35 عاماً مرت على ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 من مايو 1990م، هذه الوحدة التي كانت إحدى ثمار مراحل نضال طويلة خاضها أحرار اليمن في شماله وجنوبه.. فكانت الوحدة حلم وهدف من أهداف ثورتي ال26 من سبتمبر وال14 من أكتوبر المجيدتين، وجاء تحقيقها ليكون انتصاراً لإرادة الشعب التي كانت المحرك الأساسي لتحقيق هذا الحلم وتحويله إلى واقع. - عبدالحميد الحجازي ومرت الوحدة اليمنية بالعديد من المحطات والاتفاقيات الهامة التي بدأت باتفاق تعز في نوفمبر 1970م، الداعي إلى إقامة اتحاد فيدرالي بين الشطرين، ثم اتفاقية القاهرة في 13 سبتمبر 1972م، وانتهاءً باتفاقية صنعاء في 4 مايو 1988، وما تلاها من مفاوضات واتفاقات كان من نتائجها إعلان الوحدة الاندماجية وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م. ممارسات المحتل الوحدة اليمنية واجهت العديد من المؤامرات قبل تحقيقها، بدءاً من الاستعمار البريطاني الذي اقتطع جزءاً من الأرض اليمنية وأطلق عليها الجنوب العربي، واستمر في احتلالها قرابة 129 عاماً، ولم يرحل في ال30 من نوفمبر 1967م إلا وقد عمق التشطير ودعم استمراره وأوكل إلى الأنظمة التابعة له في المنطقة ومنها النظام السعودي عرقلة أي تقارب بين شطري اليمن للوحدة، وقد ظهر الدور السعودي التآمري من خلال تأجيج الصراع ودعم الاقتتال بين اليمنيين وشراء الولاءات القبلية والسياسية وإيجاد مراكز نفوذ تعمل لصالح عرقلة أي تقارب لإعادة الوحدة.. ومنذ العام 2015م وطيلة العشر السنوات الأخيرة التي شهد فيها اليمن عدواناً سعودياً وإماراتياً بدعم لوجستي من أمريكا وبريطانيا، تكشفت مشاريع التمزيق والاستهداف للنسيج الاجتماعي اليمني في أجندة دول العدوان التي فصلت أجزاءً من اليمن وأخضعتها للاحتلال والإشراف المباشر خصوصاً المحافظات الجنوبية والشرقية، وبدأت أطماع السعودي تتضح في حضرموت والمهرة وأجزاء من شبوة، فيما سعى الإماراتي إلى ترسيخ احتلاله في عدن وسقطرى، وعمل كليهما بصورة مباشرة وغير مباشرة على تعميق دعوات فك الارتباط والكراهية بين أبناء اليمن الواحد، وترحيل أبناء المحافظات الشمالية من عدن وغيرها من المحافظات، إلى جانب تتفيذ عمليات الاغتيال شملت شخصيات اجتماعية وعلماء وسياسيين واعلاميين، وممارسة الإخفاء والسجن لكل من ينتقد أعمال المحتل السعودي والإماراتي وتوجهاته، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل عمد المحتل إلى إنشاء مليشيات عسكرية قمعية تابعة له تحت مسمى النخب بقصد تأجيج الاقتتال بين اليمنيين، وترسيخ واقع الانفصال من خلال ماسمي بالمجلس الانتقالي المدعوم والمسيطر عليه إماراتياً، وكذلك تنفيذ مسرحية الصراع بين السعودي والإماراتي التي نفذها بالوكالة مقاتلو الانتقالي وحزب الإصلاح ونتج عنها العديد من المواجهات الدامية. تدهور الأوضاع لم يكتف المحتل السعودي والإماراتي بتغذية الاقتتال والصراع بين اليمنيين، بل رافق ذلك نهب منظم للثروات والاستحواذ على الإيرادات، والاستمرار في الممارسات التعسفية ضد أبناء المحافظاتالمحتلة والزج بالمناهضين منهم في السجون السرية، ودعم فساد حكومة الارتزاق والانتقالي، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتدهور قيمة العملة مما أثر على مقومات المعيشة الضرورية كالماء والكهرباء والصحة والتعليم، بالإضافة إلى انعدام الأمن وانتشار جرائم القتل والمخدرات والجرائم الأخلاقية الأخرى. النضال مستمر نضال اليمنيين ومواجهتهم للمحتل الإماراتي والسعودي مستمر، وكذلك التصدي للعدوان الأمريكي والصهيوني ومشاريع التجزئة التي باتت تمول منهم بشكل مباشر، ولن تتوقف هذه المواجهة حتى يتم تحرير كامل الأرض اليمنية، وهذا ما أكده قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في أكثر من خطاب، وكذلك أكدته القيادة السياسية، بأنه لا يمكن المساس أو التفريط بالوحدة اليمنية، وأن اليمنيين سيقفون صفاً واحداً ضد مؤامرات التمزيق ودعاة الانفصال. وأشارت القيادتين الثورية والسياسية إلى أهمية معالجة أي أخطاء أو تجاوزات أساءت إلى جوهر الوحدة، ومعالجة القضية الجنوبية بكل جزئياتها وتفاصيلها، لاستعادة الوحدة اليمنية لألقها وبريقها. داعين في ذات الوقت أبناء المحافظاتالمحتلة، ومعهم كل أبناء الشعب اليمني إلى مواصلة النضال والتصدي للمحتل السعودي والإماراتي، رعاة مشاريع الانقسام والانفصال والتشظي في اليمن، ومن دار في فلكهم، ليتسنى لشعبنا الحفاظ على هذا المنجز التاريخي الهام. تنامي الوعي بات أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية يدركون حقيقة الشرعية المزعومة التي أوصلت اليمن إلى ما هو عليه اليوم، وأهداف التدخل السعودي والإماراتي وأطماعهما ومشاريعها في اليمن.. وتأكيداً لتنامي هذا الوعى خرجت العديد من المظاهرات التي شاهدتها المحافظاتالمحتلة، يحركها سوء الأوضاع الاقتصادية وتمادي المحتل في ممارساته التعسفية، فكانت مطالب تلك المظاهرات التي اعتبرها البعض شرارة الثورة ضد المحتل ومرتزقته، مطالب تحررية وثورة شعبية ضد السعودي والإماراتي.. كما أكد الخروج المستمر للاحتجاجات والمظاهرات، والتي منها المظاهرة النسائية في مدينة عدن الأسبوع الماضي، وتواصل تلك المظاهرات بشكل شبه يومي، أنه لن يكون بمقدور أية قوة قمع إرادة الشعب اليمني، وحقه في العيش الكريم شعبناً موحداً مستقراً، ولعل قادم الأيام ستكون شاهدة على عنفوان الإرادة اليمنية، وتحولها إلى ثورة مسلحة تواجه العدوان والاحتلال وكل أطماعه ومخططاته التي تستهدف وحدة اليمن وأمنه واستقراره.