بوضوح شديد، وبلا أي مواربة أو ترك الأبواب مفتوحة على غرار ما يفعل السياسيون، قالها السيد عبد الملك الحوثي وردّدها اليمنيون: إذا أكمل الاميركيون، وهم أصل الاعتداءات الاسرائيلية، فسنهدد مصالحهم ونقصف بوارجهم. طبعاً هذا الموقف ليس من باب تسجيل النقاط الكلامية ولا اكتساب الشعبية ولا شدّ العصب وتشديد العصبية، بل هو موقف أثبته الفعل السابق باستخدام البحر الاحمر وباب مندبه نصرة لفلسطين، ويمهّد للفعل اللاحق الذي يضع كل سفينة تبحر فوق جثث الفلسطينيين بطريقة أو بأخرى، تحت مرمى النيران.. اليمنيون استهدفوا سفناً إسرائيلية أو متوجهة الى موانئ الاحتلال، وهم مستعدون للمزيد إذا... وقد أوجعوا بجرأتهم تلك، لأنهم، ولو بسلاح لا يضاهي السلاح الاسرائيلي، وبعديد لا يساوي عديد جيش العدو، وبشبه وحدانية تواجه دولاً داعمة للكيان المولود في شبهة كذبة أسطورية، عرفوا من أي نقطة يتسللون لإيلام الاجرام والقول كفى. عرفوا الاستثمار بقوتهم والمتمثلة بالإرادة أولاً، وبالشجاعة ثانياً، وبالموقف المبدئي ثالثاً، وبالموقع الجغرافي رابعاً وجعلوا من المياه أملاً جديداً للحياة..وهذا ليس أدباً ولا شعراً، بل هو تغيير لمجرى التاريخ وتبديل لما كان البعض يعتبره قدراً.. فالحوثي باستخدامه البحر الاحمر، نصَر الدم المتساقط فوق غزة، ودفّع إسرائيل أثماناً اقتصادية بمسألتي الاستيراد والتصدير، وقال كفى للتحكم الاحادي بالممرات المائية، جاعلاً الشركات الكبرى تفكر مرتين، والدول الكبرى تفكر ثلاث مرات. وبذلك كسر اليمن احتكار السيطرة على التجارة الدولية، ليبني عالماً أكثر عدالة، وليوقف المعتدي عند حدّ المصالح التي باتت قلقة وهي ترزح تحت المسيّرات والقذائف، الآتية في غفلة من زمن الكبار، لتساعد المظلوم والمعتدى عليه. ما رسمته الصين بإحيائها طريق حريرها، وما فعلته روسيا بأوكرانيا في رسالة مؤلمة إلى الناتو والغرب، وما ثارت من أجله افريقيا وأمريكا اللاتينية، وما راكمته المقاومات في لبنان والعراق من إنجازات، يأتي الحوثيون لاستكماله، وهو بالتمام والكمال، إضافة النقاط على خارطة العالم الجديد، الذي يخرج من الأحادية الامريكية إلى رحب التعددية والتنوع والحرية. نحن بلا شك على أبواب نظام عالمي جديد يُكتب من أبواب المندب ومن كل قطرة دم بريئة تساقطت على مذابح المصالح الدولية.