إن الاحاديث والاقوال عن الاخلاق والقيم والمبادئ التي ينبغي أن تسود الحياة الاجتماعية كثيرة، ولكنها تبقى معلقة في الاذهان مالم يحولها الناس إلي حقيقة حية تتحقق وتتحرك على الارض، ولم يترجموها في سلوكهم وتصرفاتهم ومشاعرهم وأفكارهم، الى درجة أنها أصبحت في حالة رفضها الدين. فاذا لم يكن الخلل في القيم والفضائل فلا يكون إلا في البشر، لأن النفس البشرية هي التي حدث فيها الخلل، حيث اصبحت النفس تعيش اللحظة وتقرأ حساب كل شيء بلغة الارقام والمصلحة المادية، وتنسى واجباتها في التربية ومسؤولياتها في تنشئة الاجيال، حيث اصبح الواقع هو من يتحكم في النفس، ويوجهها حيث أراد، اما العبادات فلا أثر لها في التصرفات والعلاقات، وغياب مفهوم القدوة في الأسرة، فالولد الذي يلاحظ الأب يكذب لا يمكن ان يتعلم الصدق، ويرى امه تغش أخاه او تغشه هو، لا يمكن ان يعرف للأمانة سبيل، والبنت التي ترى استهتار الأم وقلة حيائها، فلا يمكن ان تدرك معنى الفضيلة.