استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) يوم الثلاثاء ضد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، وهي المرة الرابعة التي تقوم فيها بذلك منذ اندلاع الصراع. ولا داعي لأن نستغرب من تلك الخطوة الأمريكية. ومن غير المستغرب بنفس القدر تزايد الإحباط والسخط داخل المجتمع الدولي إزاء استمرار واشنطن في وضع العراقيل. فلا شك أن أمريكا تقف في طريق السلام بمنطقة الشرق الأوسط. هذا الاستخدام المتكرر لحق النقض يؤكد تجاهل الولاياتالمتحدة للوضع الإنساني المتردي في غزة. وإن رفض تأييد قرار يهدف إلى تخفيف معاناة المدنيين المحاصرين وسط تبادل إطلاق النار يزيد من تآكل مصداقية الولاياتالمتحدة كوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما إن إصرار الولاياتالمتحدة العنيد على السماح باستمرار الصراع يكشف عن تناقض صارخ بين أقوالها وأفعالها، ويكشف عن شعور بالنفاق وازدواجية المعايير في قيمها المزعومة. باستثناء بريطانيا التي امتنعت عن التصويت، صوت الأعضاء ال13 الآخرون في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الذي قدمته الجزائر نيابة عن الدول العربية. ويدعو القرار إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، ورفض الإبعاد القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين. أظهرت نتيجة التصويت أن مجلس الأمن لا يفتقر إلى الإجماع؛ بل إن حق النقض (الفيتو) الذي تمارسه الولاياتالمتحدة يمنع الأغلبية من تحقيق غايتها. وقد أشار مندوب الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة، عمار بن جامع، بوضوح إلى أن التصويت ضد مشروع القرار "ينطوي على تأييد للعنف الوحشي والعقاب الجماعي المفروض على" سكان قطاع غزة. إن واشنطن، برفضها القرار مرة أخرى، تتحمل المسؤولية الجسيمة عن تفاقم الأزمة في غزة والمساهمة في زعزعة الاستقرار على نطاق أوسع في الشرق الأوسط.