انتشرت مؤخرا على وسائل التواصل أخبار تهويليه عن زلازل وبراكين في إثيوبيا، وبالتحديد في صدع شرق إفريقيا الذي يقع وسط إثيوبيا، وما قد يُشكّله من مخاطر جسيمة على سد النهضة وحتى على اليمن. وأوضحت دراسة علمية مشتركة أجراها الباحثون الجيولوجيون المهندس فهد البراق- مدير المتحف الجيولوجي بصنعاء، والخبير الجيولوجي الدكتور عبدالغني جغمان ناقشت بالأدلة العلمية الوضع الجيولوجي والتكتوني للمنطقة، معتمدين على خرائط ومقاطع جيولوجية توضح بأن المخاطر على اليمن من هذه الأنشطة قد تكون ضعيفة جدا بسبب اختلاف الطبيعة الجيولوجية والتكتونية بين البلدين. محمد العلوي واستعرضت الدراسة العلمية الأنشطة الزلزالية التاريخية في المنطقة، مع تقديم تحليل منطقي للمعطيات، اثبتت محدودية تأثير الأنشطة الزلزالية الحالية على اليمن، وقدمت الدراسة توصيات مبنية على دراسات جيولوجية دقيقة لضمان الاستعداد لأي تطورات مستقبلية. وأكدت الدراسة أن جبال اليمن والبراكين المرتبطة بها في نفس الفترة الزمنية لتكوين جبال إثيوبيا، قبل حوالي 30- 40 مليون سنة، ومع ذلك يختلف الوضع الجيولوجي في اليمن عن إثيوبيا نتيجة لوجود صدع شرق إفريقيا وصدوع البحر الاحمر وخليج عدن. وأوضحت أن منخفض عفر الذي يعد منطقة نشطة زلزاليًا وبركانيا حديثة، لا يمكن مقارنتها بالوضع الجيولوجي في اليمن بسبب الاختلافات التكتونية والجيولوجية. وذكرت الدراسة أن منخفض عفر نقطة البداية لصدع شرق إفريقيا وأخفض منطقة في الإقليم، تحدث الزلازل والبراكين فيه بمعدل أعلى مما يحدث في المناطق البركانية الأخرى، مثل هضبة اليمن وإثيوبيا، وهذا يعود إلى ضعف سماكة القشرة القارية في عفر، التي تبلغ حوالي 25كم، مقارنة بسماكة أكبر (40- 45كم) في اليمن وهضبة إثيوبيا والصومال. وقالت الدراسة إن "الصفيحة العربية التي تقع عليها اليمن تُوصف بأنها متجانسة الخواص وتتميز باستقرار جيولوجي كبير، لم تشهد اليمن تشوها كبيرا منذ تكوينها، مما يجعل النشاط الزلزالي والبركاني فيها أقل كثافة مقارنة بمنخفض عفر، سماكة القشرة القارية في اليمن أكثر من 40كم، تمنحها استقرارا تكتونيا أعلى". وارجعت النشاط البركاني المكثف في منخفض عفر إلى استمرار توسع وتصدع الصفائح التكتونية، مما يؤدي إلى تكوين شقوق عميقة قد تصل إلى مئات الأمتار، هذا النشاط البركاني يأتي من تدفق المواد المنصهرة من طبقة الوشاح لملء الفراغات الناتجة عن تباعد الصفائح، كما يظهر في مثال شق دباحو". وأشارت إلى أن الأنشطة البركانية في منخفض عفر محكومة بالوضع التكتوني الهش، مختلف تمامًا عن الوضع التكتوني الأكثر استقرارا في اليمن، هذا يعني أن ما يحدث في عفر لا يمثل خطرا على اليمن بسبب التباين الجيولوجي والتكتوني بين المنطقتين. وتوقعت الدراسة التي أجراها الباحثان البراق وجغمان، أن يؤدي التآكل واستمرار تمدد البحر الأحمر إلى اختراق المرتفعات المحيطة بمنخفض عفر، مما يؤدي إلى غمر الوادي بالمياه، في غضون 10 ملايين عام، وأن يتم غمر طول صدع شرق إفريقيا بالكامل بحوالي 6000كم، لتشكيل حوض محيط جديد بحجم البحر الأحمر الحالي، يفصل الصفيحة الصومالية والقرن الأفريقي عن بقية القارة. وأوصت الدراسة الجيولوجية بضرورة تعزيز الدراسات الجيولوجية الإقليمية، وإجراء دراسات تفصيلية حول التكتونيات الإقليمية لتحديد الفروقات الجيولوجية بين اليمن ومنخفض عفر، مع التركيز على سماكة القشرة القارية واستقرار الصفيحة العربية. وشددت التوصيات على أهمية الدراسات للإسهام في تحسين الفهم العلمي وتقليل التأثيرات الإعلامية المبالغ فيها. وطالب الباحثان في دراستهما بتطوير أنظمة مراقبة الزلازل والبراكين، عبر إنشاء أو تعزيز أنظمة الرصد الزلزالي والبركاني في اليمن، لرصد أي تغيرات تكتونية قد تؤثر على استقرار المناطق، ويُفضل التعاون مع الهيئات الإقليمية والدولية لتبادل البيانات وتعزيز القدرة على التنبؤ بالأنشطة الزلزالية. ودعا إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة من خلال تنفيذ دراسات جيوديسية باستخدام الأقمار الصناعية لإجراء مقارنات مكانية وزمانية دقيقة للأنشطة الزلزالية والبركانية بين اليمن وإثيوبيا، لرصد الفروقات في النشاط التكتوني وتحليلها بشكل أكثر تفصيلا. كما شددا على ضرورة عمل كود زلزالي وبركاني لليمن، أو تطوير كود وطني للزلازل والبراكين في اليمن بالاعتماد على الدراسات التاريخية والبيانات الجيوديسية الحديثة، يشمل ذلك حساب اتجاه ومساحات الإزاحة الأفقية والعمودية في المناطق ذات الخطر الزلزالي والبركاني العالي والمتوسط.