتبعثرة من حقيبتها . في قصة تنزع اوتار القيتار والاخرى تقتلع عيون ..
اظهرت فيها الكاتبة رد فعل عنيف تسببه الغيرة .. ولم استطع أن اقول بان الكاتبة لم تنصف الرجل في كتاباتها فقصة دموع التماسيح كانت مع الرجل قلباً وقالباً .. فهي لم تنصف الرجل فقط انما اظهرت جانب آخر للمراءة ةابتعدت عن التلميع الزائف التي ينصف المراءة.
في بعض القصص
تلقيت نهايات صادمة ومؤثرة في خاصة في قصتي إنسلاخ وزعزعة ..
حيث كان للكاتبه قدرة توصيل بشكل كبير لصورة الغربة ومدى تحويلنا الجذري وإنسلاخنا عن اصالتنا او عن مجتمعنا الذي نعود إليه لنتباهى بما رئيناه في الخارج وآخرى للنهاية التي نكون عليها في غربة القبر ووحشته وسرعة ما ينسانا احبتنا ليتنازعوا بما تركناه بعدنا..
وزعزعة راحة احبتنا المقفودين بما يملكون كاننا لن نكون بجوارهم يوماً ما
تقول الكاتبة في قصة تأمل بعد التحديق كيف استطعت. لتبين مدى الوفاء والحب الذي تحمله لوالد طفلها ليحمل كل هذا الشبه بينه وبين ابيه
اما انا اقول كيف استطاعت أن تلد هذه القصة عميقة المعنى قليلة الكلمات ..
تطرقت الكاتبة للترميز في بعض قصصها كقصة درس والشاهد الوحيد وقصة أخي...ر وقصة روميو .
انهت الكاتبة قصصها بقصة قصيرة كانت هي خاتمة الكلمات ....
يظهر في هذا الاصدار مدى قوة المعنى وعمقه واختصار الكثير من الكلمات لتتحول إلى ق.ق.ج.
اتمنى للكاتبة درب مليئ بالإنتاج الأدبي الذي سيمتعنا لا محال. ليلمع اسمها ضمن عمالقة ال.ق.ق.ج ..
إيمان
ريم نزار
احتراقات 4×6
ق.ق.ج
أولًا الغلاف:
حمل لوحة ذات طابع ردمادي اللون، محفوفةً بأشجارٍ تُوحي لنا أغصانها الخالية من أوراقها، أنها أصبحت جسدًا بلا روح، وتُظهر لنا أيضاً، في لوحة الغلاف،
ساق شجرة مبتور، في وسط رمال، صورة تُوحي بالموت سُحبًا رماديةً، يغلبها شيءٌ من السواد، وإن دّل ذلك على شيء، إنما يدل على ضبابية المحيط،
بجانب تلك الضبابية.
يعد علم النفس الألوان من الدراسات التي تبحث في تاثير الألوان، على الإنسان من الناحية النفسية، وعلى سلوكه البشري، فاللون يؤثر على التصورات، وهذا
ما أوحى به إلينا، اللون الرمادي في غلاف احتراقات،
إذ يعد اللون الرمادي، الذي يعرف باللون الرصاصي أيضًا، من الألوان الحيادية التي تتناسب مع جميع الألوان، ويتفاوت اللون الرمادي، ما بين السواد والبياض، يمثل أربعة في ستة منها، ولعل الكاتبة تعي تلك التفاصيل، وتدرك واقعها المعاش، فنحن ما بين الأبيض والأسود نمضي؟ في محيط 4×6!
يرى علماء النفس، أنه لون الحزن والاكتئاب، كما يشير إلى التردد والوحدة، والانطوائية، فهذه الاحتراقات، قد كتبت عن أربعة في ستة، تلك القطعة اللا سعيدة في هذا العالم الكبير، لذا أجد أن الكاتبة قد أحسنت اختيار غلاف احتراقاتها.
ثانيا العنوان: احتراقات أربعة في ستة المكتوب بخط الرقعة، والذي لا أدري، هل بوعي، أم بدون وعي اختارت هذا الخط السريع، فالاحتراقات أيضا سريعة كهذا الخط!
الاحتراق: تفاعل كيميائي بين مادتين، ينتج عنه حرارة وانبعاثات غازية ويصاحبه لهب.
احتراق: مصدر، لكن، احتراقات كاتبتنا، جاءت بصيغه منتهى الجموع، إذ يدل على المبالغة في هذا الاحتراق الذي يدور في خلجات الروح والعقل معًا.
عنوان احتراقات، جاء مذيلاً بعنوان فرعي، رقمي،
وهو 4×6، إذ يشكل عنوانًا موازيا له، ويوحي هذا العنوان للقارئ، بايحاءات عدة ف 4×6، هي تلك البقعة من الأرض في هذا العالم الفسيح، و 4×6،هي صورة في البطاقة الشخصية، فالمواطن بالنسبة للوطن 4×6، والوطن للانسا، ليس سوى 4×6، وهذه الاحتراقات
ما هي إلا 4×6، مما يدور في ثنايا حروف الكاتبة، فاحتراقات ق. ق. ج ليست إلا 4×6 من الكتابات الادبية السردية.
من يتصفح احتراقات "إيمان المزيجي" سيجد عناوينها وقصصها القصيرة جدًا، تتراوح ما بين عناوين فردية، وأخرى مركبة، غلب على هذه العناوين الطابع المكشوف لدى القارئ، وتوحي للقارئ بمتن النص، ولا تترك له مساحة للتاويل، وهذا لا يقلل من جماليات النص،
أو العنوان، بل هناك عناوين، يصعب الاستغناء عنها،
إذ تمثل جزءًا من المتن، ولا يفهم دلالة النص، إلا بوجود العنوان، وما لفتني، ارتباط العنوان احتراقات 4×6 بالمجموعة ككل، ابتداءً من الإهداء المتقد بالأمل في قلوبنا، فكلمة المتقد، توحي بالاحتراق و يمثل 4×6،من جزءًا من خلجات هذا القلب، الذي قد ينطفئ والإنطفاء أيضًا، ليس إلا لحظة احتراق تمثل 4×6 من توهج الأمل.
إلى المواطن المبتسم في وجه الحاضر رغم احتراقه، فكل من المواطن والوطن ليس إلا 4×6،
تعانق تلك الاحتراقات، الشكر المتوهج في الكتاب، إلى العتبة التي أكدت على وعي الكاتبة، وادراكها لاحتراقات من حولها.
خصائص المجموعة:
تميزت الاحتراقات في التكثيف، الإيجاز، والحذف، والتقابل، والتضاد، فنجد الكاتبة تستعمل ألفاظًا مألوفة، لكنها تترك مساحة كبيرة للتأويل لدى القارئ، كما تميزت المجموعة بالمفارقة والسخرية، وباحتراق الدمع تارة، وبين انحصار 4×6، على بصيص أملٍ متقد، من يقرأ الاحتراقات، سيصاب باحتراق عاطفي وعقلي،
فما بين القلب والعقل، ما بين اليأس والأمل، ما بين الوطن ومواطن بلا وطن، تشتعل الاحتراقات
فتلك الاحتراقات ذات الطاقة المتقدة، قادرة على توليد معانٍ، تترك أثرًا من بقايا رمادها على قلب القارئ.
ما يميز قصص المجموعة أنها تصور الرجل والمرأة بين ثنايا احتراقاتها بمنطقية وعقلانية، فيظهر كل منهما تارة ضحية، وتارة جلاد، يظهر اشتغال الكاتبة على مجموعاتها، من خلال تلك الألفاظ المفعمة بالاشتعالات والاحتراقات، والتوهج الشديد.
الكاتبة في أغلب نصوص مجموعتها، لم تتمكن من خلق توظيفات جديدة لتلك المعاني، فكانت أغلب القصص متوقعة في نهايتها، أضف إلى ذلك، أن تلك التوظيفات في أغلب القصص، كانت مستهلكة جدًا، فلم نجد توظيفًا إبداعيًا جديدًا فيها، أضف إلى ذلك، وجود قصص متوازية، من حيث الفكرة، المعالجة، والطرح، فأغلب النهايات، كانت مألوفة للقارئ، وهناك قصص أقرب للشذرة .
ما يحسب للكاتبة أيضا، هو اشتغالها على علامات الترقيم، تلعب علامات الترقيم دورًا سيميائيّا ودلاليّا مهمّاً في الكتابة النّصيّة، وفي بناء القصة القصيرة جدّاً، خصوصاً أنّها تُسهّل الفهم على القارئ، وتوضح المعنى المقصود، من خلال القراءة والتلفّظ بالعبارة، فعلامات التّرقيم خير وسيلة لإظهار الصّراحة وبيان الوضوح في الكلام المكتوب، لأنّه يدلّ النّاظر إلى تلك العلامات الاصطلاحيّة على العلاقات التي تربط أجزاء الكلام، بعضها ببعض، بوجه عام، وأجزاء كلّ جملة بوجه خاص.
أمّا العلامة الأكثر استخداماً في القصة القصيرة جدّاً، فهي علامة الحذف، أو نقط الاختصار، أو الإضمار ... ، فهي من اسمها، تدلّ على ما يحمله النّصّ الوجيز من تأويلات وتخييلات، فهذه العلامة، مكوّن أساسيّ، يحقّق التّواصل مع القارئ أو المتلقي، قصد دفعه إلى تشغيل مخيّلته وعقله وذهنه لملء الفراغات البيضاء، وتأويل ما يمكن تأويله، لأن توضيح دلالات المضامين ومقصديّاتها لا يمكن توضيحها أكثر من اللازم.
وقد تركت الكاتبة مساحة للدخول في عوالم قصصها، مما يفتح لنا الكثير من التحليل والتّأويل، وفهم المضمون، استناداً إلى ما فيه من خصائص وتقنيات وأساليب.
ختامًا أبارك الكاتبة فتيل احتراقاتها الأول.
مها شجاع الدين .
قراءة لمجموعة احتراقات4×6
المجموعة غاصت في الذات الإنسانية مبدية آلامها وآمالها وتبدلاتها، كما شخصت الواقع في سلبياته وإيجابياته، فهذه المجموعة التي نتداولها اليوم استطاعت أن تجد لنفسها مساراً على غرار الأجناس الأدبية والفنون الأخرى، كالرومانسيك في الرواية، والميتاقصة في القصة القصيرة، لذا أتت القصة القصيرة جداً تتحدث عن نفسها بحضور لافت بين الأجناس الأدبية، وهذا الجنس الميكروسردي لم يعد حكراً على الرجل، بل أتت الكتابة النسائية في ال ق ق ج معلنة حضورها واختصاصها بكتابة هذا الجنس، وهذه المجموعة اليوم واحدة من تلك الكتابات، إذ نجد فيها الهم الأنثوي المتعالق مع الرؤية للواقع بهمومه، وكذا الهم الذاتي وبشاعة واقع الإنسان المرير، وهموم الأسرة، وذلك من خلال قصص كبسولية تنقد من خلالها الواقع المتشظي في كل مناحي الحياة.
ومن خصائص هذه المجموعة أنها ارتدت أهم ما يميز هذا الجنس القصير جداً وهي : التكثيف والإيجاز والحذف، وتقوم على التضاد والتقابل الدلالي وقدرة القاصة على تجويع اللفظ وتوسيع المعنى في عبارات رشيقة وموجزة والتلاعب باللغة، ومن الخصائص أيضاً الفضاء الشذري أو المتقطع، والالتزام بالحجم الكبسولي للقصة القصيرة جداً، كما سيأتي بيانه، لذا ليس كما يعتقد البعض أن من السهل كتابتها في سطر أو سطرين ومن ثم إطلاق التجنيس ق ق ج . وفي المجموعة نجد السخرية الكاريكاتورية في تعرية الواقع وانتقاده باستعمال المفارقة وحضور الباروديا الساخرة كما في قصة ماركة وnew look وتكنولوجيا، وكوفيد 19.
وأذكر واحدة من القصص الساخرة قصة( ماركة) :
(( تأكدتُ أن العطر الذي أهديته لصديقتي في عيد ميلادها كان ممتازاً؛ فما زالت رائحته عالقةً في قميص زوجي))
نلاحظ في هذه القصة مدى القدرة لدى القاصة في هذه المساحة القصيرة جداً، وتحديداً في كلمتين اثنتين (قميص) و(زوجي) أن تجلى الحدث وتوقع الصدمة للمتلقي في قفلة الحدث، ومدى ارتباطهما بالكلمة الثانية العطر في بداية القصة، إذ صورت القاصة دناءة الرجل ووقاحته في تعامله مع شريكة حياته بارتدائه الخيانة، ومدى الألم والصفعة التي تلقتها من صديقتها، لذا كانت القصة تذم الخيانة من الجنسين بل من القريب بل الأخص والأقرب.
ومن المميزات في هذه المجموعة كما ذكرت أنفاً عند ذكر خصائص المجموعة، هو احترام مقياس القصر في حجم القصة، إذ اتخذت مساحة قصيرة جداً من الكلمات، لذا كان الحجم في هذه المجموعة هو بمثابة الميسم الحقيقي لهذا الجنس الأدبي الحديث جداً، وفي هذه المساحة الموجزة جداً استطاعت القاصة التحكم بمعايير ال ق ق ج ، ومن أهمها التكثيف والاقتضاب والترميز والإيحاء، لذلك فالقِصر في المجموعة يعبر عن مدى احترام الكاتبة لمقياس حجم القصة، ومدى القدرة لتُوصل وإشباع القصة بكلمات قصيرة جداً كما أسلفت، إذ نحن في عصر متسارع جداً ينتقل من الإطناب إلى الإيجاز الشديد، لذلك قال القاص الفنزويلي لويس بريتو غارسيا : (( نمر بسرعة من دراما الكتاكالي التي تدوم عرضها ثلاثة أيام إلى التراجيديا الإغريقية التي تستمر ليلة كاملة، إلى الأوبرا التي تستغرق خمس ساعات، إلى الفيلم الذي يدوم ساعة ونصف، إلى حلقة المسلسل من عشرين دقيقة، إلى الفيديو كليب من خمس دقائق إلى الوصلة الإشهارية من عشرين ثانية، ثم القصة القصيرة جداً من ثانية واحدة))
وتمتاز مجموعة احتراقات بالطاقة الإشعاعية، ومدى قدرتها على توليد معان ارتوت بالتكثيف والاختزال والمعنى المتقابل داخل الحدث لذلك كان قصر الحجم في هذه المجموعة قد ساعد على التلاعب باللغة، مما أدى إلى مفارقة وإدهاش وصدمة للمتلقي عند القفلة، وذلك لمسته في العديد من القصص كما في قصة حياة، ومفاجأة، وجميل.. ة
وسأتحدث عن قصتين الأولى (مفاجأة)
(( طال غيابه، أخذت الشكوك تقضم قلبه.. عاد دون إخبارها بقدومه، تسلل خلسةً على أطراف أصابعه، دفع باب الغرفة بعنف .. وجدها تقبل صورته))
نجد المفارقة في تفكير الرجل وامتلائه بالشك في شريكة حياته، بينما الزوجة لم يشغل بالها غيره حتى في غيابه، فصورت القاصة تلك الدهشة للمتلقي في المفارقة القوية و القفلة المدهشة، إذ كان العنوان هو بمثابة الصفعة للرجل، واندثار أوهامه أمام إخلاصها، وهذا التكثيف والاختزال والتلاعب باللغة في مساحة لا تجاوز السبابة والوسطى.
أما القصة الثانية فلي معها عهد قديم قبل صدور هذه المجموعة البديعة، فقد سبق لي أن قد مت لها قراءة سابقة ضمن كتاب الملتقى الأول للقصة القصيرة جداً والقصة:
بعنوان (جميل.. ة)
(( رن هاتفه ارتبك، أغلقة بوجل .. شَكّتْ في أمره، استسلم للنوم
فتشت عن آخر مكالمة، تنفست الصعداء مكالمة من (جميل)
أنَّبها ضميرها لسوء ظنها .. ابتسم الزوج تحت اللحاف ممتناً لتاء
مربوطة انتحرت لأجله))
بدءاً بدلالة العنوان لهذه القصة ، إذ يوحي العنوان بانفلات التاء المربوطة، من الاسم العلم جميلة، وكانت التاء هي الرابط بين الرأس والجسم للقصة، وهذه العلامة السميولوجية يقف عندها القارئ، لغرض استجلاء القصة واستنطاقها بصرياً ولسانياً، ومن خلال العنوان الدال على هوية النص نرى اختزال دلالات ومعاني تعد بمثابة المفاتيح الكاشفة التي نصل من خلالها إلى عتمة النص الغائر، فالتلاعب باللغة بداية من العنوان كان احترافيا، لذا لا يستهين القاص بحرفية العنوان إذ هو البؤرة السيميولوجية على رأي سوسير الفرنسي، والسيميوطيقية على رأي بيرس الامريكي، والتي من خلالها تبرز العلامات الدالة على الحكي، هنا تمر القصة عبر حدث متصاعد وشخصيات لصيقة بالحدث، وتوحي القصة بخيانة الرجل، واخفاء عشيقته ببتر التاء المربوطة من اسمها جميلة، لذا كان الاشتغال في القصة محكماً، إذ فيها التنكيت فيها إلغاز فيها تكثيف وهدف ورمزية، وهذا ما جعل من القصة موحية، إذ لم تكن خبراً مباشر بل حملت هذه الكبسولة تلميحه في العنوان واضحة من خلالها تمكن القارئ أن يملأ فجوات التلميح ويقوم بربطها مع بعضها، لينتهي بمرحلة التنوير لقفلة الحدث بصور
التنوير لقفلة الحدث بصورة مدهشة بانتحار أحرف اللغة التي تلاعبت بها القاصة بحرفية عالية.
أخيراً أرى في المجموعة تقنية التقطيع ، أو بما يسمى بالفضاء الشذري أو المتقطع، وأجد القاصة قد استخدمت هذا الفضاء المتشذر في قصة(سيادة)، وقصة(الشاهد الوحيد)، إذ نجد القصة عبارة عن كتلة منسجمة ومتسقة وفي نفس الوقت تحمل القصة فضاءً متقطع ومتشذر كما في قصة (الشاهد الوحيد):
((قتله دون ذنب أمام ناظريه، استدعته الشرطة لا ستجوابه، ألجمه الصمت لبرهة .. حين رأى القاتل يحقق معه انطلقت رعشة أسفل عموده الفقري تبعها صوته المبحوح :
لم
أرَ
شيئاً
وهذا التقطيع البصري كان مقصوداً وفيه دلالة نلمسها في السخرية من الواقع العربي إذ القاتل أصبح محققاً، وهي بذلك تصور الفضاء المتشذر باندحار القيم النبيلة التي تخلى عنها الإنسان، وتلك الجملة المقطعة صدرت بصوت مبحوح مغلوب على أمره، لذا ليس أمامه إلا الانكار بعدم رؤية الواقعة التي لم ير وقوعها غيره هنا كانت الباروديا حاضرة إذ كانت عبارة عن محاكاة ساخرة تقاطعت فيها الحقيقة واللا حقيقة، الجد والسخرية.
أما القصة الثانية بعنوان (سيادة)
(( اليوم سأدافع عن كرامتي المنتهكة، سأقول له ال لاااااا بعلو
صوتي ولن أسكت بعد الآن
- فيما تشردين يا امرأة؟!
- اااا أفكر بما سأطبخه لك يا تاج راسي
هنا القاصة اعتمدت التمديد فالتلاعب بخطوط الكلمات في كلمتي لااااا وااااأفكر دلالة على القمع والكبت، فنرى المونولوغ الداخلي كان حاضراً إذ حدثت الزوجة نفسها بصوت داخل فضاء متشذر ومجزأ في محاولة قولها لااااا، ثم باغتها الزوج بإخراجها من حديث النفس، فكان ردها أيضاً متشذراً بتمديد كلمة ااااأفكر، إذ القصة كانت ساخرة تذم القمع والتسلط الهرمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.