سخر الله سبحانه وتعالى الشمس والقمر دائبين لمعرفة حساب الايام والشهور والسنين قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) وقال سبحانه وتعالى (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) وقال جل جلاله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ القَدِيمِ) صدق الله العظيم والآيات في هذا كثيرة وكلها تشير إطراد النظام التام الدقيق في سير الشمس والقمر على مقادير مخصوصة في سيرهما بحيث ينزل كل منهما في منزل محدد في كل ليلة لا يخطئه ولا يتخطاه , والناس بحاجة إلى معرفة حساب الأيام لعباداتهم ومعاملاتهم وتواريخهم وان هذه الآيات وتلك الحاجات هي التي حثت المسلمين على دراسة علم الهيئة والفلك وقد بذلوا كل جهدهم في سبيل الوصول إلى تحديد مطلع القمر والاستدلال على أول كل شهر قمري . ويعلم ان للقمر منازل وهي ثمان وعشرون مقسومة على الاثني عشر برجاً ينزل القمر كل ليلة في واحدة من تلك المنازل لا يتجاوزها ولا يتقاصر عنها فإذا كان آخر منازله دق واستقوس فإن كان الشهر ثلاثين يوماً أستتر ليلتين ' وان كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أستتر ليلة واحدة . وزمان دورة القمر في فلكه ثلاثمائة واربعة وخمسون يوماً وكسر ومقداره ثمان ساعات وأربعون دقيقة ومن كسور هذا اليوم يتناوب عدد أيام السنين القمرية ما بين 354يوماً , و355يوماً وقد بذل العلماء جهوداً متواصلة لمعرفة غرة كل شهر قمري فرسموا جداول بسيطة لم ينكشف لنا وجه قاعدتها اذ كانت مقتصرة على سنوات محددة وقد أحببت أن اصل الى غاية هذا الحساب فعثرت على نظام كان المفتاح لمواصلة البحث وجمعت بين تلك الجهود حتى وصلت الى رسم جدول مبسط وهو شبيه بجدول الحساب بحيث تتجه من السنة التي تريدها بمستقيم الى ايام الشهر المراد فحيث يلتقيان فذلك هو أول الشهر فمثال ذلك اتجه من رقم 1446ه وهو العام الهجري الحالي اتجه إلى شهر رمضان بمستقيم فيكون الأول منه هو يوم السبت كما هو موضح في الشكل المرفق وسيكون اليوم الأول من شهر شوال وهو يوم الجمعة وخذ مثالاً آخر لعام 1447ه فيكون أوله السبت أو اتجه إلى شهر محرم فيكون أوله السبت وإذ طبقنا الأثر "المثل اليمني " (صباحكم أعيادكم أو " يا صائمين رمضان تعودكم عرفة " ) أي ان اليوم الأول من رمضان يوافق اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى المبارك فمثلاً اليوم من شهر رمضان لعام 1446ه هو يوم السبت فسيكون يوم عيد الأضحى هو يوم السبت كذلك من شهر ذي الحجة ' للتوضيح أكثر " أول أيام الصوم ... يكون يوم النحر من ذي الحجة " بسم الله الرحمن الرحيم يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (البقرة 189) ويقول جل جلاله في سورة يونس الآية الخامسة [هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)] صدق الله العظيم . رمضان شهر الصبر ونزول الكتب السماوية – استقبال رمضان من وحي الهلال أي ان الهلال فيه معان كثيرة وكبيرة نستوحي منها الكثير فطرفا الهلال عندما يتدانى كل منهما الى الآخر يتكامل خلقه حتى يصير بدراً فلتتواصل اطراف المؤمنين وتتلاصق صفوفهم وتتجمع قلوبهم ثم تتحول هذه الوحدة الجامعة وحدة مسابقة نصبح بها يداً واحدة على سواها سلماً لمن يسألمها وحرباً على من يعاديها فلينظر الناظرون الى القوس النورانية في أول بزوغها الا يرون ان طرفيها كل منهما يستقبل الآخر ويتجه إليه ثم يقترب كل منهما الى الآخر اقتربا يسعى اليه سعياً الى أن يتعانقا ويلتحما الا يوجد في ذلك إيحاء علوياً ألا يوجد في هذا ندا خفياً تلك معان قد يستوحيها المستوحى من كل هلال ولكن ترجمة آياتها وتعبير دلالاتها فتزينت في تاريخنا بشهر رمضان الذي اُنزل فيه القرآن وفيه يوم بدر وفيه يوم الفتح وفيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر وفيه معارك الفتح الإسلامي الفاصلة .. يقبل هلال رمضان على بيوت الله فيغمر ظاهرها وباطنها بنوره ويضيء مناراتها بقلائد تباهي بها مصابيح السماء ثم تفتح أبوابها ليل نهار بعد ان كانت لا تُفتح إلا اوقاتاً ثم ينفذ إلى باطنها فيملأ روحاً وحياة لا تخلو ساعة من راكع أو ساجد أو قارئ أو ذاكر أو مرشد وهكذا يعيدها كما كانت أول يوم قال تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ – النور-). فضل الجود في رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما يرحم الله من عباده الرحماء فمن جاد على عباد الله المساكين المحتاجين جاد الله عليه بالعطاء والفضل والجزاء من جنس العمل ومنها ان الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة كما في حديث علي بن أبي طالب كرم الله وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الجنة غرفاً يرى ظهورها قالوا لمن هي يا رسول الله قال لمن طيب الكلام واطعم الطعام وادام الصيام وصلى بالليل والناس نيام وهذه الخصال كلها تكون في رمضان فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والصدقة وطيب الكلام فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث , والصيام والصلاة والصدقة توصل صاحبها إلى الله عزو جل. اللهم إنا فقرى إلا رحمتك فتداركنا بلطفك ببركة شهر رمضان يا أرحم الراحمين برحمتك نستغيث اصلح لنا شئاننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين آمين يا رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .