يبدو أن حكومة المرتزقة انتابها الياس من العودة إلى العاصمة على ظهر دبابة الاحتلال كما كانت تتوهم قبل تسع سنوات عندما وقفت إلى جانب دول العدوان وقدمت نفسها كدليل للتدمير الممنهج الذي طال كل قطاعات الدولة، بل كانت تتشفى بكل دمار تحدثه الغارات الجوية التي شنها الطيران الحربي السعودي الإماراتي على هذا البلد، وتحاول التضليل إعلامياً في أعقاب كل مجزرة يسقط فيها العشرات من الضحايا المدنيين، الكثير من تلك المشاهد لاتزال حية في ذاكرة اليمنيين ومعاناة تلك الحرب الكونية لاتزال مستمرة حتى يومنا هذا، ولكن صنعاء صمدت أمام تلك الهجمة الإجرامية التي استخدم فيها العدو 270 الف غارة واستخدم مختلف الأسلحة المحرمة دولية، وها هي الأحداث تؤكد للجميع أن حكومة العملاء تراجعت عن الشعارات التي رفعتها خلال السنوات الماضية، واقتنعت أن صنعاء عصية على الانكسار فلجأ المرتزقة والعملاء إلى استهداف البنوك التجارية والعملة وكل شي له علاقة بصنعاء، فقبل أيام اتجهوا نحو فرص قيود على حجوزات السفر من صنعاء واعلنوا نقل إجراءات قطع تذاكر السفر الى مدينة عدن ويوم أمس طالبوا بنقل مقرات شركات الهاتف النقال من صنعاء إلى مدينة عدن، ولا تستبعد أن يصدروا قرار بنقل المصانع والمعامل الإنتاجية وغيرها من صنعاء إلى مدينة عدن، نعم المدينة التي لا يسيطرون عليها ولا نفوذ لهم فيها ويتواجدون فيها بحماية سعودية وفي نطاق جغرافي محدود، وتخضع لسيطرة ونفوذ فصائل المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات الذي يتمسك في مدينة عدن باعتبارها وفقا ً لأجندته عاصمة دولة الجنوب ويتعامل مع حكومة المرتزقة بدونية رغم أنه شريك فيها وفقاً لاتفاق نوفمبر 2019م. ولكن اللافت في الأمر أن الانتقالي الجنوبي الذي فرض ذات مرة الإدارة الذاتية على مدينة عدن وطرد بقايا الدولة الوهمية، يقف إلى جانب إجراءات تلك الحكومة التصعيدية ضد البنوك والعملة وحق اليمنين في السفر من مطار صنعاء دون عراقيل، وكذلك إجراءات تلك الحكومة الشكلية ضد شركات الاتصالات في صنعاء، كون الانتقالي ينتظر اللحظة لإعادة دولتة كما يرى بمؤسساتها لكي ينقض عليها ويعلن الانفصال، فمن المستفيد من نقل البنوك من عاصمة سياسية لليمن الى عاصمة مؤقته خارج السيطرة وكذلك وقف التعامل بالعملة القانونية السيادية الجمهورية اليمنية واستبدالها بأوراق مطبوعة عديمة القيمة الشرائية، وكذلك توجه تلك الحكومة نحو فرض قيود على الحوالات المالية الداخلية والتصعيد ضد شركات الاتصالات، كل تلك الإجراءات التي تعزز الانقسام بين صنعاءوعدن وتعمق الأزمات الداخلية الاقتصادية تؤطر للانفصال والتشظي . لا غرابة في أمر المرتزقة الذين هم ينفذون ما يؤمرون حتى وإن كان على حساب مصلحة الشعب والوطن، ولكن الجيد أن ثقة الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية والشمالية بتلك الحكومة الشكلية التي شكلها العدو معدمة، ليس لأنهم باعوا الوطن بثمن بخس للخارج، ليس لأنهم وقفوا ادوات وضعها الخارج لتنفيذ اجنداته في المحافظات الجنوبية، بل لأن أبرز المهام الموكلة لهم هي التدمير والاجهاز على كل مقدرات البلد، فكل خطواتهم التدميرية اتخذت من إصلاح الوضع وحماية المؤسسات ذريعة، فعندما تم نقل وظائف البنك المركزي في صنعاء الى عدن برروا ذلك القرار بالضرورة لوقف انهيار سعر صرف العملة وصرف المرتبات وعندما قاموا بنهب النفط وتدمير وبيع معظم القطاعات النفطية بصفقات كارثية لشركات وهمية قالوا بأن تلك الممارسات التدميرية سوف تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في تلك المحافظات، وبعكس ذلك حولوا وظائف البنك المركزي والاعتراف الدولي بإيعاز ودعم أعداء هذا الوطن إلى وسيلة لتقويض الاستقرار المعيشي في تلك المحافظات، فطبعوا 5.2 ترليون ريال ، وضاعفوا معدلات الدين العام الداخلي والخارجي، وتسببوا بانهيار سعر صرف العملة المطبوعة إلى 1800 ريال، وفي نفس الوقت دمروا مصافي عدن واطفأوا شعلة المصافي لأول مرة، من خمسينيات القرن الماضي، وحتى الموانئ الدولية الواقع على الساحل الشرقي للبلاد دمروا الحركة الملاحية فيها واعادوها إلى القرون الوسطى، وأصبحت موانئ عدن التي كانت احد الموانئ العالمية الاكثر حركة تنتظر لأسابيع وصول سفينة بعد أن توقفت معظم الخطوط الملاحية الدولية من الوصول إليها، وفي نفس الوقت تم القضاء على كافة المواني الواقعة في شبوة وحضرموت والمهرة وتحويلها إلى موانئ عسكرية لقوات الاحتلال. تلك الحكومة التي باعت ميناء قشن بسعر بخس لشركة إماراتية ومنحتها حق استثمار الميناء لمدة 75 سنه، هي من باعت قطاع الاتصالات في المحافظات الجنوبية والشرقية لشركة إماراتية- إسرائيلية، قبل نحو عام وهي ذاتها من سبق لها أن أوقفت خدمات شركة يو وسيطرة على أبراج واصول شركة "واي" للاتصالات وابرمت اتفاقات عدة مع شركة زبن السعودية لتشغيل قطاع الاتصالات.. أنشأت شركة واي تيلكوم والتي فشلت بعد أشهر من افتتاحها وهي ذاتها من انشأت شركة عدن نت عام 2017م، بعد أن سيطرة المليشيات على الكابل البحري الدولي للإنترنت الجديد، اتذكر أن مديرة سابقة للاتصالات في مدينة عدن، حذرت تلك الحكومة من مغبة اقحام الاتصالات في الصراع، واكدت استحالة نقل الاتصالات من صنعاء إلى مدينة عدن حينها، فكان رد تلك الحكومة العميلة بإقالة المسؤولة عن اتصالات عدن لتأكيدها بأن الاتصالات تحتاج بنية تحتية واسعة ستكلف مئات الملايين من الدولارات ونقلها بحاجة إلى سنوات وليس ايام، واصدرت حينذاك بيان زعمت فيه أنها ستعمل على نقل الصفر الدولي إلى عدن وسعت لا ستنساخ شركة تليمين، وعمدت على حرمان اليمن واليمنيين من الاستفادة من الكيبل البحري الدولي AAE-1 منذ وصوله إلى مدينة عدن في أواخر عام 2017م، وبررت تلك الخطوة بأنها سوف تقوم بتشغيل الكيبل في عدن، لكنها جمدت الكيبل سبع سنوات، ورفضت كافة المساعي التي قامت بها شركة تليمن للاتصالات الدولية التي استثمرت في المشروع 40 مليون دولار قبل الحرب بهدف امتلاكها سعات كبيرة في الكيبل AAE-1، خاصة وأن هذا الكيبل يوفر سرعات تصل إلى 100 جيجابايت في الثانية وسعة تصميم تصل إلى 40 تيرا بايت في الثانية، وكان من المتوقع أن يُحدث الكيبل ثورة في قطاع الاتصالات اليمني ويُضاهي خدمات الدول المجاورة، ومنذ ذلك الحين تمنع حكومة المرتزقة استخدام الكيبل لأسباب سياسية، سعيًا منها لإنشاء قطاع اتصالات موازٍ لقطاع صنعاء حد قولها ولم تستطع انشاء شبكة اتصالات داخلية في حي من أحياء عدن على مدى تلك السنوات، ولايزال مصير الكيبل البحري المذكور بعد بيعها قطاع الاتصالات لشركة nx الإماراتية الإسرائيلية غامض، ومع إدراكها أنه من المستحيل أن تستجيب شركات الاتصالات في صنعاء كما هو حال البنوك التجارية والإسلامية، لاتزال تكابر وتكرر المطالب بنقل تلك الشركات وتلك البنوك.. اخيراً: كل ما يتم اتخاذه من إجراءات وما يصدر من قرارات من قبل الحكومة العميلة في عدن مجرد اوراق ابتزاز سياسي لا اكثر، فتلك الحكومة تدرك أن فاقد الشيء لا يعطيه ،ومن فشل في ربط فروع البنك المركزي في تلك المحافظات بالبنك في عدن يستحيل عليه أن يجبر البنوك الأهلية على نقل مقراتها إلى مدينة عدن ومن فشل في تشغيل كيبل بحري حديث لعجزة عن انشاء وتأسيس بنية تحتية للاتصالات، يستحيل عليه ان يتمكن من نقل شركات الاتصالات من صنعاء إلى مدينة عدن.