عقب سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر الجاري ووصول الفصائل المسلحة الى العاصمة دمشق وتولى مقاليد الحكم فيها وجد الاحتلال الصهيوني في هذه المرحلة الصعبة التي تشهدها سوريا في ظل التغيير السياسي فرصة تاريخية لتنفيذ مخططاته العدوانية في التوسع واحتلال المزيد من الأراضي السورية الى جانب هضبة الجولان السورية التي احتلها في عام 67 فبدأ على الفور بالتحرك لاحتلال سلسلة جبل الشيخ السوري واجزاء من الأراضي السورية في محافظتي القنيطرة وريف دمشق والتوغل باتجاه العاصمة دمشق وبالتوازي مع ذلك يواصل سلاح الجو الإسرائيلي قصف وتدمير كافة المواقع العسكرية والمطارات والموانئ الحربية ومخازن السلاح ومراكز البحوث العلمية بشكل مثل انتهاكاً سافراً على سيادة الشعب السوري ومقدراته الدفاعية. ناصر الخذري احتلال 3 قرى جديدة وفي ظل استمرار التوغل في جنوبسوريا وتدمير ما تبقى من الاسلحة والمواقع العسكرية السورية احتل جيش الاحتلال الصهيوني يوم امس 3 قرى جديدة من بينها قرية "جملة" في محافظة درعا وقريتي "مزرعة بيت جن" و"مغر المير" التابعتين لمحافظة ريف دمشق. ويتساءل كثير من المحللين عن الأهداف التي يسعى اليها كيان العدو الصهيوني في سوريا وفي هذا السياق رجح الباحث العميد عبدالله بن عامر ان جيش الاحتلال يهدف من عملية التوغل في الجنوب السوري ضم منطقة حوران بأكملها إما بحكم ذاتي ضمن الاحتلال أو دولة عازلة . فراغ سياسي خلال عام ونيف من فشل جيش الاحتلال الصهيوني في تحقيق أي من أهدافه المعلنة في قطاع غزةوجنوبلبنان وجد كيان العدو في الفراغ السياسي المفاجئ في سوريا فرصة كبيرة لاحتلال المزيد من الأراضي السورية وتدمير مقدرات الشعب السوري العسكرية والدفاعية بشن حوالى 500 غارة جوية دون ان تواجه قواته بطلقة رصاص واحدة مما جعل رئيس وزراء العدو نتنياهو يتباهى بما حققه من نجاح ونصر سهل باحتلال أراض سورية جديدة وقصف وتدمير الأسلحة الاستراتيجية الجوية والبرية والبحرية السورية. وقد مثلت التطورات الدراماتيكية في سوريا طوق نجاة جديد للمجرم نتنياهو للهروب الى الامام من التداعيات التي فرضها طوفان الأقصى بحصر كيان العدو في زاوية ضيقة مهددا وجوده في الأراضي المحتلة.. عدوان سافر في حين يطالب كيان العدو الصهيوني المجتمع الدولي للضغط على حزب الله بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 لا يزال الاحتلال رافضا لقرارات الشرعية الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن منذ العام 48م وحتى الآن ومنها القرار رقم 497 لعام 1981ط، والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل, وزاد على ذلك بإعلان انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا الموقعة عام 1974م ومع العلم ان الاتفاق يظل ساريا طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 350 الصادر في العام ذاته، وليس هناك أي تأثير على الاتفاق جراء التغيير السياسي الذي تشهده سوريا وانما خطة ومشاريع الاحتلال القائمة على التوسع واستغلال الفرص دفعته الى التهام أراض جديدة في سوريا لتكريس واقع جديد يخدم مشروع الاحتلال في رسم خارطة جيوسياسية جديدة تخدم المصالح الامريكية في المنطقة. مبررات واهية كما هي عادة كيان العدو فإنه لا يأبه بالقانون الدولي ولا يلتزم بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ولذلك يبرر احتلاله للأراضي السورية الجديدة بأنه مؤقت وهذه احدى مراوغات واكاذيب الارعن نتنياهو التي يتبناها أيضا البيت الأبيض دوما وهذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بتبريره لتدمير إسرائيل للقدرات الدفاعية واحتلال أراض سورية جديدة بانه يندرج في اطار "حق الدفاع عن النفس وانه منطقي بحسب قوله". زهو وغرور شعر قادة الاحتلال بالزهو والغرور عقب احتلال قواتهم لمناطق سورية جديدة حيث قال الدفاع الإسرائيلي يسرائيل: "زرت ونتنياهو هضبة الجولان، ورأينا قمم جبل الشيخ السوري التي عادت لسيطرتنا بعد 51 عامًا. واضاف "بسبب الوضع في سوريا، من الأهمية بمكان من الناحية الأمنية الإبقاء على وجودنا على قمة جبل (حرمون) ويجب بذل كل الجهود لضمان جهوزية (الجيش) في المكان للسماح للجنود بالبقاء في هذا المكان رغم ظروف الطقس الصعبة" اللافت في تصريح يسرائيل هو ذكره لجبل الشيخ ب"جبل حرمون" ما يعني بالعبرية المكان المقدس مما يظهر ان هذا الكيان مستمر في التوسع والاحتلال للأراضي العربية بناء على الادعاء التوراتي للاحتلال وفي هذا السياق يقول الصهيوني نورمان بنتويش في كتاب "فلسطين اليهود": "لا حاجة ان تكون فلسطين المستقبل محدودة بحدودها التاريخية ففي امكان اليهود الامتداد الى جميع البلاد التي وعدوا بها في التوراة وهي: من البحر المتوسط حتى الفرات ومن لبنان حتى نهر النيل هذه هي البلاد التي أعطيت للشعب المختار". لا عهد للعدو وعن احتلال جيش العدو لمناطق جديدة في هضبة الجولان وغيرها من الاراضي السورية قال مكتب رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو إن انهيار حكم الأسد أحدث "فراغا عند حدود إسرائيل وفي المنطقة العازلة"، مشددا على أن وجود القوات الإسرائيلية في المنطقة التي استولت عليها مؤقت، في انتظار استتباب الأمن عند الحدود بين إسرائيل وسوريا." وقد أثار إعلان نتنياهو إلغاء اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974م مع سوريا واقدام جيش الاحتلال على التوسع في الجولان السوري المحتل في هذا التوقيت استغراب وتساؤل كثير من المحللين السياسيين والمراقبين خاصة بعد إعلان جيش العدو وحكومته في بيانين منفصلين أن عملية الاحتلال مؤقتة وفي هذا السياق يقول الباحث الكاتب د عبدالله معروف في سياق مقال له نشرته "رأي اليوم" طالما أعلنت إسرائيل عن إجراءات "مؤقتة" استمرت عقودًا ولم تنته إلى اليوم! حتى إن قانون الطوارئ الذي أعلنته إسرائيل مؤقتًا مع إعلان قيامها عام 1948م لا يزال قائمًا ومعمولًا به حتى اليوم، ما دام مفيدًا لتنفيذ أية إجراءات ترغب أي حكومة إسرائيلية بتنفيذها على الأرض، فكيف إذا كان هذا الإجراء "المؤقت" يتعلق بضم المزيد من الأراضي، وتأمين هضبة الجولان بالمزيد من المواقع الحساسة والإستراتيجية المحيطة بها، ولا سيما جبل الشيخ الذي أصبح بالكامل بيد إسرائيل؟" أهمية استراتيجية يتساءل البعض لماذا سارع العدو باحتلال قمم جبل الشيخ السوري بهذه السرعة والجواب يكمن في الأهمية الاستراتيجية لهذا الجبل الذي يشرف على 3 دول (سورياولبنانوفلسطين) وباعتباره أعلى قمة في سوريا، فإنه وفر للاحتلال نقطة تحكم ومراقبة للتحركات في المنطقة. ويجد الجبل من الشرق والجنوب منطقة وادي العجم وإقليم البلان وقرى الريف الغربي لدمشق والجولان المحتل، ومن الشمال والغرب القسم الجنوبي من سهل البقاع ووادي التيم في لبنان. ويوجد لجبل الشيخ أربع قمم الأعلى 2814 متراً، والثانية إلى الغرب 2294 متراً، والثالثة إلى الجنوب 2236 متراً، والرابعة إلى الشرق 2145 متراً. وباحتلال هذه المنقطة الاستراتيجية الهامة باتت دمشق التي تبعد عنها 40 كم تحت مرمى نيران المدفعية الإسرائيلية احتفال بسقوط النظام احتفل كيان الاحتلال العدو بسقوط النظام في سورية واعتبروا ذلك نجاحا كبيرا لمشروعهم في التوسع في المناطق المجاورة التي احتلوا منها على الفور سلسلة جبل الشيخ وتناول ذلك التطور وسائل الاعلام العبرية التي وصفت احتلال الشيخ ومناطق هامة في سوريا وتدمير القدرات الدفاعية السورية بأنه اكثر من عملية ضم أراض موضعية أو (صورة نصر) وأشاروا بان ذلك النجاح يعد خطوة تاريخية وحدثاً استراتيجياً يستغل واقعا امنيا وسياسيا غير مسبوق منذ 50 عاما. تدمير القدرات الدفاعية بالتوازي مع توغل جيش العدو الصهيوني صوب العاصمة السورية دمشق يواصل سلاح الجو الإسرائيلي قصف وتدمير القدرات الدفاعية العسكرية للشعب السوري في العاصمة والمحافظات حيث استهدف الطائرات الحربية السورية في مرابضها ومخازن الأسلحة الثقيلة من صواريخ اسكود واجيال من الصواريخ بعيدة ومتوسطة وقريبة المدى وتدمير قدرات القوات البحرية أيضا وقصف مراكز الأبحاث وغيرها من المراكز الحساسة.. وفي هذا السياق قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي السبت 14 ديسمبر الجاري إن سلاح الجو الإسرائيلي دمر 20 موقعا لفيلق تكنولوجيا المعلومات التابع للجيش السوري وأضافت: "خلال موجة الهجمات تم تدمير مواقع كانت توجد بها هوائيات الاتصالات والحرب الإلكترونية التابعة للجيش السوري، وهذه المواقع كانت تتمتع بقدرات تكنولوجية تم تدميرها خوفا من وقوعها في أيدي جهات معادية" انتهاك للسيادة استباحة الاحتلال الصهيوني للسيادة السورية بتدمير السلاح واحتلال الأرض يعد من الجرائم الخطيرة التي توجب على المجتمع الدولي الوقوف امام هذا الصلف الصهيوني والعربدة في أجواء واراضي الشعب السوري الحر . وعلى الرغم من تعقيد الصورة والمشهد السوري الذي تتقاطع فيه مصالح عدد من القوى الدولية إلا ان الحكام الجدد امام اختبار حقيقي بتوضيح الصورة عما اقدم عليه كيان العدو الصهيوني باحتلال أراض سورية وقصف كل أسلحة الجيش الذي هو ملك للشعب, ولكن التصريحات التي ادلى بها (الجولاني) احمد الشرع قائد العمليات المشتركة المدعوم من قبل أمريكا لا تبعث على الامل نحو تحرير المناطق المحتلة في الداخل السوري ناهيك عن نصرة واسناد الشعب الفلسطيني خاصة بعد توجيه بوصلة العداء نحو الجوار العربي والإسلامي وحرفها بعيدا عن العدو الحقيقي للأمة. ونحن نتحدث عن فداحة الخسارة التي طالت سلاح القوات المسلحة السورية لا بد من التطرق لأبرز الأسلحة الاستراتيجية الجوية والبرية والبحرية ومنها: سلاح الجو يمتلك سلاح الجو السوري طائرات حربية مقاتلة من طرازات "ميغ 21 و"ميغ 23 و"ميغ 29" التي شكَّلت العمود الفقري للعمليات الجوية السورية. والجدير بالذكر أن دمشق تلقَّت مقاتلات "ميغ 29 إس إم تي" (MiG-29SMT) جديدة بوصفها مساعدة عام 2020م، مما عزز قدراتها القتالية الجوية. الدفاع الجوي فيما تضمنت ترسانة الجيش السوري أيضا مزيجا من أنظمة الصواريخ أرض-جو الثابتة والمتحركة، مثل "إس 75 دفينا" (S-75 Dvina)، و"وإس-125 نيفا-بيكورا" (S-125 Neva/Pechora)، بجانب "إس-200 (S-200) و"بانتسير إس 1" (Pantsir S-1)، وغيرها. وبالإضافة إلى ذلك، قامت قوات الدفاع الجوي السورية بتشغيل أكثر من 4000 مدفع مضاد للطائرات تتراوح عياراتها من 23 ملم إلى 100 ملم، بجانب شبكة الإنذار المبكر التي تضم أنظمة رادار مختلفة. القوات البحرية تضم القوات البحرية السورية أسطولا من السفن الحربية بما في ذلك الغواصات والفرقاطات وزوارق الصواريخ وزوارق الدوريات وسفن مكافحة الألغام والسفن الحربية البرمائية، لكن الكثير منها يظل متقادما إلى حدٍّ كبير، وتحتفظ البحرية أيضا بذراع جوي متواضع يضم طائرات هليكوبتر للدوريات البحرية ومهام البحث والإنقاذ. أحد المكونات المهمة للأسطول السوري هي زوارق الصواريخ من فئتي "أوسا 1 (Osa I) و"أوسا 2" (Osa II)، المسلحة بصواريخ مضادة للسفن، وفي عام 2006، عززت سوريا أسطولها بستة زوارق صواريخ طراز "طير" (Tir II) أو (IPS 18) قادرة على إطلاق صواريخ مضادة للسفن. السلاح الكيماوي الى جانب ذلك روجت وسائل اعلام العدو عن امتلاك سوريا للسلاح الكيماوي ولكن يبدو ان هذه مجرد ادعاءات يستخدمها كيان العدو كذريعة لتدمير القدرات الدفاعية العسكرية السورية وسبق ان اتخذت أمريكا حيال غزوها للعراق عام 2003م وجود سلاح كيماوي مبررا لذلك الغزو والاحتلال لكن اتضح بعد ذلك للعالم الجمع انها مجرد ادعاءات أمريكية لا غير. سلاح القوات البرية أيضا سلاح القوات البرية يمتلك مختلف أنواع الأسلحة ما بين المدرعات والمدفعية وغيرها من الأسلحة الحديثة والمتطورة.. ولكن للأسف الشديد ان هذه الكمية من السلاح التي تكدست بها المخازن دمرها العدو بعد ان تركت تواجه مصيرها وحيدة دون ان تجد من يفعلها في مكانها الصحيح او حتى حمايتها من غارات العدو. لا نية للانسحاب خلال مؤتمر صحفي عقد عقب سقوط النظام السوري بيومين قال رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني نتنياهو: "أحرص على شكر صديقي، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لتلبيته طلبي الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان في 2019م" هذه الإشادة التي تأتي بعد احتلال جيش الاحتلال لسلسلة جبل الشيخ ومناطق في ريف دمشقوالقنيطرة يوحي بان كيان العدو ماض في احتلال الأراضي السورية وينوي عدم الانسحاب منها بحجة تأمين مستوطنيه في الجولان السوري المحتل ويرى مراقبون ان نتنياهو سيحظى بدعم من الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب في الاعتراف بسيادة إسرائيل على الأراضي السورية المحتلة الجديدة عقب التغييرات السياسية التي شهدتها دمشق مؤخرا. منطقة حوران الهدف من التوسع جنوبا وحول التوسع الإسرائيلي في سورية أشار الباحث عبدالله بن عامر في تغريدة نشرها في منصة (X) بقوله: "التوسع الاسرائيلي في جنوب سوريه حاضر في وثائق اسرائيلية منذ 1954م والهدف منطقة حوران بأكملها إما لضمها بحكم ذاتي ضمن الاحتلال أو دولة عازلة وهذا الأرجح". وأضاف في تغريدة أخرى: "لن يتوقف التدخل الاسرائيلي في سوريه عند التوغل والتوسع والقصف بل سيشمل إثارة الصراعات تحت عناوين مختلفة واهم عنوان يخدم الاجندة العنوان الطائفي". وباتت إسرائيل تصب الزيت على نار الحرب الطائفية بين الفصائل المسلحة المشكلة من قوميات وعرقيات متعددة يخضع كل فصيل منها للجهة الممولة والتي باتت بعضها تنادي بحكم ذاتي للأقليات والطوائف بشكل يشير بان سورية ربما قد تذهب نحو التقسيم وهذا ما لا نتمناه لأنه يصب في مصلحة العدو الصهيوني.