واقع الحال يؤكد بأن إستمرار العدوان على غزة كان سيؤدي بشكل أو بآخر إلى توسيع رقعة المعارك، كما أن فتح جبهات جديدة لا يعني فقط دعم الفلسطينيين، بقدر ما يعني وضع نقاط القوة والتوازن موضوع التأثير، وبالتالي كان فتح جبهة البحر الأحمر حدث غير متوقع أمريكياً. و يبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسير نحو مزيد من التصعيد في الشرق الأوسط، ومازالت ترفض الاعتراف بخسارة المعركة، حيث اختار وزير الدفاع الأمريكي الطريق الأكثر خطورة لإنهاء الحصار البحري الذي فرضته صنعاء على الكيان الصهيوني في باب المندب والبحر الأحمر فبدلا من إيقاف الكيان الصهيوني عن المجازر الوحشية في غزة وهو -الشرط الأخلاقي- الذي أعلنته حكومة صنعاء لوقف استهداف الملاحة الإسرائيلية، أعلن وزير الدفاع الأمريكي "لويد أوستن" عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات بهدف حماية اقتصاد دولة الاحتلال تحت مسمى جديد (حارس الرخاء) وهي مبادرة أمريكية تجمع عدة دول (المملكة المتحدةوالبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا وبالطبع الكيان الصهيوني). ولكن فيما يتعلق في مجموعة الدول المشاركة في التحالف الأمريكي نجد ان وجود البحرين شاذ لأن المنامة دولة عربية إسلامية وهي ليست قوة عسكرية، ولا تملك المقومات لمواجهة تداعيات التي ستنتج عن مشاركتها في التحالف ضد القوات المسلحة اليمنية. فضلاً عن انها غير معنية بحركة الملاحة في البحر الأحمر بشكل مباشر إذ تبعد عن هناك آلاف الكيلومترات (16.364 كيلومتر جنوب غرب). ولكن في أي سياق تأتي مشاركة البحرين في التحالف؟ و لماذا تشارك وهي لا تملك أدنى المقومات العسكرية والموقف السياسي الذي يؤهلها للقيام بأدوار إقليمية. أليس هناك بديهيات يجب ألا نتجاوزها ونحن نحلل المشهد في المنطقة ؟ فما هي تلك الأسباب ؟ تعاني البحرين من "أزمة الشرعية" حيث أن الاحتجاجات لم تتوقف منذ الرابع عشر من فبراير 2011، حتى اليوم، "التوترات الداخلية" دفعت الملك بالاستعانة بالسعودية والامارات ليستمد منهم مسوغات استمراره وجعلته تابع "مسلوب الارادة" ينفذ الاجندات التي تملى عليه، وهذا ما يفسر موافقة -إرغام- السلطات البحرينية بالانضمام الى التحالف الامريكي وحيدة من بين الدول العربية والإسلامية. و تعكس مشاركة البحرين في التحالف الامريكي عمق الأزمة السياسيّة التي تعيشها السلطات محليا وخارجيا، اضافة الى ذلك، ترى المنامة في التحالف فرصة جديدة و دعما إضافيا لمواجهة الشعب الذي يحترق من سياسات بلاده، وبطبيعة الحال لضمان الحماية لأمريكيّة لها. ويأتي انضمام النظام في البحرين الى التحالف الذي تقوده أمريكا لمواجهة الشعب اليمني وحماية للكيان الصهيوني في سياق، "كفر الأسرة الحاكمة" عن كل ما هو عربي وقومي ووطني، بسبب تخليها عن فكرة تحرير فلسطين وتبنيها السياسات الغربية والامريكية التي أثبتت فشلها أمام مشروع المقاومة، فبتالي تعّرض السلطات البحرينية ل السياسيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، انطلاقا من مواقفهم نحو القضايا الفلسطينية والعربية هو بسبب التراجع الخطير في حرية التعبير والأهم هو إِطْناب الاسرة الحاكمة في وحل التطبيع. ! العائلة الحاكمة في البحرين دائما ما تتصدر الأزمات، وتفجر في الخصومة مع شعبها، ومع مشاركتها في الجهود الأمريكية و الأطلسية لفك الحصار عن الكيان الصهيوني بدت هذه المرة أكثر اعوجاجا وغربة عن الأمة العربية والاسلامية بل حتى عن اقرانها من دول مجلس التعاون. عدا عن كون اتخاذ قرار المشاركة جاء خلاف لرغبات الشعب البحريني، وهو بمثابة ملف أزمة آخر يفتحه "نظام ديكتاتوري غير منتخب" لن يجني من ورائه سوى الخيبة كما انه لم يجن شيئا من معاداة قطر وإيران. وفي المقابل لم تمنع الحرب العبثية التي شُنت على اليمن واليمنيين خلال السنوات الماضية، من البقاء ضمن عناوين المعادلات الجيوسياسية، بل والبقاء ك فاعلين مؤثرين في عموم المعادلات الإقليمية، وبات أنصار الله رقماً صعباً لا يمكن الالتفاف عليه في النظام الإقليمي الجديد على الرغم من العدوان المتكرر عليه، والتطورات تشير إلى أن صنعاء لن تتراجع عن الحصار البحري الاقتصادي على الممر البحري الواصل إلى"اسرائيل" ويسعى أنصار الله إلى استثمار هذا الواقع لفك الحصار عن اليمن وسوريا ولبنان، والأهم إيقاف الحرب في غزة. وهذه القوة المسلحة بالإرادة الفريدة من نوعها، هي من ستضع حداً للهلوسات والغطرسة الأمريكية و الأطلسية المتعلقة بإخراج أنصار الله وحلف المقاومة من دائرة التأثير. أما دول التطبيع العربية والخليجية ليست سوى أداة بيد أمريكا والغرب الإبتزازهم ونهب المزيد من أموال الشعوب العربية، وتحويلهم إلى دروع لحماية الكيان الصهيوني واحراجهم امام شعوبهم. ومصير التحالفات الأمريكية محكوم بالفشل على مر التاريخ، وبالتالي فإن مصير تحالف البحر الأحمر ضد اليمن الفشل أيضاً، خاصة وان هذا التحالف سيواجه يمنا خرج منتصرا من اختبار قاسي لحرب الثماني سنوات مع أحدث الجيوش في المنطقة. ومن بعد تلك الحقائق البائنة يأتينا محلل ذو رأس مربع ليتحدث عن انهيار مشروع المقاومة، بينما نرى بأم أعيننا أن المؤشرات كلها تشير إلى استعداد أمريكا لحزم قواعدها والخروج من منطقتنا بفعل المقاومة. و من هنا لابد لواشنطن وعملائها من عدم الاستخفاف ب معادلة الإقليم الجديدة، لأنه الأيام القليلة المقبلة ستكون مليئة بالإثارة والتشويق وقد يستيقظ العالم على حدث غير مسبوق وهو "إغراق الامبراطورية الامريكية" في عرض البحر الأحمر على أيدي اليمنيين فيما سيبقى حلفاؤها وسط العواصف العاتية. من يستبعد ذلك ؟