في محافظة المحويت، وتحديدا في مديرية ملحان، تحت سماء تزينها أحلام أبناء اليمن، تتعالى أصوات التحديات، ويواجه الأهالي مخاطر جسيمة تهدد حياتهم اليومية بين تلك التحديات، تقع قرية بني حريش اللحف، حيث كان مصير أكثر من خمسمائة أسرة في خطر محدق بسبب صخرة ضخمة تقبع في أعالي القرية، تاركة لأهلها شعوراً بالخوف والقلق، لكن في زمن الشدائد، حيث تتلاشى بوارق الأمل، تبرز في الأفق أروع قصص النجاح الإنسانية. يحيى الربيعي تحت ضغوط الظروف القاسية التي تفرضها الحروب والحصار، نهضت القرية بوصفها مثالاً للتكاتف والتعاون، إذ اجتمعت السلطة المحلية والمجتمع المدني في قرار مشترك يتطلب العمل السريع والجماعي؛ فكان من الضروري مواجهة هذا التهديد الذي يجثم على صدورهم، بفضل إيمان الجميع بقوة العمل الجماعي، أطلقوا مبادرة نبيلة تهدف إلى إزالة ذلك الخطر الذي يؤرق لياليهم. تجمع الجميع، من مسؤولين محليين ومواطنين، حول هدف واحد: حماية القرية والسكان والمحافظة على أرواحهم، تم تسخير كل الإمكانيات المتاحة، رغم التحديات الصعبة التي فرضتها الأوضاع في البلاد، انطلقت جهود غير مسبوقة، نظم خلالها فريق عمل مختص بالتعاون مع المجتمع المحلي، ليبدءوا معاً في تنفيذ خطة شاملة لإزالة الصخور. تحت أجواء من التكافل الاجتماعي، تضافرت الجهود وبرزت روح التعاون بين أبناء القرية، حيث تطوع الكثيرون للمساعدة في العمل وضمان سلامتهم. كان ذلك العمل تجسيداً حقيقياً لعزيمتهم وإصرارهم على التغلب على كل عقبة. ومع مرور الأيام، وبفضل تلtك المبادرة، تحققت الإنجازات تمت إزالة تهديد الصخرة، ليعود الأمان والسعادة إلى قلوب السكان لم تنجح هذه الجهود في إنقاذ الأرواح فحسب، بل ساهمت أيضاً في إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمسؤولين، وأثبتت للجميع أن العمل الموحد هو السبيل للتغلب على الصعوبات. اليوم، تقف بني حريش اللحف كرمز للنجاح والإرادة، تعكس قوة التكاتف بين المجتمع والسلطة في مواجهة التحديات، لقد أصبحت هذه التجربة مثالاً حيّاً يحتذى به، ودرساً في أهمية الشراكة والتعاون لتحقيق التنمية والاستقرار في أحلك الظروف، ملهمة جميع المجتمعات الأخرى للاستفادة من دروسها. كيف تحولت التحديات إلى فرص نهوض في ظل التحديات التي تواجه مجتمعاتنا الريفية نتيجة ما يحيط بالبلاد من تداعيات العدوان والحصار، تبرز أهمية العمل التعاوني كمحرك رئيسي لتحريك عجلة التنمية، خصوصاً في الأوقات التي تتطلب تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع، إن تفعيل مسار التحفيز والتحشيد المشترك بين جميع الفئات المجتمعية، بما في ذلك الأفراد، المؤسسات، والجهات الحكومية، يمكن أن يؤدي إلى نتائج مذهلة. ضمن هذا الإطار، شهدت بعض القرى نتيجة نعم الله من الأمطار حدوث كارثة بفيضانات جارفة أدت إلى تدمير المنازل وتجريف التربة الزراعية، هذه الأوضاع تستدعي بصفة عاجلة تكاتف الجهود من الجميع، يمكن للمحترفين تقديم خبراتهم الواسعة للمساهمة في إعادة إعمار القرى، بينما يمكن لأهل المال تعزيز ثقافة الاستثمار المسؤول تجاه المجتمع، وذلك من خلال فتح قنوات للمسارعة إلى العمل الإحساني الذي يعود بالنفع على الجميع. من هنا، تتعثر الكلمات ويضيع التعبير، لأن ما يختلج في القلب يتجاوز حروف اللغة ومعانيها، في ليلة الثلاثاء، 24/5/1446ه الموافق 26/11/2024م، سجل أبناء قرية اللحف بني حريش رقما قياسا في العمل التعاوني تمثل في إنجاز عظيم قاموا به، وكتبوا من خلاله أروع قصص نجاح للنضال والتضحية. لقد تركت جهود الإخوة المجاهدين والمناضلين بصمة واضحة في تاريخ هذه القرية، ستكتب بحروف من ذهب، بفضل الله، ثم بفضل تضافر ثنائية عزيمة الناشط المجتمعي عبدالله محمد الحريشي مع فرسان التنمية بقيادة الهيئة الإدارية لجمعية ملحان التعاونية واشراف مدير المديرية، والذين شكلوا فريقا واحدا سارع من خلاله الجميع لتحفيز أبناء القرية وتحشيد جهودهم وطاقاتهم، أصبح النجاح واقعاً ملموساً، أدرك معه الجميع أن الإرادة الجماعية قادرة على تجاوز المستحيل. إن الإنجاز الذي تحقق لم يكن ليتحقق لولا تعاون أبناء القرية جميعا، الذين لم يكتفوا بالدعاء، بل تحركوا بجد واجتهاد، فبفضل روح الإحسان والمبادرة، أصبح العمل التعاوني هو الأساس لإحلال حياة أفضل، وهنا، لا ننسى إبراز دور رجال الدولة الذين شعروا بالمسؤولية وسعوا لترتيب العمل المشترك بين الحكومة والمجتمع، من خلال توزيع الأدوار وتنسيق الجهود. بتكاتف مجمل هذه الجهود، تخلصت القرية من كارثة حقيقية كانت تمثل تحدياً كبيراً وبإزالة الكتلة الصخرية التي كانت تهدد بيوت القرية بالخراب. بإزالة هذه الكتلة، التي يبلغ طولها 50 متراً وعرضها 30 متراً، توفرت الحياة لأكثر من 500 أسرة وزال خطر تحول مجاري السيول عن القرية، ولم تعد معرضة لأي خطر حقيقي بعد المبادرة. بدأت المبادرة بوصول فريق الدفاع المدني، الذي قام بتخطيط مسار العمل، إلا أن المفاجأة كانت بعدم توفر الإمكانيات اللازمة للإزالة، ومع ذلك، لم يستسلم الأهالي للقلق، بل أطلقوا مبادرة حكومية- مجتمعية، معبرين عن استعدادهم للعمل والتضحية. أطلق الجميع العنان لروح المبادرة، مُناشدين الجهات المعنية ومنظمات الإغاثة بالتحرك، مؤكدين أن مأساة القرية أمانة في أعناقهم، وبالفعل، سارعت الجهود لإنقاذ القرية، حيث باشر الأهالي العمل بأدوات بدائية، مستخدمين المطارق والزبر والمعاول وسرعان ما تدفق سيل مساهمات العمل التعاوني المشترك الحكومي- المجتمعي وضبط مسارات مجمل أنشطة مرافق السلطة المحلية والمبادرات المجتمعية من خلال توزيع الأدوار وتنسيق وتكامل الجهود وتسخير المتاح من الإمكانات لدى كافة أطياف المجتمع الذين قدموا يد العون وساهموا في رفع المعاناة بكل جد واجتهاد حتى شملت استخدام المعدات الثقيلة والمتفجرات، ليصبح ما كان يُعتبر مستحيلاً واقعاً وتحولت التحديات إلى فرص للنهوض. كذلك، لعب دور المغتربين محوراً رئيسياً في هذه المأساة، حيث أسهموا بشكل كبير في تقديم الدعم المادي والمعنوي، سارعت كل فئة تمتلك معرفة أو خبرة لتقديم ما لديها، مستفيدين من تجاربهم في الحياة. إن تضافر هذه الجهود يمثل خطوة حيوية نحو إعادة بناء ما تهدم، ويعكس قيم التضامن والتكافل التي يجب أن تسود بين أفراد المجتمع. كيف تعزز الزيارات الميدانية الاطمئنان المجتمعي؟ في عالم مليء بالتحديات والتغيرات المتسارعة، تبرز حاجة المجتمع إلى التفاعل الحقيقي بين المواطنين ومسؤوليهم كعنصر أساسي لبناء الثقة وتعزيز التنمية المستدامة، في قرية اللحف، أدركنا أن هذا التفاعل ليس مجرد شعارات أو ديباجات، بل هو السبيل لتحقيق التغيير الإيجابي الذي يسعى إليه الجميع. فمع التحديات التي تواجهها الأمة، مثل تهديد الكتل الصخرية التي تؤثر على حياة أبناء القرية وموارد أرزاقهم، أصبح من الضروري أن يشعر كل فرد من أفراد المجتمع بأن صوته مسموع وأن هناك من يهتم بقضاياهم. لقد كانت الزيارات التفقدية التي قامت بها قيادات الدولة إلى القرية المنكوبة نقطة تحول فارقة، إذ ساهمت في تجديد الأمل في نفوس أبنائها وجعلتهم يشعرون بأن هناك اهتماماً حقيقياً بقضاياهم. هذه اللحظات من التواصل القريب وتعزيز الثقة تعكس أهمية العلاقة بين المجتمع وبين المسؤولين، والتزام الدولة بتحقيق التنمية الفعلية بدلاً من الاكتفاء بالكلمات، في هذا السياق، استطلعنا بعضا من آراء أبناء قرية اللحف بني حريش فكانت الحصيلة. "في زمن التحديات والتغيرات السريعة، نشعر نحن في قرية اللحف أن العلاقة بيننا كمواطنين ومسؤولينا تعتبر العمود الفقري لمجتمعنا، لقد أدركنا أن التواضع والقرب من الناس ليسا شعارات فارغة، بل هما خطوات عملية يجب أن يتبعها كل مسؤول لتحقيق التنمية الحقيقية التي نحتاجها. فلقد لمسنا ذلك من خلال الزيارات التفقدية التي قام بها عدد من مسؤولي الدولة من أعلى هرم الدولة في المجلس السياسي الأعلى والحكومة إلى قيادات المحافظة، والتي مثلت نقطة تحول، عندما جاء هؤلاء القادة لتفقد أحوالنا عن قرب، شعرنا لأول مرة بأن صوتنا مسموع وأن هناك من يهتم بواقعنا، لقد كان لوجودهم بيننا مؤشراً واضحاً على التزامهم بقضايانا، الكلمات التي سمعناها عن السعي الحثيث لتخفيف المعاناة عنا، وفي المقدمة إزالة الكتل الصخرية المتساقطة في الوادي، والتي كانت تهدد حياتنا ومواردنا، أعادت لنا الأمل والثقة. نحن، أهالي القرية، نعبر عن امتناننا العميق لكل من ساهم في دعمنا ومساعدتنا، وكما أكد الجميع، فالتعاون هو مفتاح النجاح، عندما نشعر بأن أصواتنا تُسمع وأن هناك من يسعى لحل مشاكلنا، فإن ذلك يعزز من شعورنا بالانتماء والتمكين في مجتمعنا. ندعو بقية الجهات الحكومية التي لم تزرنا وتطلع على أحوالنا إلى تنظيم زيارات دورية إلينا وأن تستقبل تقاريرنا المباشرة حول احتياجاتنا يجب أن نعمل جميعاً يداً بيد، ونشجع على المبادرات المحلية التي تعزز الحوار بيننا وبين المسؤولين. وهذه مناسبة، يجدر بنا، من خلالها، أن نعطي تجربتنا مع مدير عام المديرية غمدان العزكي حقها من الانصاف فقد تأكد لنا أن القرب من الناس والتواضع هما عنصران أساسيان لنجاح أي مسؤول، نحن نرى أن التواصل الفعّال وبناء الثقة معنا ليسا مجرد رغبة، بل هما ضرورة، نتمنى أن تستمر هذه الروح الإيجابية في العمل، وأن نجمع جهودنا لتحقيق نتائج ملموسة تعزز من قوة مجتمعنا وتماسكنا. نحن نوجه شكرنا وامتناننا لكل من يعمل بجد للمساهمة في رفع معاناتنا. لقد كانت إزالة الخطر عن قريتنا إنجازاً رائعاً، ولكن لا زال هناك الكثير من العمل المطلوب، حيث لا تزال هنالك كتل صخرية تهدد سلامتنا وبيوت مهدمة ومدرجات جرفتها السيول، نحن نأمل أن يستمر العمل حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ويعيش كل أبناء القرية في أمان." نقطة انطلاق نحو مستقبل أفضل لم يتجاهل أحد أن الوضع كان يُهدد بكارثة حقيقية، وأن المواطنين لم يكن بإمكانهم الانتظار طويلاً. إن هذه القصة تمثل نموذجاً لديناميكية العمل التعاوني، الذي أظهر كيف يمكن للإرادة الجماعية أن تتغلب على الصعاب وتحقق الإنجازات، مما يجعلها مثالاً يُحتذى به في مواجهة التحديات. كما أن هذه المبادرة كانت فاتحة خير أطلقت عددًا من المبادرات المجتمعية الجديدة التي تهدف إلى رفع المعاناة عن كواهل المتضررين من جراء الكوارث فقد جاءت مبادرات إعادة الإعمار كخطوة أساسية، حيث ساهمت في ترميم المنازل المتضررة وتوفير بيئة آمنة للعائلات، إضافةً إلى ذلك، تم إطلاق مبادرات لإعادة تأهيل الطرقات، مما يسهل حركة النقل والانتقال في المنطقة كما تم العمل على بناء وإعادة المدرجات الزراعية، التي تعتبر ضرورية لتحسين الإنتاج الزراعي وضمان الأمن الغذائي، على صعيد آخر، وُجدت مبادرة إغاثية قدمت الخيام للمتضررين والمواد الغذائية الأساسية، مما ساعد في تخفيف وطأة الأوضاع القاسية عليهم، هذه الجهود المشتركة تعكس روح التعاون والتكاتف بين المجتمع وتعكس التزام جميع الجهات المعنية بتخفيف المعاناة وتعزيز الحياة اليومية للسكان. إن كل فرد في المجتمع يستطيع أن يلعب دوراً مهماً، فالتفاعل الإيجابي بين القطاعات المختلفة يمكن أن يُحدث تغييراً حقيقياً، من المهندسين والمهنيين إلى الأعيان ووجهاء القبائل، ومن التجار والمستثمرين إلى المغتربين، الجميع يمكن أن يساهم في جهد واحد لرفع المعاناة عن المجتمعات وتعزيز فرص النهوض. وبهذا، يتحقق النجاح عبر جمع القلوب والطاقات لتحقيق هدف واحد، وهو تحسين الظروف المعيشية وآفاق الحياة. وعندما يتم تفعيل هذا التعاون، تتاح الفرصة لكل فرد ليكون جزءاً من قصة النجاح الخاصة بمجتمعه إننا قادرون على تحويل كل تحدٍ إلى فرصةٍ للنمو، فالأزمات غالباً ما تحمل في طياتها دروساً محفزة تعزز من قدرتنا على الصمود والتقدم لذا، فلنستمر في العمل معاً، ولنجعل من هذه الدروس نقطة انطلاق نحو مستقبل أفضل.