تجربة السنوات التسع المنصرمة مواجهة العدوان عسكرياً وأمنياً جديرة بالدراسة ومطلوب قراءة ابعادها القريبة والبعيدة كونها تجربة جديرة بهذا الاهتمام .. وجديرة بإعادة قراءة تفاصيلها مرات ومرات حتى نصل إلى يقين الاشياء وتعم الجدوى والفائدة من خبراتها ومن نجاحاتها ومن عثراتها. قبل تسع سنوات كان الامر مكشوفاً وأو ضاع القوات المسلحة قد عانت من تشتت وتمزق بعد صراع الاخوة الاعداء ومحاولات التمترس الغريب في احياء العاصمة كنتيجة للأخطاء المتراكمة التي ظلت الاطراف تغذيها وتحتمي خلفها لفرض اجندتها وفرض سيطرتها الهشة التي وقعت في حبائل الولاءات الشخصية والتحوصل حول مفاهيم الانتماء للأحزاب والرموز أكثر من الانتماء للوطن والشعب بصفة رئيسية .. في هذا المناخ وبعد احتواء الصراعات المسلحة والتمترسات والاقتتال في الشوارع في العاصمة صنعاء وفي بعض المحافظات .. جاء العدوان المعلن السعودي الاماراتي وبرعاية امريكية وتغذية صهيونية وظن المعتدون انهم استطاعوا أن يجهزوا على القوات المسلحة وعلى القضاء على تماسكها وماهي إلا اسابيع حتى ترضخ البلاد وتستسلم .. هذا بحسب ظن وحسابات المعتدين ومؤازريهم .. وعلى هذا الاساس بني الخطاب السياسي والاعلامي على ان المسألة قد حسمت وان القوات المسلحة اليمنية لن تقوم لها قائمة .. وعلى هذا الاساس جاء من يعلن انه تم تدمير تسعين في المائة من قدرات هذه المؤسسة العسكرية الدفاعية .. وبدت الامور في الايام الاولى ان المعتدين فقط ينتظرون على السيطرة المباشرة على العاصمة صنعاء وعلى اليمن بكاملها .. ولكن من تحت الرماد ومن مواقع غير متوقعة جاء الصمود العسكري والثبات المعنوي , وفي وقت قياسي جرى امتصاص الضربات العدوانية , واعادة ترتيب وتنظيم مسألة الدفاع عن صنعاء وعن الجمهورية اليمنية وخلال الاسابيع الاولى ثبت ان هذه القوات المسلحة جديرة بالتقدير وجديرة بان يسند إليها الدفاع المتمكن عن الوطن وعن خياراته التي يسير عليها .. فأي مقدرة على التنظيم واي قدرة على الثبات بعد كل ذلك العدوان الباغي وكثافة الطلعات الطيرانية والغارات المتوحشة التي احرقت الاخضر واليابس حتى تمكنت من الامساك بالقدرات الضرورية للبناء العسكري فقد تم انتشار القوات والأسلحة والمعدات والعتاد القتالي واخليت المعسكرات واتخذت اجراءات التمويه واحتياطات الامن والسلامة واعدت الخطط العسكرية المناسبة التي توفر الموارد والقدرات العسكرية والامنية الكفيلة بالمواجهة العسكرية وبنجاح اساليب الصمود والثبات .. بل اتخذت قرارات الرد والهجوم ومباغتة العدوان في عقر داره .. اُنشأت المفارز والمجموعات التي خطط لها أن تمارس اغارات وحرب عصابات في الخاصرة الجنوبية للنظام السعودي وهي عمليات احدثت صدى ايجابياً وزعزعت معنويات المعتدين الذين تعرضوا للإحراجات وهم يرون انكساراتهم في هذه الخاصرة الرخوة واعتبرت في نظر المراقبين العسكريين بوادر فشل مبكرة للمعتدين ومن تحالف معهم أو اصطف معهم في العدوان على اليمن وتبع تلك الخطط المعتمدة ان بذل جهد مضاعف ومتواصل حتى جرى الاستفادة من المخزون والخبرات المكتسبة السابقة من الصواريخ البالستية صواريخ أسكود وصواريخ أُخرى جرى العمل على تطويرها وعلى تحديث القائم حتى تحقق الانجاز الملموس في امتلاك منظومة صناعة عسكرية وفرت الفرصة لإمكانيات السير نحو صناعة عسكرية لطيران مسير والصواريخ بمديات مختلفة وكانت جبهات القتال هي ميادين لتجريب مخرجات الصناعة العسكرية وتجويد وتحديث القائم حتى وصلت هذه الصناعة الى مستويات جد متقدمة . ومن هنا دخلت اليمن في ميزان القوى الصاروخية والطيران المسير كقوة ردع ضد معتدين ظلوا متسيدين للأجواء عبر طائراتهم المستوردة من الغرب الاوروبي ومن المصانع الأمريكية وقد شكل الردع الصاروخي توازناً كان مفقوداً ووضع العدوان امام فشله وجهاً لوجه الذي ظل لفترة يكابر حتى وصل إلى قناعة استحالة انكسار القوات المسلحة اليمنية .. وبدأ المعتدون يتحدثون عن الحلول السياسية ويستبعدون الحلول العسكرية وهذا قاد الى هدن مستمرة مع انهم ظلوا يغذون المليشيات في مناطق عديدة في اليمن .. ولهذا فان العدوان قد اتبع أساليب الحروب المتعددة .. بدءاً من الحرب الهجينة ووصولاً الى الحرب الاقتصادية والحروب النفسية والحروب السيبرانية واتبع اساليب تكثيف الحرب النفسية والإعلامية والأمنية بدءاً من أنشاء خلايا تخريبية وتجسسيه ووصولاً إلى اثارة الخلافات القبلية وتحفيز كوارث الثأرات والصراع المناطقي .. ولولا اليقظة الامنية العالية لكان المعتدون أدخلوا اليمن في دوامة لانهاية لها .. ولكن الانتصارات المحققة والنجاحات الملموسة قدراكم الفشل امام المعتدين وامام اجهزة المخابرات الدولية التي خططت ودعمت ومولت مثل هذه الاعمال الاجرامية التي تسعى للأخلال الأمني ولمخابراتي.. واليوم : اصبحت القوات المسلحة اليمنية تدير معركة لاتماسية .. معركة ومعركة عن قرب وتماس مباشر في مواجهة البحرية الامريكية والبريطانية والايطالية والفرنسية.. التي اصبحت تعاني أشد المعاناة من الضربات المتزايدة من القوة الصاروخية و الطيران المسير اليمني في البحرين الاحمر والعربي والبحر الابيض المتوسط وفي المحيط الهندي .. وهذه التطورات العسكرية اصبحت سمة بارزة للقوات المسلحة اليمنية التي جرى بنائها وقت الحرب وتعزز جانبها رغماً عن العدوان وهذه معجزة بكل المقاييس . وتنظم الكليات العسكرية والدورات التخصصية جنباً الى جنب مع اتجاهات المرابطة في الجبهات ومع ادارة جبهات قتالية عديدة .. وفي ذات الوقت تمكنت القوات المسلحة من ادارة معارك بحرية بنمط جديد وبخبرات وتكتيك اصبح مثار اهتمام العديد من المراقبين العسكريين الذين يتدارسون هذه الاساليب التكتيكية والهجمات والاغارات التي أرغمت اساطيل الدول العظمى على الاعتراف بشراسة المقاتل اليمني وقوته الصاروخية وطيرانه المسير ومثابرته في إدارة المعارك بكفاءة متقدمة ونوعية .