ركب نتنياهو رأسه ورفض الرجاءات والتوسلات الامريكية والخليجية والقطرية والاردوغانية وكسر الهدنة ويتعنتر على سكان وابنية غزة بالقصف التدميري. ويتفنن في التهويل عليهم، وارهاق العزل بالقتل والتجويع والترحيل من الشمال الى الجنوب ثم ينذر اهل الجنوب بالنزوح ومازال يتوهم بإمكانية ترحيل غزة الى سيناء بل وطور اوهامه وبات يتحدث عن ترحيلهم الى كندا واستراليا وبلاد الله الواسعة. ففي عقله الصهيوني التلمودي فلسطين لا تتسع لأصحابها وان المستوطنين ومجاميع شذاذ الافاق من جهات الارض الاربعة احق بالوطن من اهله واصحابه والمدافعون عنه وعن حقهم حتى الموت ومهما كان الدمار وقساوة الحرب وتخلي ذوي القربى وحالة العمى التي اصابت من صاغ شرعة حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي وقوانين وقواعد الحروب والابادة الانسانية وجرائم الحرب. وقد نبش ايضا من بقايا ذاكرته لعجزه وعجز كيانه عن ابتداع الجديد وقد ضربته الشيخوخة والزهايمر، وصفة الحزام الامني في غلاف غزة واصر على تشبيهه بلبنان، والحق ان الشريط والحزام الامني برغم تجنيد لبنانيين لحماية إسرائيل وقبول جيش لحد ان يكون اكياس رمل ودشم لحماية دبابات وجنود الاحتلال الا انه لم يفيد وانهار بلمحة بصر ككومة ملح في آيار 2000 وخرجت اسرائيل ورأسها بين فخذيها بحسب توصيف يدعوت احرنوت تجرجر اذيال الهزيمة وتركت عملائها اللحدين في العراء. وكانت يومها اسرائيل اقوى بألف مرة مما هي عليه الآن وكذلك حلفها. وذات الوصفة اقترحها نتنياهو في سورية وتبخرت كحلم في ليلة صيف. ماذا بقي عند نتنياهو؟ وماذا أعد للجولة الثانية؟ وهل لديه سوى العار والخزي، وحتمية الهزيمة وطائرات وقذائف تدمير سلمته اياها امريكا بصفتها الشريك والقائد للكيان وحربه؟؟ لماذا عاد نتنياهو لأوهامه ولسياسته لتدمير وابادة غزة؟ في المعطيات والواقع واحداثه لا شيء جديد عنده، ولا عناصر قوة مكتسبة، ولا امكانيات استجدت لحسم الحرب بل على العكس فالأيام السبعة للهدنة والاسرى الذين اطلق سراحهم كشفت إسرائيل على العجز والخزي وارتكاب المجازر وجرائم الحرب الموصوفة والجرائم ضد الانسانية بينما كسبت حماس جولة في الرأي العام والعدالة الدولية وحقوق الانسان وتفوقت كما تفوقت في عملية طوفان الاقصى العجائبية وفي الصمود الاسطوري وفي الحرب البرية التي كلفت اسرائيل اكثر من 330 دبابة ومدرعة وآلية وما يربو عن ألاف القتلى والجرحى دون ان يحقق جيشها مكسبا يعتد به. في الايام السبعة للهدنة تراجعت حديا شعبية نتنياهو وحزبه وحكومته وتراجع تأييده في حرب العجز التي يخوضها وخسر كثيرا في الرأي العام الامريكي والأوروبي والاسلامي والعربي. حتى بلينكن الصهيوني لم يوافق مجلس الحرب الاسرائيلي على الاشهر وقال لديكم اسابيع لا اكثر... وبأفعاله التي لا يبررها الا انه وكيانه اصبحوا في زمن الشيخوخة والترهل والزهايمر وافتقاد الافكار والادوات والقوة لفرض ما يتوهمون واجترار ما كان وفشل. وقد بات الكيان لشدة عجزه وتخلفه اسير عقول وقادة مقامرون لا هم لهم الا حماية انفسهم ومكانتهم ولو على حساب الكيان ومصالح الغرب في الاقليم. ولشدة عقم الكيان وعجزه عن توليد جنرالات وقادة بدل العجزة والمقامرون باتت امريكا نفسها تعجز عن تطويعه واعادة هيكلته، خاصة وانها هي باتت في زمن العقم والحاجة لإعادة هيكلة. هكذا يقامر نتنياهو بإسرائيل ويستعجل زمن هزيمتها المدوية وزوالها وقد قرر انها في حرب وجودية يستحيل عليها انتزاع النصر فيها ويسوق الحكومات والنخب الحاكمة الموالية لإسرائيل وامريكا الى مزيد من الخسائر والانحسار. اما على الضفة الأخرى، فقد رصدت حماس وغزة مكاسب جلة في الرأي العام وفي تقديم نفسها وحربها كحرب عادلة وانسانية وقيمية، ومحقة، واستفادت من الانفراجات بتموين غزة بما توفر واعادة تنظيم جهدها العسكري واحتياجاتها واعلنت كتائب القسام والفصائل جاهزيتها للقتال لأشهر وسنوات واكدت قولها بالفعل فتمكنت واثخنت الجيش الإسرائيلي بالقتلى والجرحى وتدمير الأليات وضربت بصليات الصواريخ عمق الكيان. وأعلن انصار الله والمقاومة العراقية وجبهة الجنوب اللبناني الجاهزية والعودة إلى الاشتباك وهددت فصائل وجبهات المحور بالأعظم والأهم فهل تملك القدرة؟ وهل أمنت جديدا نوعيا لحماية غزة وافشال العدوان وتحقيق نصر عظيم وعزيز في هذه الحرب وفي جولتها الثانية؟. المنطقي الجزم بأن المحور وفصائله جددوا التزاماتهم بأنهم سينصرون غزة وحماس في هذه الحرب مهما كانت الاثمان والاكلاف، ومازالوا على وعدهم وعهدهم. والمؤكد أن قوتهم وعدتهم وعتادهم وعددهم الذي أعد للحرب الكبرى مازال سليما وتتراكم عناصر القوة وتزيد فرصتهم وامكاناتهم ودورهم ويسجلون مكاسب ونقاط في حرب غزة ويزيدون من عناصر القوة والحضور. والهدنة وما تحقق منها من مكاسب وفرت المزيد، واظهرت إسرائيل قاصرة ومهزومة وعاجزة عن تحقيق أي مكسب في الحرب واضطرت صاغرة لقبول شروط كتائب القسام في التبادل، والمنطقي أنهم درسوا واعدوا واستعدوا لكل الاحتمالات في الجولة الثانية وعندما تطلب غزة وفصائلها، وليس مستبعدا ان تشدد فصائل المقاومة الضربات المؤلمة للقواعد الامريكية في سورية والعراق وغير المستبعد ان تقود تظاهرات عارمة وتقتحم المنطقة الخضراء والسفارة الامريكية لإلزام امريكا بتفكيك قواعدها والانسحاب الهزيمة من سورية والعراق وهذه تحقق وعد السيد حسن نصرالله ثأرا لقاسم سليماني. والفرص والامكانات والظروف كلها مواتية واعمال من هذا القبيل تتضامن مع غزة وتنصرها وتستعجل وقف العدوان الاسرائيلي عليها. والسيد عبدالملك الحوثي اعلن ونفذ وصعد من التهديدات وليس ما يمنعه من توسيع الاشتباك والتصعيد الناري ضد السفن والاساطيل الأمريكية والاطلسية وليس ما يمنعه من ادخال انواع من الصواريخ والمسيرات القادرة على الوصول الى اهدافها وضربها بقوة وحزم. وهذا ايضا من الادوات التي تنصر غزة وتدفع لوقف حرب تدميرها. ومن الجنوب تفيد كل المعطيات والتسريبات وتؤكد قدرة المقاومة على توسيع مشاركتها كما ونوعا وبالأسلحة الجديدة وبالعمل المباشر بتطوير التكتيكات والشروع بعمليات الاغارة وتدمير المواقع الاسرائيلية وزرع العبوات والكمائن بما في ذلك تحرير مستوطنات والانسحاب منها، ومن غير المستبعد ان تفعل خططها لتحرير الجليل ودفع الحرب واسرائيل وحلفها الى منسوب اعلى من المخاطر والتطورات التي تصادق على تكرار قول السيد نصرالله اننا في زمن الحرب الكبرى حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر وقوله بحزم شديد لقد اكملنا الاستعدادات لخوضها. والحق يقال؛ انه بينما بذلت اسرائيل واستخدمت كل طاقاتها وما لديها من عناصر قوة ودخلت امريكا الحرب وتقود اسرائيل وحربها وحشدت الاساطيل واستخدمت ادواتها وحلفائها ونفذت حملاتها الاستعراضية والتهويلية ونفوذها ودبلوماسيتها ولم يبق في جعبتها الا تحذير اسرائيل من ان لديها اسابيع وليس اشهر فيما يشبه الانذار والتحذير بان امريكا نفسها ستنشغل وتخضع للضغوط في بنيتها والرأي العالم، وتترك اسرائيل لمصيرها المحتوم بخسارة حربها ووجودها. اما محور المقاومة فلم يستخدم من أوراقه وعناصر قوته الا غزة وصمودها وفصائلها وبعض ما عنده في الجنوب والحدود السورية العراقية وفي البحر الاحمر وبحر العرب، وهذا جزء هامشي وقليل جدا مما يملك من سلاح وقدرات وجغرافيا وامكانات بشرية ومادية هائلة، لم يوظفها في الحرب ويدخرها لتأمين انتصار غزة وحماس ولتحرير فلسطين كلها. ما تقدم قد يفسر لماذا عاد نتنياهو وحكومته وقيادته القاصرة الى الحرب وكسر الهدنة برغم ان كل المعطيات والوقائع والتحليلات تؤكد أن لا جديد عند اسرائيل ولا قدرة لها على حسم الحرب وتسجيل أي انتصار يرصد لها. يبقى احتمال أن نتنياهو عاد الى الحرب للتهويل واستعراض عضلاته الصوتية ولأنه عاجز عن فرض الهدنة في حكومته التي يهددها الانهيار فورا وانهيارها سيأخذه الى السجن وارذل المواقع، فليس لديه إلا ان يرتكب الحماقات بانتظار تطور ما او تدخلات تعينه على وزرائه وتكتلات اليمين المتدين الذي بات يحكم ويقود اسرائيل، فيعود ليقبل شروط غزة لوقف النار والتبادل. وربما هي محاولة للتهويل والضغط على المفاوض لتحسين شروط اسرائيل فيها وبالرهان على دور لقطر وتركيا وامريكا في ممارسة الضغوط على كتائب القسام لدفعها للتنازل ومنح نتنياهو جائزة ترضية تعينه على تطويع حكومته واركانه، الهدف البعيد المنال والمساوي لأمل ابليس بالجنة. وهناك احتمال قد يكون راجح؛ ان اسرائيل وقيادتها اصبحت في زمن تفتقد فيه للمبادرة والعقل، وتعجز عن اتخاذ القرار وتامين عناصر تحققه. حالة العجز عن اتخاذ القرار موصوفه بانها الشروط والبيئات المناسبة للانهيار كما في المؤسسات والشركات كذلك في الدول والامبراطوريات فأين اسرائيل الكيان المصنع والزرع الغريب من هذه وتلك. لأي سبب كان عادت اسرائيل الى الحرب وكسرت الهدنة وتتحول الجولة الى حرب استنزاف قد تصير مديدة وواجب محور المقاومة ان يطور ويزيد من افعاله ودوره ومن عمليات استنزاف وارهاق اسرائيل وتكبيدها مع امريكا وحلفائها الخسائر التي لا تحتملها فتضطرها لوقف العدوان والدخول في حقبة التأزم والتفكك فالأرض وفلسطين لم تعد تقبل وجود شذاذ الافاق والمتطرفين واعداء الانسانية فوقها. وكل المؤشرات والوقائع تقطع بان زمن التحرير جار والموعد مع القدس ازف. فان اوقفت اسرائيل عدوانها وعادت صاغرة للتفاوض والهدنة ستكون حكمت على نفسها بالانفجار والزوال واذا اكملت حربها التدميرية فهي تستعجل زوالها ايضا ولا امل لها بالنجاة او بنصر في هذه الحرب.