كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ ارى الهلال قال اللهم أهله علينا بالأمن والأمان والإيمان والسلامة والإسلام , وقيل "والسلام " والتوفيق لما يحب ربنا ويرضى ربنا وربك الله – رواه الترمذي في مسنده – وكان يقول هلال خير ورشد ثلاثاً آمنت بالذي خلقك ثلاثاً الحمد لله الذي أذهب شهر كذا وجاء بشهر كذا رواه أبو داوود , وثبت أنه قال الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وان أمرؤ قاتله أو شاتمه فليقل أني صائم "مرتين " . وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر ان شاء الله تعلى – رواه أبو داوود والنسائي وزاد ابو داوود اللهم أني لك صمت وعلى رزقك أفطرت – وزاد ابن السني – فتقبل مني انك انت السميع العليم قال صلى الله عليه وسلم إن للصائم عند فطره لدعوة لا ترد – رواه ابن ماجه- وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إذا أفطر عند قوم دعاء لهم "أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة " – رواه أبو داوود- بإسناد صحيح وابن السني وثبت انه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من صادف ليلة القدر ان يقول اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح وقال الترمذي حديث حسن . فضل الصيام ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها إلى سبعمائة ضعف وقال الله سبحانه وتعالى إلا الصيام فانه لي وانا أجزي به انه ترك شهواته وطعامه وشرابه من أجلي وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك , وفي رواية كل عمل ابن ادم له الا الصيام فانه لي , وفي رواية لكل عمل كفارة والصوم لي وانا اجزي به أخرجه الامام احمد , ولفظه كل عمل ابن آدم له كفارة إلا الصوم والصوم لي وانا اجزي به فعلى الرواية الأولى يكون استثناء الصوم من الاعمال المضاعفة فتكون الاعمال كلها تضاعف بعشر امثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فأنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد , بل يضاعفه الله اضعافاً كثيرة بغير حصر عدد فان الصيام من الصبر وقد قال الله تعالى " انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سمى شهر رمضان شهر الصبر وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال الصوم نصف الصبر أخرجه الترمذي والصبر ثلاثة انواع : 1- صبر على طاعة الله . 2- صبر على محارم الله 3- صبر على اقدار الله المؤلمة . وتجتمع الثلاثة في الصوم فان فيه صبرا على طاعة الله وصبر عما حرم الله على الصائم من الشهوات وصبراً على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن وهذا الألم الناشئ من اعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهد (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ (التوبة120)).وعن انس انه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال صدقة في رمضان وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرة في رمضان تعدل بحجة أو قال حجة معي . لقد خص الله الصيام بإضافته الى نفسه دون سائر الأعمال وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء والصوفية وغيرهم وذكروا فيه وجوهاً كثيرة ومن احسن ما ذكر وجهان . الوجه الأول: ان الصيام هو مجرد تر ك حظوظ النفس وشهوتها الأصلية التي جبلت على الميل عليها لله تعالى ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام فمثلاً في الاحرام يترك فيه الجماع دون غيره من الشهوات من الأكل والشرب وفي الصلاة مثلاً فإنه وان ترك المصلي جميع الشهوات إلا إن مدتها لا تطول فلا يجد المصلي فقد الطعام والشراب في صلاته ' بل قد نهي ان يصلي ونفسه تشوق إلى طعام بحضرته حتى يتناول منه ما يسكن نفسه ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة . الوجه الثاني : ان الصيام سر بين العبد وربه ولا يطلع عليه غيره لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله وترك لتناول الشهوات يستخفي بتناولها في العادة . نزول الكتب السماوية في رمضان ان شهر رمضان له خصوصية كما قال تعلى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ البقرة) وقد قال بن عباس رضي الله عنهما انه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في ليلة القدر ويشمل ذلك قوله تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ (1القدر)) وقوله سبحانه (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3الدخان)).. وعن عبيد بن عمير ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدء ينزل الوحي والقرآن عليه في رمضان , وعن وائلة بن الأسكع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان ونزلت التوراة في لست مضين من رمضان ونزل الإنجيل لثلاثة عشر من رمضان ونزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره .. رمضان أوله رحمة , وأوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار اللهم بارك لنا في رمضان .