على معلاق صراع توليفة أدوات ومكونات ومليشيات الارتزاق ذات الثقافات المتباينة والمصالح المتعارضة تتأرجح عدن الجريحة الباحثة عن كرامتها وعزتها المسلوبة وحريتها المهاجرة.. كل معطيات واقع المدينة التي عرفت بثغر اليمن الباسم ذات يوم، وكل ثواني ودقائق لحظتها التاريخية باتت تؤكد حقيقة واحدة هي حقيقة مستقبلها المفتوح على المزيد من معارك الارتزاق الدامية وما سيترتب عليها من احتمالات مجهولة وجراحات وتقرحات إنسانية وسياسية واقتصادية واجتماعية نازفة، ولم يعد في عدن اليوم من يؤمن بفكرة الوطن، سوى تلك الجماهير المتكسرة كعيدان القصب، التي أنهكتها انماط مشوهة من المعاناة والتعب، فخلف أقنعة مرتزقة ورعايا وأتباع أنظمة الغزو والاحتلال الجديد، تكاد تختفي وتتلاشى ملامح البريق الذهبي التاريخي للمدينة وثقافة وفكر أبنائها الوطني وسيادة واستقلال الوطن.. وفي ظلمة كواليس المتاجرة الغامضة بملامحها الجميلة وسيادتها واستقلالها وحرية وأمن واستقرار أبنائها تترقب المدينة لحظة اندلاع معركة جديدة دامية بين أدوات العمالة والارتزاق أبطالها العميلان طارق والزبيدي ومسرحها واقع مفتوح لتدافع أحداث ووقائع مؤلمة وجراحات عميقة نازفة ومعاناة مدمرة لحياة الآلاف من البسطاء والأبرياء.. التفاصيل المؤلمة لهذه المعاناة يشتمل عليها هذا التقرير: مسار تآمر جديد يحاول جر مدينة عدن إلى مستنقع صراع دراماتيكي حلقاته الدموية وفصوله المأساوية متواصلة وتنذر بصورة لا تتوقف من المآسي، تحدد معالم تطوره واتجاهاته أنظمة العدوان والاحتلال الإماراتي السعودي، وتصنع أحداثه ووقائعه قياداتها العميلة والمرتزقة، وللأسف الشديد في ظل صمت دولي مريب ، وربما ابتسامات رضى وسخرية من المنظمات والمجالس الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وتطبيق القوانين الإنسانية. ووفق سيناريو أمريكي بريطاني سعودي إماراتي بدأت مليشيات العميل طارق من جهة ومليشيات العميل عيدروس من جهة أخرى ترتيبات خوض معركة جديدة في مدينة عدن التي يهيمن عليها حاليا انتقالي الإمارات وشهدت سابقا العديد من جولات الصراع السياسي والعسكري الدموي بين مليشياته ومليشيات الارتزاق الأخرى الموالية للعدوان. تصاعدت المخاوف في مدينة عدن، المعقل الأبرز لما يسمى بالمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، بعد أن قرر تحالف العدوان حسم معركة عدن عسكريا وأصدر نظام الاحتلال السعودي توجيهاته لما يسمى قوات العمالقة التي تعمل تحت قيادة المرتزق طارق في الساحل الغربي بحسم معركة عدن. وذكرت مصادر أن التوجيه السعودي جاء مع تنامي رفض الفصائل الجنوبية ضغوطا للخروج من المدينة مقابل مكافآت مالية تصل إلى 150 ألف ريال لكل مقاتل. وفي حين حذر ناشطون من تداعيات سيطرة قوات المرتزق طارق على المدينة لوح رئيس ما يسمى مجلس المقاومة الجنوبية أبو همام اليافعي بإعلان الحرب على القوات السعودية، في ذات الحين رفعت فصائل أخرى حالة التأهب لمواجهة الواقع الجديد الذي تحاول السعودية فرضه بالقوة ورفضت قرار تسليم العمالقة ملف عدن ضمن ترتيبات تسليم المرتزق طارق الذي عزز مؤخرا قواته إلى معسكر رأس عباس في عدن ويتوقع أن يتولى مهام تأمين المدينة وتحديدا أهم المنشآت الحيوية فيها. وذكرت مصادر أن المخطط السعودي الذي يتم تنفيذه بدعم وإسناد من رئيس ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي العميل رشاد العليمي يرمي إلى استبعاد الانتقالي من مدينة عدن وبسط سيطرته عليها. وكان نظام العدوان والاحتلال السعودي ، قد أمهل ما يسمى بالمجلس الانتقالي لتسليم مواقع قواته في مطار عدن الدولي لقوة موالية له، مطالبا تشكيلات الانتقالي المتمركزة في المطار إخلاء مواقعها وتسليمها لقوة أمنية دربها النظام السعودي على أراضيه خلال العامين الماضيين. وفي المقابل رد القيادي في الانتقالي أبو همام في تدوينة له على تويتر، متوعدا بإسقاط مجلس القيادة الذي شكله النظام السعودي قائلا "مجلس القيادة سيتفكك قريبا والشرعية شرعية المجلس الانتقالي فقط". وتابع: "الوحدة اليمنية انتهت والشرعية انتهت بمجلس قيادي سيتفكك قريبا ويبقى المجلس الانتقالي" حد تعبيره. تهديدات القيادي في الانتقالي جاءت بالتزامن مع انتشار مسلحي ما يسمى "المقاومة الجنوبية" في مديريات خور مكسر والبريقة وصيرة والمعلا والمنصورة، بلباس مدني رفضا للقرار السعودي، وردا على منع الرياض عودة رئيس الانتقالي المرتزق عيدروس الزبيدي، واستقدامها تعزيزات من قوات المرتزق طارق صالح للسيطرة على قصر معاشيق والانتشار في مناطق بعدن. ورغم انتشار مسلحين تابعين لقائد ما يسمى "المقاومة الجنوبية" بلباس مدني في محيط المطار والشوارع الرئيسة في مديرية خور مكسر، بالتزامن مع انتشار مماثل في محيط قصر معاشيق الرئاسي ومديرات المعلا والتواهي، وسط توتر كبير. تصاعدت حدة التوترات بين قوى تحالف العدوان ومرتزقة المجلس الانتقالي، في ظل تحركات جدية لإقصائه من عقر داره، وتمكين خصومه التقليديين في الفصائل الإماراتية، ولم تجد تحركات الانتقالي العسكرية نفعا وأفادت مصادر مطلعة أن قوات نظام الاحتلال السعودي بدأت إسقاط المواقع الحيوية الخاضعة لسيطرة فصائل الانتقالي في مدينة عدن. وقالت المصادر إن قوات سعودية اقتحمت مطار عدن الدولي السبت، وانتشرت في المدرج الرئيسي وجميع مداخل ومخارج المطار. وأوضحت المصادر أن القوات طردت مجاميع المجلس الانتقالي المسؤولة عن تأمين المطار. وتسعى السعودية للسيطرة على أهم منفذ حيوي في مدينة عدن، تمهيداً لتسليمه لقوات المرتزق طارق صالح على غرار قصر معاشيق، حيث سحبت فصائل الانتقالي فور وصولها القصر، ودفعت بمجاميع محسوبة على قائد الفصائل الإماراتية في الساحل الغربي، كبديلة عنها. في المقابل بدأ نظام الاحتلال الإماراتي ، الأحد، تحركات مكثفة في محاولة لتضييق رقعة الخلافات بين فصائل الارتزاق الموالية له ما يعكس مخاوفه الحقيقية من خسارة قاعدته هناك.. وفي السياق دفع نظام الاحتلال الإماراتي بقيادات في الانتقالي وطارق صالح إلى صدارة المشهد للدفاع عن التقارير التي تتحدث عن صراعات بين الطرفين.. كما خصص مساحة واسعة في وسائل إعلامه وأخرى ممولة منه للتشكيك في الأهداف من وراء ما وصفه بالشائعات. وتأتي التحركات الإماراتية في وقت يقترب فيه الخصمان اللدودان من المواجهة العسكرية في ظل التوترات المتصاعدة سواء فيما يتعلق باحتلال النظام الإماراتي لجزيرة ميون أو دفع النظام السعودي بالمرتزق طارق لتولي مهام الحماية في عدن. ويحاول نظام الاحتلال الاماراتي إعادة ضبط العلاقة بين أتباعه عبر دفع القوى المعتدلة في الوقت الذي تقرع فيه قيادات الارتزاق المتطرفة في الجانبين طبول اندلاع معركة الارتزاق الدامية في مدينة عدن .